انتفاضة الأقصى تدخل عامها الثالث بمزيد من الإصرار على تحرير الوطن
بدأ الفلسطينيون في تسيير مظاهرات في أنحاء شتى من الضفة الغربية وقطاع غزة بمناسبة مرور عامين على انطلاقة انتفاضة الأقصى. وقال مراسل الجزيرة في غزة إن الاستعدادات لانطلاق هذه المسيرات بدأت من ساحة ميدان فلسطين باتجاه مقر المجلس التشريعي، مشيرا إلى أن اللجنة الفلسطينية العليا للمتابعة دعت إلى إضفاء الطابع الشعبي للانتفاضة وعدم لبس اللثام وحمل السلاح.وكانت مسيرات قد خرجت الجمعة في رام الله وتوجهت إلى مركز المدينة متحدية حظر التجول المفروض هناك. كما نظمت الحملة الشعبية الدولية لحماية الشعب الفلسطيني بالتعاون مع الفلسطينيين داخل الخط الأخضر ومع أنصار السلام من الإسرائيليين تظاهرة عند حاجز قلنديا العسكري احتجاجا على مواصلة قوات الاحتلال حصارها لمقر الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، غير أن الجنود الإسرائيليين حالوا دون وصولهم إلى رام الله.ميدانيا سقط شهيدان أمس برصاص قناص إسرائيلي في حي السلام قرب رفح جنوبي القطاع. في وقت استهلت الانتفاضة الفلسطينية عامها الثالث وسط ظروف أكثر تعقيدا . أشدها قسوة هي عمليات القتل والتجويع التي تعرض لها الشعب الفلسطيني والحصار المضروب على رئيسه عرفات. وكلها تحديات يرى الفلسطينيون أنها لا تترك خيارا سوى الانتفاضة.. حيث أصيب الشهيد سامي عطا الله عبد العال (25 عاما) وهو من كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح في صدره برصاص أطلق من دبابة إسرائيلية في حي السلام قرب رفح جنوبي القطاع.. كما استشهد فتى فلسطيني برصاص الجيش الإسرائيلي أثناء مواجهات وقعت مع شبان فلسطينيين قرب مدينة دير البلح وسط قطاع غزة.وكانت انتفاضة الأقصى بدأت قبل عامين بتحرك شعبي شامل عقب زيارة استفزازية قام بها رئيس الوزراء الحالي أرييل شارون - الذي لم يكن في السلطة آنذك- إلى المسجد الأقصى في 28 سبتمبر 2000عانى الفلسطينيون خلالها الويلات جراء العقوبات الجماعية التي فرضتها حكومة الاحتلال.لكن الفلسطينيين تحملوا تبعات الانتفاضة التي تمثلت في تدهور الأوضاع الاقتصادية والصحية والأكاديمية.. ومازالوا متمسكين بخيار المقاومة بجميع أشكالها.تأهب إسرائيليفي هذه الأثناء توعدت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس برد موجع على محاولة اغتيال أحد قيادييها محمد الضيف والتي استشهد فيها اثنان من عناصرها. وقالت الكتائب في بيان صدر أمس إن الضيف أصيب إصابة خفيفة وهو بخير وبصحة جيدة. ويأتي ذلك في وقت قررت فيه إسرائيل الاستمرار في وضع أجهزتها الأمنية في حالة تأهب قصوى في ذكرى الانتفاضة التي دخلت عامها الثالث اليوم. ونشرت سلطات الاحتلال الآلاف من رجال الشرطة والجنود في المدن الكبرى وخصوصا في المراكز التجارية ومحطات الحافلات، كما عززت من الحواجز على الطرق الرئيسية وعلى طول الخط الأخضر الذي يفصل بين الضفة الغربية وإسرائيل. وقال المتحدث باسم الشرطة الإسرائيلية جيل كليمان إنه سيتم الإبقاء على هذا المستوى من حالة التأهب عدة أيام تحسبا لوقوع هجمات أثناء الاحتفال بالذكرى الثانية لاندلاع الانتفاضة الفلسطينية.