70% مما يصدر من روايات وقصص دون المستوى!
الدكتور الطاهر مكي أستاذ الأدب والنقد والأدب المقارن بجامعة القاهرة أحد النقاد المجيدين والمتميزين ليس في التنظير الادبي فحسب ولكنه له اسهامه الواضح في مجال النقد التطبيقي وهو يتابع عن كثب الأعمال الأدبية التي تنشر وكذا المجلات الثقافية على مستوى العالم العربي بل ويتابع من خلال ثقافته الأجنبية بعض الآداب العالمية مثل الأدب الإنجليزي والفرنسي كما يتابع الأدب الأسباني بشكل خاص. ويترجم عنه وهو حاصل على جائزة الملك فيصل العالمية في الادب"اليوم الثقافي" التقت مع الدكتور الطاهر مكي لرصد رؤيته النقدية لواقعنا الأدبي المعاصر وفي تحليله لهذا الواقع ليكون هذا التحليل بمثابة شهادة يسجلها الأديب والناقد الكبير لنضعها أمام المسئولين عن الثقافة والمشتغلين بها في عالمنا العربي.. الحوار الشهادة@ نريد ان تسجل شهادتك وقراءتك النقدية لواقعنا الادبي بمختلف مناحيه خاصة في الالفية الجديدة ماذا تقول فيها؟- اولاً اشكر جريدة "اليوم" على اتاحة الفرصة لي لاعبر عن رأيي ولن اجاملك ولن اجامل واقعنا الادبي ولن اجامل نفسي ايضاً، الواقع ان الذي يخلق الحركة الادبية وينميها ويرتفع بها عوامل متعددة اولها الادب نفسه واعني به الابداع فلكي يكون هناك ناقد جيد لا بد ان يكون هناك مبدع جيد ولن اجامل فـ 70% مما يصدر الان من روايات وقصص دون المستوى، سهولة النشر تحت ستار التشجيع ننشر كل ما يصل الى ايدينا وتكون النتيجة ان الكتاب والمبدعين لا يجيدون عملهم ولا يأخذون بالاسباب التي ترتفع بأدبهم ولا يعانون فليس هناك ابداع جيد دون معاناة حقيقية، اما عالم الشعر فمختلف تماماً فهناك قدامى الشعراء والاجيال التي تنتمي الى اجيال سبقت وهؤلاء عزلهم الاعلام عن الجمهور لان العملة الرديئة سيطرت على السوق وما يقال الان تحت عنوان شعر ليس شعراً ولا فيه رائحة الشعر، باسم التجديد وباسم الحداثة وباسم ما بعد الحداثة دمر الشعر العربي تماماً وبدأ الناس يكتبون كلاماً لا يخضع لاي لون من الوان الموسيقى وفي البدء سموه الشعر الحر ثم سموه شعر التفعيلة ثم عادوا وقالوا التفعيلة لا ضرورة لها حتى انتهينا الى قصيدة النثر واصحابها يعتبرون اصحاب شعر التفعيلة جاهلين لا يستحقون ان يقرأ شعرهم وما دام هو نثرا فلماذا نسميه قصيدة هذا جاء من جهلنا بتاريخنا الادبي فبعض المحدثين من الشباب يتصورون ان المجد كله في الشعر ونسوا ان النثر له امجاده ايضاً فالمتنبي ليس اكثر شهرة من الجاحظ والمعري ليس اكثر شهرة من ابي حيان التوحيدي وفي العصر الحديث الشبان لا يعرفون ان المنفلوطي كان اشهر من شوقي وانه اذا كان ديوان شوقي طبع عشر مرات فاعمال المنفلوطي طبعت مائة مرة فمن الممكن ان تكون مشهوراً وناثراً، لكن الحق ان كتابة النثر الجيد اصعب من الشعر الجيد حتى الشعر العمودي.@ كيف يكون ذلك؟