برلين ـ د ب أ

منافسة شرسة تخفض من أسعار الانترنت فائق السرعة في أوروبا

يبدو أن حرب الاسعار المشتعلة حاليا بين شركات الاتصالات الاوربية على توفير خدمة الانترنت فائق السرعة المعروفة اختصارا باسم (إيه دي إس إل) للمشتركين لن تتوقف على الاقل في المستقبل القريب. فبعد أن كانت شركات الاتصالات الكبرى المملوكة للدول الاوروبية تعقد الامال على التوسع في تقديم خدمة الانترنت فائق السرعة لعملائها لتعويض الانخفاض الذي شهدته أعمال تلك الشركات في مجال خطوط الهواتف الثابتة جسد الهبوط الحالي لاسعار هذه الخدمة شبح تآكل أرباح تلك الشركات. وكشفت دراسة حديثة أجرتها مجموعة "بوينت توبيك" البريطانية والمتخصصة في سوق الانترنت فائق السرعة أن الشركات الكبرى في مجال توفير خدمة الانترنت فائق السرعة مثل البلجيكية "بلجاكوم" والفرنسية "فرانس تيليكوم" والهولندية "كي بي إن" والبريطانية "بي تي" خفضوا جميعا من أسعار تكاليف الاشتراكات الشهرية في النصف الاول من العام الجاري بينما أبقت كل من الالمانية "دويتش تيليكوم" والايطالية "تيليكوم أيطاليا" والاسبانية "تيليفونيكا" على نفس مستويات اسعار الاشتراكات في الربع الاخير من عام 2003 . وفي حالتي فرانس تيليكوم الفرنسية وبي تي البريطانية هبطت الاسعار بنسبة تزيد عن 25 في المئة وتجاوزت الهولندية "كي بي إن" تلك النسبة فخفضت من أسعار الخدمة بنسبة زادت عن 43 في المئة. ولم يتوقف الامر عند هذا الحد حيث تتعرض شركة بي تي البريطانية لضغوط حادة مجددا بعد أن أعلن جهاز تنظيم الاتصالات البريطاني أن أسعار خدمة الانترنت فائق السرعة مرتفعة جدا ومازالت هناك حاجة ملحة لخفض أسعارها لتتمشى مع أسعار الخدمة في دول آخرى. وعلى الرغم من تنامي المنافسة بين مقدمي الخدمة سواء من خلال خطوط الهواتف الثابتة (المودم) ومشغلى خدمة (دي إس إل) الانترنت فائق السرعة الذين خفضوا من أسعارهم بنسب تصل إلى 13 في المئة خلال النصف الاول من العام الجاري إلا أن الاشتراك في الخدمة مازال بصفة عامة مرتفعا مقارنة بأجزاء أخرى من العالم.وهذا على الرغم من أن أسعار الخدمة في بعض الدول الاوربية انخفضت كثيرا عن مثيلاتها في الولايات المتحدة. حتى بعد أن اتجهت شركة "تي دي سي" الدنمركية إلى تخفيض أسعارها ووفرت خدمة الانترنت فائق السرعة لمشتركيها مقابل أقل رسم شهري في أوروبا بلغ 39ر22 دولارا إلا أن هذا الرقم يظل مرتفعا مقارنة بشركة "شونجوا" التايوانية التي توفر لمشتركيها نفس الخدمة في مقابل 04ر12 دولارا شهريا. ويحذر هارون بات أحد كبار محللي مجموعة "بوينت توبيك" المتخصصة في دراسة سوق الانترنت فائق السرعة من التغيرات المتسارعة التي يشهدها السوق مشيرا إلى أن سوق الانترنت فائق السرعة أصبح أكثر نضوجا ومستخدميه لا يهتمون فحسب بالاسعار لكنهم يهتمون أيضا بالخدمات المقدمة إليهم. وبدأت تلوح في الافق مظاهر الضغوط على مشغلي الخدمة بعد المطالبات المتكررة من قبل المستخدمين بتوسيع نطاق الخدمات المقدمة مثل تطوير السرعات أكثر وتوفير خدمات خاصة لتفي بحاجة كل عميل على حدة مما يمهد لمزيد من الاعباء والتكاليف المادية على هذه الشركات. وفي نفس الوقت يقول المحللون إن سياسة العروض المجانية التي تنتهجها بعض الشركات من خلال التركيب المجاني وأجهزة المودم علاوة على خدمات أخرى من أجل زيادة حصتها في السوق من المحتمل أن تساهم في الحد من أرباحها على الرغم من الزيادة الملحوظة في عدد المشتركين. ويتزامن مع ذلك اتجاه مشغلي خدمات الهاتف الثابت إلى سوق الانترنت فائق السرعة بعد أن خفضت تلك الشركات من خدماتها التي تقدمها من خلال المودم بشكل لم يسبق له مثيل. وكمثيلاتها من شركات الاتصالات الكبرى الاوروبية بدأت شركة دويتش تليكوم الالمانية التحول من مجال التشغيل التقليدي لخطوط الهواتف الثابتة إلى ما يعرف بسوق تكنولوجيا "الموجة الجديدة" مثل الانترنت الفائق السرعة تعزيزا لامكانيات نموها. وتحذو الان دويتش تليكوم حذو فرانس تليكوم ثاني أكبر شركة اتصالات في أوروبا للتقريب من مستوى أعمالها في مجالي الخطوط الثابتة والانترنت فائق السرعة. وكمؤشر على نجاح شركات الاتصالات في التحول من مجال الخطوط الثابتة إلى منتجات التكنولوجيا الجديدة أعلنت فرانس تليكوم عن انخفاض في أعمال مبيعات الهواتف الثابتة في النصف الاول من العام الحالي بلغت نسبته 1.1 في المئة في حين ارتفع إجمالي المبيعات بنسبة 4ر1 في المئة مدفوعة بنتائج شركة "وانادو" التابعة لها حيث حققت قفزة في مبيعاتها بنسبة 9ر11 في المئة. وتضاعف العدد الاجمالي للمشتركين في خدمة دي إس إل في عام واحد ليصل عدد المشتركين في نهاية يونيو الماضي 7ر4 مليون مشترك. وأدى الطلب المتزايد على خدمة الانترنت فائق السرعة أيضا إلى إقالة بي تي البريطانية من عثرتها حيث حققت عبر توفير خدمات تكنولوجيا "الموجه الجديدة" أرباحا تعادل 20 في المئة من إجمالي الارباح في النصف الاول من العام الحالي. ومازالت على الرغم من ذلك احتمالات النمو في مجال الانترنت فائق السرعة في أوروبا معقولة نسبيا حيث أن عدد مستخدمي تلك الخدمة في ألمانيا وهي أكبر اقتصاد في أوروبا أقل بأكثر من النصف عن مثيله في الولايات المتحدة.