مؤامرة هاليبرتون و قصة الـ' 2.4 ' مليون
يوضح كتاب "برنامج هاليبرتون" للناشر جون ويلي وأولاده ومؤلفه دان بريودي مؤامرة شركة هاليبرتون، وشركة كيللوج براون وروت التابعة لها. فهي قصة تضارب مصالح زاد حدها خلال السنوات العشر الأخيرة. إذ يكشف دان بريودي الستار عن الأسرار المحيطة بهذه الشركة التي كثر الجدال حولها، موضحا كيف أدى مزيج السياسة والأعمال إلى عقود وعمليات مريبة. هذا بالإضافة إلى المكاسب المالية الضخمة التي حققتها الشركة وكبار المديرين بها والشركات التابعة لها. أما علاقة الشركة بكبار الساسة والعسكريين الأمريكيين وعلاقتها ببعض الدول التي قيل أنها تمول الإرهاب، ثم العقد الحكومي بمبلغ ملياري دولار لإعادة إعمار العراق فيحدثنا بريودي بكل تفاصيلها الدقيقة، والتي تكشف الهوية الحقيقية لهذه الشركة الغامضة. وبذلك يفك المؤلف التشابك بين عديد من ألاعيب السياسة والسلطة وعالم الاقتصاد والمال والأعمال، موضحا أن هناك طرقا أخرى للنجاح غير تلك التي نعرفها. ولكن يظل السؤال: هل هو نجاح مشروع؟ وهل هي مكاسب مشروعة؟فخلال مناظرات الانتخابات الرئاسية عام 2000 سئل ديك تشيني عن النجاح المادي الذي حققه كرئيس لشركة هاليبرتون. فأجاب بأن الحكومة لم تلعب أي دور في ذلك، ولكن لم يصدقه أحد. فعلاقة هذه المؤسسة بالحكومة قوية للغاية، من عدة وجوه وجوانب. ويوما بعد يوم تتوثق الصلة بينهما أكثر من ذي قبل، حتى أصبحت الشركة هي المورد الأول للجيش الأمريكي. بنا المؤلف إلى بدايات المؤسسة أثناء الحرب العالمية الثانية، ثم حروب الصومال وفيتنام والبوسنة. ويجيب عن تساؤل يشغل بال الكثيرين، وهو: لماذا تتغاضى الحكومة الأمريكية عن تعامل الشركة مع دول مثل ليبيا وإيران اللتين تتهمهما الحكومة الأمريكية بتمويل الإرهاب؟ بالإضافة إلى استعراض قصة رشوة قدرها 2.4 مليون دولار دفعتها الشركة لموظف ضرائب نيجيري، وكذلك قصة تعديلها لأسلوبها المحاسبي دون إخطار حملة أسهمها. كما يتعرض الكتاب للاتهامات الحالية للشركة بأنها تزور في فواتير البترول العراقي المقدمة للحكومة الأمريكية. ليست هذه هي المرة الأولى التي يكشف فيها دان بريودي النقاب عن التعاملات السرية غير المستقيمة لإحدى الشركات. فقد أصدر من قبل كتاب "المثلث الحديدي" الذي فحص فيه تعاملات شركة كارلايل الاستشارية. وفي الكتابين يحاول بريودي أن يتحرى الموضوعية معتمدا على الحقائق والأسانيد الرسمية أكثر منه على الإشاعات والقيل والقال. لكنه لا يهدف من وراء ذلك إلى مهاجمة المؤسسة أو الدفاع عنها. بل إلى تقديم الحقائق وترك استخلاص النتائج للقارئ. كما يناقش المؤلف القضية الأخلاقية هنا، وهل يعتبر هذا النوع من النجاح القائم على الرشوة والفساد نجاحا حقيقيا، أم أن هناك اعتبارات أخلاقية لا تسقط أبدا؟ وهل معنى نجاح تلك الشركات والمكاسب الخيالية التي تحققها أننا عدنا إلى العمل بمفهوم الغاية تبرر الوسيلة؟ ويتساءل بريودي في نهاية الكتاب: هل يمكن أن تكون تلك الشركات وراء استمرار الحروب لأن ذلك من مصلحتها، خاصة في ظل وجود ديك تشيني كنائب للرئيس الأمريكي وكرئيس سابق للشركة، ومن أكبر المساهمين فيها؟ وهل هذا هو السبب في استمرار حرب العراق التي يرفضها كثير من الأمريكيين، وتستمر رغم ذلك؟ اختلفت الآراء بشأن هذا الكتاب ما بين مؤيد ومعارض. فمؤيدو ما جاء بالكتاب أغلبهم من أبناء الشعب الأمريكي الذين أرسل أبناؤهم إلى العراق مخاطرين بحياتهم وهم غير مقتنعين بتلك الحرب بالمرة. وهناك من يعارض هجوم الكتاب على الشركة، معتبرا ذلك نوعا من عداوة النجاح. ولكن الشيء الثابت هو أن هذا الكتاب يكشف الحقائق المختبئة ليكوّن كل منا رأيه على هدي الحقيقة، لا الأوهام. The Halliburton Agenda:The Politics of Oil and MoneyBy: Dan Briody288 pp. - John Wiley and Sons