- الشعر العمودي ممهد وله قواعد وله (نوتة موسيقية) وما عليك الا ان تجيد وتتقن هذه القواعد ثم تبدع. اما النثر ليس له قواعد وتنوع الان من رواية وقصة الى مقالة الى نثر مرسل ويحتاج مع الشكل للافكار بخلاف الشعر فهو موسيقي وتأتي بعد ذلك الافكار، وهذا ما جعل بعض الراغبين في الشهرة الى الكتابة باسم الشعر والخروج على التقاليد فلكي يكتب رواية يحتاج الى زمن طويل بخلاف ما يسمونه قصيدة. لان عندما يخرج عن التقاليد وعن الثوابت يحدث ضجيجاً ويطفوا على الساحة وليس مهما لدى هؤلاء ان ينتشروا اعلامياً لسنتين او ثلاث وبعد ذلك تنحسر عنهم الاضواء وبالفعل فالذين كانوا يملأون الساحة منذ ثلاثين عاماً لم يستمر ادبهم وانا لا اريد ان اعطي اسماء لان هذا ينقل القضية من الفكرة والمبدأ الى الصراع الشخصي فلو راجعت وضع الذين كانوا يتزعمون قضايا الشعر الحر منذ 30 سنة تجدهم لا مكان لهم اما الذين كانوا يقولون الشعر الحقيقي وان لم يأخذوا حظهم من الاعلام مع الزمن يزدادون تألقاً، وبالتالي استطيع ان اقول ان الحركة النقدية باهتة وخافتة لانه ليس هناك ابداع يفجر في النقاد قضايا تستحق المناقشة.. هناك شيء آخر ينبغي ان اذكره بامانة ان الناقد لا يجد الصحيفة التي تعطيه الفرصة والمساحة التي يقول فيها الرأي النقدي واضحاً، فأنت مع الصحيفة بين امرين اما ان تكون الصحيفة متعاطفة مع المبدع وقد ترفع شعار حرية الرأي فتعطيك مساحة صغيرة او قد تكون غير متعاطفة مع المبدع فترى ان نقدك مجامل وفي كلا الامرين النقد كالابداع اذا فيه صاحبه لا يخدم لا المبدع ولا المناخ الثقافي ولا الحياة الادبية.تراجع الادب@ من خلال كلامك ارى ان الحركة الادبية في تراجع وضعف فهل واقعنا المعاصر والاحداث المتوالية من احتلال لفلسطين ثم العراق وانتفاضات الا تحرك هذه الاحداث الجانب الابداعي لدى الاديب وقد نعلم ان مثل هذه الاحداث من عوامل ازدهار الادب؟- هذا سؤال جيد جداً لكن لا بد ان يسبقه سؤال اهم، ما مساحة الديمقراطية التي تتمتع بها بيئاتنا الثقافية في كل بلد عربي؟ العادة ان يكون الادب انعكاسا لواقع الحياة لكن حياتنا سيئة فاذا قلت رأيك وانفعلت به فهناك الف تهمة تنتظرك فالاعلام الان يدرس نفسية الجماهير والمثقفين ويتوجه الى الجمهور بعلم والمواطن لا يملك الوثيقة التي يتوصل بها الى الحقائق ومن قضايانا الان بالنسبة للمبدع الجاد الاعلام يقف موقف المحايد، والان مع الفضائيات الكثيرة لا توجد الرقابة ولكن لا ننسى ان هذه الفضائيات لا يعنيها ان نعرف الحقيقة كما لا يعنيها ان نصل الى ما وراء ما يقال لنا واعطي مثلاً لهذا وهو لـ BBC عندما قامت باستطلاع حولها اشاد بها اناس كثيرون منهم مثقفون وسياسيون واعتبروا انها من اخطر الاذاعات لانها لا تكذب ولكنها تعطي نصف الحقيقة وقد يكون هذا اخطر من الاكذوبة لانني اتبينها اما الحقيقة المجهولة فمن اين اعرفها كما انها تسعى الى احداث الشقاق بين الدول العربية فمثلاً عندما تقول جاءنا رسالة من المستمع الفلاني من دولة كذا ويسأل عن واقعة كذا فهذه الواقعة تكون غالباً انتهت ولكنها تحيي النزاعات وتؤججها وهذا واضح في سياستها وفي الاربعينيات من القرن الماضي كانت تقدم برامج الاغنية العربية اما الان فتقدم برامج مثل اغان من العراق من ليبيا من مصر من السعودية من الكويت فتثير النزعة القبلية والشعوبية ونحن غافلون عن هذا، الاعلام الاجنبي لسنوات طويلة مع قضية فلسطين وصارت قضية الشرق الاوسط.سهولة النشر@ ذكرت ان انتشار هذه الموجة من الادب الذي لا نستطيع ان نسميه ابداعاً حقيقياً ان سببها سهولة النشر فدعني اختلف معك لاننا لدينا ازمة نشر تواجه كثيرا من المبدعين الحقيقيين؟