حصار عرفاتوعلى الصعيد السياسي دعا مجلس الأمن الدولي إسرائيل إلى رفع الحصار الذي تفرضه على مقر الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في رام الله. وبعد مشاورات استمرت أكثر من ساعة ونصف في جلسة مغلقة لأعضاء المجلس فجر أمس, أدلى السفير البلغاري ستيفان تافروف الذي يتولى الرئاسة الدورية للمجلس بإعلان مقتضب للصحفيين طالب فيه بالتطبيق الحرفي للقرار 1435 . وكان هذا القرار اعتُمد فجر الثلاثاء الماضي بعد 16 ساعة من المشاورات والنقاشات العلنية التي جرت بطلب من المجموعة العربية. ويطالب هذا القرار الذي اعتمد بـ14 صوتا بعد أن أحجمت الولايات المتحدة عن التصويت، يطالب إسرائيل بوضع حد على الفور للإجراءات التي اتخذتها في رام الله ومحيطها. كما دعا إلى انسحاب القوات الإسرائيلية بسرعة من القرى الفلسطينية وعودتها إلى المواقع التي كانت تشغلها قبل سبتمبر/ أيلول 2000. وكان أحد كبار المسؤولين الإسرائيليين قد صرح لوكالة الصحافة الفرنسية طالبا عدم ذكر اسمه إن الأمم المتحدة يمكن أن تطلب ما تريد فإسرائيل ستواصل عمليتها حتى تحقق أهدافها . وقال المندوب الفلسطيني في الأمم المتحدة ناصر القدوة إنه تجري دراسة إمكانية طلب اجتماع عاجل لمجلس الأمن الاثنين المقبل لمحاولة اعتماد قرار يعالج فقط عدم احترام إسرائيل قرارات الأمم المتحدة.الحصار يهدد السلامفي سياق آخر دعا وزير الثقافة والإعلام في الحكومة الفلسطينية المستقيلة ياسر عبد ربه، إلى تحقيق أعلى درجات الوحدة بين الفلسطينيين في ظل الحصار الذي تفرضه قوات الاحتلال. وأكد صعوبة إجراء إصلاحات في مؤسسات السلطة في ظل هذا الحصار.. كما قال مبعوث الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط تيري رود لارسن إن الحصار الإسرائيلي لمقر الرئيس عرفات يمكن أن يصبح بداية النهاية لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني على أساس وجود دولتين، وقال لارسن إن الحصار الإسرائيلي المستمر لمجمع الرئاسة بمدينة رام الله في الضفة الغربية يعرقل الإصلاحات الداخلية الفلسطينية التي يساندها المجتمع الدولي.وأضاف: إذا طال الحصار فيحتمل أن يقوض جهود الإصلاح. وسيزيد من تداعي المؤسسات الفلسطينية ويقوض القليل المتبقي من السلطة المركزية، مشيرا إلى أنه بدون سلطة مركزية فنحن نسير على طريق تدمير الدولة لا إقامتها .وقال لارسن إن وزير المالية الفلسطيني سلام فياض الذي يعتبره أحد أبرز رواد الإصلاح ضمن المحاصرين مع عرفات مستطردا إنه كان ينبغي أن يعكف فياض على النظر في كشوف الحسابات بدلا من النظر إلى مدافع الدبابات الإسرائيلية، وكان يجب أن يجلس خلف مكتب لا خلف أسلاك شائكة . يشار إلى أن رود لارسن نرويجي شارك في المفاوضات السابقة على اتفاقيات أوسلو للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين عام 1993.انحياز أمريكيو قال دبلوماسيون عرب في الأمم المتحدة أن ميشيل وهبي مندوب سوريا لدى المنظمة الدولية طلب بناء على رغبة المجموعة العربية من المجلس خلال اجتماع مغلق استدعاء مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة وإبلاغه بضرورة احترام رغبات المجلس.لكن مجلس الأمن أصدر مناشدة مهذبة بعد أن حالت الولايات المتحدة دون تقريع إسرائيل لتجاهلها توجيها من المجلس يطالب بإنهاء حصارها للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. جاءت المناشدة في بيان يدعو إلى التنفيذ الكامل لقرار مرره المجلس يوم الثلاثاء الماضي يطالب بإنهاء إسرائيل حصارها لمجمع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في مدينة رام الله بالضفة الغربية. ولم يتضمن البيان الذي صدر أمس الأول والمؤلف من 11 كلمة أي إشارة إلى إسرائيل أو الفلسطينيين. في هذه الأثناء ذكرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون أرسل مدير مكتبه إلى واشنطن للبحث في الحصار المفروض على مقر عرفات. وأوضحت الصحيفة أن دوف ويسغلاس سيلتقي مستشارة الأمن القومي الأمريكي كوندوليزا رايس ليشرح لها أن محاصرة مقر عرفات سيُرفع عند إيجاد حل لمسألة الفلسطينيين المتحصنين في داخله، وتطالب إسرائيل باستسلامهم.