مسقط ـ الانترنت

النخلة.. عطاء بلاحدود

النخلة ليست كريمة فقط بثمارها الغنية ولكن بجذوعها وأغصانها وخوصها وأليافها التي تستخدم في الصناعات اليدوية التقليدية الناتجة والمعتمدة على مخلفات هذه الشجرة المباركة ذات الارتباط الوطيد بالإنسان العربي منذ القدم.وإذا كان سكان الخليج العربي قد استفادوا بكل جزء من النخلة التي دخلت في معظم تفاصيل حياتهم فقد استفاد العمانيون من سعف النخيل في بناء بيوتهم التي يطلق عليها اسم (برستي) والتي تتألف عادة من غرفة واحدة إلا انها تتكون من طابقين.وتشد هذه المباني الخفيفة بألياف النخيل لتوافر الظل الرطب في معظم فترات وفصول العام عندما يكون الجو حاراً نظراً لأن الهواء يدخل بين جدرانها، ويطلق عليها أيضاً العرشان والليواني اضافة للبرستي الذي يتسم بوجود برج تهوية يسمى البادجير ويشبه إلى حد كبير أبراج التهوية التقليدية التي كانت مستخدمة في منازل دبي والبحرين القديمة. ويكون سعف النخيل في مجالس الرجال مجرد عرائش لتقي الجالسين حرارة الشمس بينما تكون مفتوحة لهبوب النسيم. وخارج الدور المبنية بالمواد الثابتة في الباطنة وفي ركن من الحوش يقام المطبخ عادة من الدعون بالإضافة لاستخدامها كأسرة للنوم في الهواء بعد وضعها فوق جذوع النخيل. وتستخدم الدعون لتجفيف الفواكه كالتمور وثمار اللومي وأوراق التبغ. أما أوراق النخيل وبالتحديد "الخوص" فيصنع منها عدد كبير من الأوعية كالظرف أو الجراب التي تستخدم في تخزين وحفظ التمور، كما يستخدم جاني الثمار (الخراف) المبدع أو الزنبيل لوضع الرطب فيهما بالإضافة إلى القفير والمخرافة التي تكون مزركشة في العادة. أما الضميدة فتستعمل لتغليف كمية صغيرة منتقاة من التمور الجيدة لتقدم كهدية. وينطبق نفس الشيء على التغليفة التي تستخدم لتغليف كمية صغيرة من الحلوى العمانية.ومن الخوص يصنع الحصير متفاوت الأحجام ويسمى (السميم) بالإضافة إلى الأنواع الدائرية وتسمى العزاف أو السفرة وتكون مزخرفة. ويطلق اسم الثوج على السلال المصنوعة من الخوص، وتنقسم إلى جيبين كبيرين وتوضع على ظهور الدواب لنقل الثمار أو السماد أو التراب.ويستخدم الخوص الملون لصنع مراوح يدوية جميلة تسمى بالمهبة أو المهبوبة، وهناك الكثير من لعب الأطفال التي تصنع منها. أما الأغصان والتي يطلق عليها الزور أو الجريد فتستخدم في صناعة الدعون وهي عبارة عن قطع مختلفة الطول من الأغصان المنزوعة الخوص والمربوطة إلى بعضها بإحكام بحبال مصنوعة من الليف المجدول. وتسمى حياكة الدعون وربطها ببعضها بزفانة الدعون.أما العذوق وهي الاغصان الحاملة للثمار فتستخدم كمنافض ومكانس، ويستفاد من الألياف في صناعة حبال متينة لمختلف الاستعمالات، علاوة على استخدامها في تنظيف الأواني ولتقوية الطين أو الصاروج الذي يستخدم كالاسمنت في بناء المنازل التقليدية. ويسمى جذع النخلة في بعض مناطق عمان بالجريد ويستخدم بعد تقطيعه عادة إلى أربعة اجزاء كعوارض لأسقف المنازل الطينية والعرشان واسقف الافلاج، ويستخدم النحالون الجذوع المجوفة من الداخل لتربية النحل فيها، وكان المنجور المستخدم قديماً لاستخراج المياه من الآبار يعتمد على الجذوع في تركيبه.ومن أغصان (زور) نخلة أم السلة أو الشهلة تصنع في الباطنة قوارب صيد تقليدية تسمى (الشاشة). ويضيف: ان معظم الذين يعملون في هذه الصناعة من المواطنين الذين ورثوا المهنة عن آبائهم وأجدادهم.