- هؤلاء الذين لا يملكون النشر لانهم ليسوا مدعومين ولا مسنودين، فالادب الجيد يبدعه مبدع عظيم يحترم نفسه لا تنتظر منه ان يقف بالابواب، الذين يقفون بالابواب هم الذين يكتبون كلاماً فارغاً ليس صحيحاً ان النشر صعب، النشر صعب بالنسبة للجيدين فقط، فأنا اقرأ كل يوم عند باعة الصحف روايات جديدة وكتبا جديدة والهيئة المصرية العامة للكتاب تصدر سلاسل كثيرة والمجلس الاعلى للثقافة يصدر سلاسل ولكن نجد تمييعا للامور فتجد على الكتاب اسم رئيس مجلس الادارة واسم رئيس التحرير ومدير التحرير وهيئة كاملة، احمد حسن الزيات كان يصدر "الرسالة" اسبوعية وهو رئيس التحرير وهو المسئول عنها وليس معه احد غير مصحح البروفات، اما الآن تجد اسماء كثيرة على الكتاب دون داع وهو افسد العملية ايضاً كذلك ما مدى قربك من السلطة؟ عامل اساسي في النشر فمثلاً ثلث ما صدر عن الهيئة العامة للكتاب في مصر لصحفيين فما الذي جعل هؤلاء كتابا ومؤلفي كتب رغم انهم يكتبون في صحفهم مع ان هؤلاء لو كان لكتاباتهم محتوى لاستطاعوا ان يجدوا لها ناشراً، كما ان كثيرا من الروايات ليس فيها عناء ومع ذلك تنشر ورخيصة الثمن.أدوات الكتابة@ لو اردنا تحديد الادوات التي تروج للكتابة الادبية هل نجدها متوافرة؟- عندما نقول ان الادب عملية لغوية فالاساس اللغة ولا بد ان نعترف ان مستوى تعليم اللغة في مدارسنا قد هبط هبوطاً شديداً، لو راجعت الكتب التي تدرس الان تجدها هبطت تحت اسم السهولة نال القائمون على الامر الى السهولة والتسلية وهما (سم الثقافة) فليست الثقافة سهلة بل هي معاناة عندما تفكر وعندما تكتب وعندما تجرب الحياة لاننا لا نأخذ الثقافة من الكتب وحدها بل من الحياة ايضاً فلا بد من متابعة ما يجري حولنا ونشغل به ونتأمله ونفكر فيه ولم يعد الناس يتأملون فيما حولهم ولكن للحق ايضاً اقول ان لدينا طلائع لما يمكن ان نسميه بدايات ثورة ادبية وهذه البدايات اجدها في القلق الذي المسه عند كثير من الشبان والقلق هو الخطوة الاولى الى الابداع. المح الان بدايات قلق بين الشبان المبدعين وبين المبدعين الذي تكونوا واستطابو عبر سنوات مضت ثم تبين لهم ان الرضا لم يقدهم الى شيء نافع ولم يجعلهم يتركون بصمات لابداعهم على زمن ما فبدأوا يراجعون مواقفهم.النقد الادبي@ ألم يلعب النقد الادبي دوراً في تقويم هذا الوضع؟- نعم لعب دوراً ولكن النقاد كانوا ثلاثة اقسام قسم تقدمت به السن وتعب فآثر الصمت وانزوى، وقسم ركب الموجة فعندما قالوا الحداثة قالوا نعم ولم يستطيعوا حتى الان ان يقدموا لها تعريفاً، وبعض الاتجاهات تشككني مثل الهجوم على التراث والهجوم على كل منجزاتنا منذ الف عام ونصف والتبشير باشياء ليس لها اثر في حياتنا، وبعض هؤلاء هيئات اجنبية في الخارج اليس داعياً للشك ان كاتبا يتطاول على كل مقدساتنا فاذا حوكم تأتيه اعانة من الخارج 30 الف دولار أليس داعياً للشك ان كل الذين يتطاولون على تراثنا يجدون ملجأ بالخارج واعلاما يلقي عليهم كثيراً من الاضواء ما داموا يفيدون، فمثلاً سلمان رشدي اين هو الان، بعد ان سلطت عليه الاضواء، بينما الناس المبدعون الحقيقيون لا يجدون هذا، فبعض هذه الدعاوى وراءها اتجاهات مشبوعة خارجية والذين يقومون بها بعضهم مغفل لا يعرف وبعضهم سيىء النية اذا مطلوب من الناقد الجاد الا يجامل.تحيز النقد@ هناك اتهام للنقاد بانهم غالباً ليسوا منصفين؟