صحيفة اليوم

تطلعات

إذاً فالنصف الأول جلب للخزانة العامة أموالا أكثر مما في تقديرات الميزانية، وهذا أمر يدعو للارتياح، رغم ان التقديرات في الأساس كانت محافظة. ورغم انه قد بقي من العام المالي نصفه، كما بين وزير المالية في تصريحه هذا الأسبوع.. فمحل الاهتمام هو ان يبقى الانفاق في حدود التقديرات، لتحسين فرص تحقيق فائض، فتلك هي الوسيلة الأنجع للسيطرة على الدين الداخلي، من باب "داوها بالتي هي الداء" فقد نتج الدين الداخلي عن تتابع عجز الميزانية عاما بعد عام، اذاً فانتهاء العام المالي بدون عجز يعني تلقائيا ان أصل الدين لم يزد. وفي حال اقفال دفاتر العام بفائض في الميزانية سيساهم في سداد جزء من رصيد الدين والتخفيف من الضغط عن العام المالي القادم حتى لا ينتهي بعجز في ميزانيته. باختصار فالهدف المهم هو السعي لانهاء الأعوام المالية لعقود عديدة قادمة نظيفة من أي عجز. وهذا يعني عمليا اللجوء لميزانية صفرية تتحكم فيها الإيرادات بالمصروفات وليس العكس، ليصبح أقصى ما يمكن السماح بانفاقه هو إيرادات العام ليس أكثر، وبذلك تقفل دفاتر العام متوازنة. يبقى التنويه الى ان الميزانية الصفرية ليست اختراعا جديدا بل تعود الى عهد الرئيس الأمريكي كارتر، عندما كانت مخاوف تضخم العجز في الميزانية والدين العام قد أخذت مداها وأصبحت حديث كل بيت ومكتب هناك. كما "الإرهاب" او "الرهاب" في أيامنا هذه.وحتى لا يستأثر النصف الأول من العام بالحديث، لعل من المفيد بيان ان ايرادات الخزانة العامة قد تصل لحدود 225 مليار ريال، أي بتراجع طفيف (نحو خمسة مليارات) عن ايرادات العام الماضي (230 مليارا). وفي حال تحقق هذه الإيرادات فهذا يعني ان يقفل العام بفائض نحو 23 مليار ريال، حيث كانت وزارة المالية قد قدرت بداية العام الإيرادات بمبلغ 157 مليارا مقابل مصروفات قدرتها 202 مليار ريال. والمقترح هنا الالتزام في هذا العام بتقديرات الميزانية من حيث المصروفات، لتبقى في حدود 202 مليارا، وبذلك يقفل العام المالي بدون عجز. وفي حال تبني خيار الميزانية الصفرية، تصدر ميزانية متوازنة تتساوى فيها المصروفات مع الإيرادات، وفي حال تحقق فائض يذهب الى الاحتياطي وفي حال قصور الإيرادات عن التوقعات فلا يقترض مال لتغطية عجز بل يفعل احد خيارين: اما هبوط المصروفات بنفس القدر لتنتهي الميزانية الفعلية متوازنة، وهذا مطلب تقشفي صعب. والخيار الثاني السحب من الاحتياطي المشار اليه آنفا في حال توافر المال لديه.