- طبعاً لان الناقد بشر ولكن في كل الحالات لان يعطيه الحرية في ان يكتب وتعطي الحرية لغيره في الرد عليه هذا هو الذي يحرك الحياة الادبية وهذا ما كان في مصر في الاربعينات وكان بين الادباء صراعات وخصومات ويكفي ان نقرأ كتاب (على السفود) لمصطفى صادق الرافعي عن العقاد، تشعر انه كان هناك عنف وكان الرافعي تستطيع ان يقول هذا الكلام بأسلوب اخف ولكنه قاله ونشره في مجلة العصور التي كان يصدرها اسماعيل مظهر فلا خطر في ان يكون النقد الادبي حاداً وعنيفاً ولكن بشرط اعطاء وجهة النظر الاخرى.مدخل@ لك دراسة عن الشعر والجمال دعني اجعلها مدخلاً لظاهرة نراها تطفو على الساحة الشعرية الان خاصة الشعر الغنائي حتى صار الشعر الذي يعني رديئاً لدرجة كبيرة ولا معنى له فما تحليلك لهذه الظاهرة؟- عندما نقول ان الوضع الثقافي متدهور معناه انه متدهور في كل الساحات والحياة الانسانية لامه من الامم كالجسم الانساني عندما يعطب فيها جزء يختل الجسم كله وهذا مع الاسف الشديد يجعلني في بعض الاحيان اصاب باليأس. دراسة@ لك دراسة بعنوان التراث والحداثة في فكر طه حسين.. فنريد ان نقف عند طه حسين وما تلاه الى اي مدى ساهم هؤلاء من دعاة التغريب الى تراجع ثقافتنا؟- طه حسين لم يكن له مبدأ واحد، لكن نعترف له بشيء انه حرك الحياة الجامدة على ايامه فهو يثير من المشكلات اكثر من يعطي.طه حسين@ لماذا لم نأخذ الردود التي وجهت له حيزها في الانتشار؟- طه حسين كما قلت لم يثبت على رأي فهو لم يكن شعبياً ولا ديمقراطياً ففي العشرينات كان كاتب الملك وكان يحرر في جريدة الاتحاد وبعدها اصبح كاتباً لحزب الاحرار الدستوريين وهؤلاء هم حزب الصفوة ثم تعرض لقضية الشعر الجاهلي ثم رجع عنها ولم يعدلها مرة اخرى ثم بعد ذلك بدأ يكتب اسلاميات فكتب على هامش السيرة والديمقراطية في الاسلام والفتنة الكبرى وغيرها. وكان في البداية يدعو الى الاتصال باوروبا وفيما بعد دعا لتوثيق العلاقات الثقافية مع الدول العربية كان في الجامعة يحمل على وزارة المعارف فلما صار في الوزارة حمل على الجامعة، فهو رجل لكل الظروف لكن الذي جعله يطفو على الساحة انه احسن الاتصال بالصحافة مبكراً وكانت جهاز الاعلام الوحيد فهو وجد مكانه الى قلوب القراء، من ناحية اخرى لا بد ان نعترف بانه كان اوسع ثقافة من خصومه الذين واجهوه وكان اكثر تحرراً منهم مما اعطاه القدرة على مواجهتهم جميعاً ولكن لا نجد له فكرة معينة تعد نواة لتقدم حقيقي حتى مجانية التعليم التي دعا اليها افسدت علينا التعليم لانها فتحت الابواب للجميع في حين لا يوجد مدرسون فكل من حصل على اي شهادة عين مدرسا وكانت بداية لتدهور التعليم.انفتاح@ كباحث في الادب الاندلسي كيف ترى الرؤية على الانفتاح على الاداب والثقافات الاخرى هل تفيد ثقافتنا؟- نعم وهذا قديم فأي نهضة لا بد ان تقوم على ان تجيد ما عندك وان تعرف ما عند الاخرين وبلا حدود وان تقرأه في لغته افضل وان ترجمه وهذه مشروطة بالدقة في الترجمة لان جانبا كبيرا من الترجمات التي تنشر هذه الايام ايضاً دون المستوى فلا بد ان نعي ادب الاخرين ومع الاسف الشديد ورغم كل الضجة على الادب الاجنبي فنحن نقف معه عند جيل الاربعينيات عندما ترجمه محمد مندور ومحمد عوض ومحمد غنيمي هلال ثم بعد هذا الجيل من العمالقة لم يترجم شيء ذو بال.. محمد عناني@ لكن هناك مترجمين الان على الساحة ولهم جهد كبير مثل الدكتور محمد عناني وغيره؟- لكن الدكتور عناني لم يترجم كثيراً وهو من افضل المترجمين لانه يجيد الانجليزية وشاعر في اللغة العربية ومتمكن منها لكن كم عناني في مصر وفي الوطن العربي اذا كان هناك 10 مثلاً فلا يكفون والترجمة لا بد ان تكون جزءاً من حركة النهضة لكن لا بد ان تكون دقيقة لان الذي صد العرب في العصر العباسي عن الادب الاغريقي الترجمات السيئة والغرب ذواقون للادب فعندما وجدوا ما ترجم لا يفيد اعرضوا عنه ونحن الان نعاني كتبا نقدية كثيرة مترجمة ترجمة سيئة فهذه اضعفت الحركة النقدية لانهم عاجزون عن ترجمة المصطلحات او ايجاد مقابل لها في اللغة العربية فتجد كلاماً غير مفهوم ومصطلحات لا تعبر عن حقيقة الفكرة في اللغة الاصلية.الأدب المقارن@ نريد ان نتوقف معك ايضاً عند الادب المقارن بين الدول العربية والاسلامية ما تقييمك له الان وانت من اهم الباحثين فيه؟- عندما كنت في اوروبا فتنت بالدراسات الادبية المقارنة هناك ووجدت ان كتاب الادب المقارن المنهجي الوحيد هو الذي اصدره المرحوم الدكتور الغنيمي هلال وظهرت طبعته الاولى سنة 1952 ولم يمتد العمر بالغنيمي هلال ليكمله ووجدت انه وقف عند المدرسة الفرنسية وحدها على الرغم من وجود مدارس حديثة اخرى امريكية وايطالية والمانية من واجبنا ان نتعرف عليها وبعد قرابة 45 سنة من صدور كتاب الغنيمي هلال اصدرت كتاب الادب المقارن اصوله وتطوره ومناهجه واكملت فيه ما جد بعد الغنيمي هلال، وبعد الانتهاء من هذا الكتاب وجدت ان كل عملنا ان نقارن ماذا اعطانا الاجانب وما تأثيرهم فينا؟ كرد فعل بدأنا نسأل ما الذي اعطيناه لاوروبا؟ نحن لم نعطها الان ولكن اعطيناها في القرن الثاني عشر الميلادي والثالث والرابع عشر لان اوروبا قامت على ترجمة التراث العربي او التراث اليوناني الموجود في اللغة العربية وفقدت اصوله في لغته الاصلية وقد حفظ العرب للانسانية هذا التراث وقدموا له شروحاً وعلقوا عليه وقد كتبت مقالاً في مجلة وجهات نظر تحت عنوان عندما كانت اسبانيا تتكلم العربية فرصدت ما قدمه العرب في مجال المعمار وفي مجال الزراعة وفي الطب فالعرب قدموا الكثير. وبعد هذا سألت نفسي لماذا نعيش في الماضي؟ وماذا عن الحاضر؟ في اخر مرة لي في اوروبا قرأت كتاباً يقارن بين الاداب الكاثوليكية والادب المقارن يشترط منهجياً للمقارنة ان تكون اللغتان مختلفتين فالادب العربي لغة واحدة فلماذا لا نقارن بين الآدب الاسلامية المختلفة وهي متعددة اللغات وبين التراث عندنا في الاسلام ثوابت وهناك اشياء مختلفة كالوجدان والملبس وغيرها مما لا صله له بالعقيدة وهذه الاشياء تناولها كل شعب في ضوء تاريخه وثقافته وعاداته وكتبت كتابي الحديث في الادب المقارن وهي مقدمة في الادب الاسلامي المقارن ما هي الاشياء التي نجدها مشتركة بين الشعوب الاسلامية،فكل بلد اخذ هذا القصص وصاغه بشكل مختلف لو تركنا الجانب الديني نجد الموروث الادبي فنجد كل هذه الشعوب تكتب الشعر على نمط عروض الخليل ابو احمد ولكن بعضهم زاد بعض البحور والبعض اهمل بعض البحور الموشحات موجودة في كل اللغات الاسلامية رغم انها كانت في الاندلس العربي، البكاء على الاطلال فلماذا لا نقارن بين هذه الاداب وفي الادب الشعبي ايضاً مثل جحا الموجودة في كل الاداب الاسلامية وفي السواحلية يسمونه ابو نواس كما في عمان والخليج، ومجنون ليلى في كل اللغات ايضاً وميزة الادب المقارن انه يقوي الروابط بين الدول الاسلامية ويوجد تفسيراً لها ويعاون على التفاهم بين شعوبها وللحق فان جامعة محمد بن سعود في الرياض تهتم الان بالادب الاسلامي المقارن اهتماماً كبيراً وتدرسه ولا ادري اذا كان في جامعة الازهر ام لا؟ اتمنى ان يوجد.المجلات الثقافية@ هنا اود ان اتجه بالسؤال عن المجلات الثقافية العربية وقد المح من خلال الحوار معك انك غير راض عن مستواها؟- المجلات الثقافية الجيدة عندنا قليلة ومن اهمها "الهلال" في مصر ومجلة العربي كانت من اعظم المجلات العربية ولكنها في السنوات الاخيرة اراها تميل الى ما يمكن ان نسميه بالتسلية وتزجية الفراغ وان بعض الذين يكتبون فيها لانهم كتاب دائمون لا يهتمون بمقالاتهم كثيراً لانه سوف ينشر له في كل الاحوال والكتابة عملية صعبة فمع الاسف الشديد يأتي جانب كبير من مقالاتها الان سطحياً مع العلم انها كانت من اعمق المجالات ثقافياً خصوصاً في عهد الدكتور احمد زكي رحمه الله والان اقرأها ولكن لا استمتع بها كثيراً.مجلة العربي@ لكن مجلة العربي اكثر توزيعاً في العالم العربي؟- هذا يرجع لانها على ورق مصقول وطباعة ممتازة ومع ذلك فسعرها رخيص في حين تجد مجلة الهلال تطبع على ورق جرائد وغالية والانتشار بهذه الطريقة ليس دليلاً على جودة المادة المعروضة وهناك مجلات اخرى جيدة مثل مجلة (علامات) في النقد تصدر في جدة ولدينا مجلة فصول في مصر والذي قتلها المترجمون السيئون وكانت جيدة فلم يعد عندنا الان مجلة يقف عندها الان. كتاب مبدعون@ اود ان اقف عند النقاد والمبدعين في العالم العربي مع الدكتور الطاهر مكي؟- عبد العزيز حمودة، صلاح فضل وجابر عصفور والدكتور عبد اللطيف عبد الحليم من مصر ومن السعودية الغذامي على الرغم من شطحاته ومن الكتاب المجيدين محمد الرميحي سليمان والعسكري في الكويت اما المغرب العربي ورغم كل الصيحات فلا يوجد فيه نقاد على مستوى عال. المبدعون كثيرون في السودان الطيب صالح الروائي الرائع ولكن لا اعرف هل ادبه مترجم ام لا؟ وهناك كتاب مبدعون في القصة والرواية ففي الجزائر الطاهر وطار في بعض الشباب القصاص في تونس لديهم تقنيات القصة التي استفادوها من اللغة الفرنسية لكن اللغة العربية لديهم ليست جيدة ومشكلة الروائيين في مصر انهم لا يعرفون لغات اجنبية ويعتمدون على الترجمة وهي ليست كثيرة واذا وجدت فهي سيئة في حين ان الروائيين في تونس يقرأون على اللغة الاصلية وفي الكويت الابداع متميز الشعر فلديهم شعراء مجيدون ويسبق الشعر لديهم القصة والرواية التي تتميز في شمال افريقيا ولكن الشعر لا يزال فيه رونق الشعر العربي الاصيل ولديهم مجموعة من الشعراء الجيدين منهم خليفة الوقيان وغيره وقدمت دراسة عن الشعر في الكويت وفي السعودية ايضاً الشعر متميز فمن الشعراء المبدعين الفقي وحسن القرشي وغيرهما والذي اريد ان اقوله ان الصحف في السعودية والكويت رغم كثرتها الا انها تتميز في الاهتمام بالادب والثقافة مما يروج لابداعات كثيرة قد لا استطيع ان اتابعها بشكل جيد بخلاف دول اخرى لا تجد في الصحف المصرية مثلاً الاهتمام بالقضايا الثقافية بشكل دوري.