القطيف ـ انتصار ابودريس

دروس الحاسب الآلي تدخل الأسر معمعة الديون

توفير وسائل التقنية الحديثة من المهام التي يجب ان تحرص عليها وزارة التربية والتعليم لكي تستطيع النهوض بهمم الطلاب والطالبات وتطوير قدراتهم المهارية وتأسيس معامل الحاسب الآلي في المدارس التابعة لها خطوة جديدة بالاحترام فالرقي بالوسائل التعليمية مطلب تربوي ينعكس اثره على الطلاب والطالبات فنحن في عصر التقنية والحاسب الآلي.. ولان الانظمة في المملكة العربية السعودية تنص على مجانية التعليم كان لابد ان يثير الجدل قرار وزارة التربية والتعليم الذي يوضح فرض الرسوم المادية على كل راغب بتلقي دروس الحاسب الالي في المدارس الحكومية ويكون له ردود افعال غاضبة خصوصا من اولياء الامور غير القادرين على توفير هذه الرسوم لابنائهم فهناك من يصف المعاهد التي تعاقدت معها الوزارة لهذا الغرض بانها غير جديرة بمهامها لحرصها على الربح المادي دون النظر الى اهمية سعيها لتقديم الفائدة للطلاب والطالبات وتطوير قدراتهم بكل امانة وهناك من يقف عاجزا عن دفع تلك الرسوم بسبب سوء وضعه المادي وكثرة ابنائه.واليوم حرصت من خلال هذا الاستطلاع على ملامسة قضية رسوم الحاسب الالي لتكون الوسيلة التي يصدر منها صوت الرأي الاخر الناقد لسياسة وزارة التعليم وطريقتها في تدريس الحاسب الالي ومبررات هذا الاعتراض وللوصول لذلك نترككم مع اراء عدد من اولياء الامور (الطلاب والطالبات) الذين ناقشنا معهم هذه القضية بابعادها وجوانبها المختلفة.احراج وضغوط نفسيةالبداية كانت مع ام ثامر عبدالله العصفور, التي قالت, لا ابالغ اذا قلت بان رسوم الحاسب الالي اصبحت وسيلة لجلب الاحباط والضغوط النفسية للطلاب والطالبات فماذا يفعل التلميذ الذي لايستطيع ولي امره الوفاء بها؟ فبعض الطلاب يشتكون لاهاليهم من مدى الاحراج الشديد الذين يشعرون به عندما يتوجه جميع الطلاب الى معمل الحاسب الآلي ويظلون وحيدين لمجرد كونهم غير قادرين على تسديد الرسوم المقررة, لذا اعتقد بانه من الضروري تقرير تعليم الحاسب الآلي لجميع الطلاب والطالبات, دون استثناء, بالمجان, حتى لايشعر الطلاب بان هناك فوارق بينهم, وتمنح الفرصة كاملة للجميع.دور الشركات الكبرىوفي جانب آخر تطرقت لميعة محسن الصفار لأهمية مساهمة الشركات الكبرى في تأمين المعامل الخاصة بالحاسب الالي للمدارس, في اطار خدماتها التي من الواجب تقديمها للمجتمع من خلال التعليم, حيث قالت: الجميع يعلم بانه توجد لدينا شركات كبرى تملك قدرات مالية ضخمة الا نها لاتستخدمها لخدمة البلد وباستطاعة شركة ضخمة مثل ارامكو السعودية ان تؤمن كافة التجهيزات اللازمة لمعامل الحاسب الالي في المدارس التابعة لوزارة التربية والتعليم خاصة وانه معروف عنها قيامها ببناء عدد من المدارس وتستطيع ان تؤسس معامل مجهزة لتدريس الحاسب الالي بمواصفات عالية, وتضع ذلك ضمن التصاميم الخاصة لبنائها لاي مدرسة.رجال الاعمالفيما كان لام محمد رأي مختلف في مسألة طرق تمويل وتجهيز معامل الحاسب الالي حيث قالت اذا لم تكن وزارة التربية والتعليم قادرة على توفير الآلية المناسبة لتأسيس معامل لتدريس الحاسب الآلي بالمجان كاي مادة من المواد التعليمية الاخرى فما عليها الا بحث سبل تمويل انشاء هذه المعامل من خلال تبرعات رجال الاعمال الميسورين, وليس في ذلك عيب, لانه من الواجب على كل رجل اعمال ان يعي مسئوليته تجاه المجتمع الذي ينتمي اليه وان يركز على تقديم عطائه لوطنه, لان ذلك سينعكس عليه وعلى الشركة او المؤسسة التي يملكها, ولو كان ذلك بشكل غير مباشر.ومضت تقول: رسوم تدريس الحاسب الالي ماهي الا مصيبة وقعت على رؤوس اولياء الامور فزوجي موظف لايتجاوز راتبه 3500 ريال يقوم بالصرف علينا انا واولادي الاربعة, الى جانب رعايته لوالديه المسنين, وهو عاجز تماما عن دفع الرسوم لاطفاله حتى ينعموا بتعليم الحاسب الالي, لذا قلبي ينفطر عليهم كلما طالبونا بدفع الرسوم حتى لا يشعروا بانهم مختلفون عن غيرهم.طبقات المجتمع مختلفةوفي اتجاه آخر علق محمد حسن العتيبي قائلا في كل المجتمعات لابد ان تكون هناك طبقات مختلفة منها الفئة المقتدرة التي انعم الله عليها بالسيولة المالية التي توفر لها كل احتياجاتها وهناك طبقة ذوي الدخل المحدود والذين يجدون بعض الصعوبات في العثور على متطلبات حياتهم اليومية. والطبقة الفقيرة المعدومة وهي التي تعجز عن توفير قوت يومها ووزارة التربية والتعليم يجب ان تراعي الفوارق بين الطبقات فلايمكن ان يكون الطالب المجتهد قليل الحيلة والذي يعاني من الفقر غير قادر على تلقي الدروس في البرامج التعليمية المتطورة لمجرد كونه لن يحصل عليها الابمقابل مادي بينما ينعم بها الطالب الكسول المقتدر والذي ينتمي الى اسرة قادرة على دفع الرسوم وعلى شراء جهاز حاسب خاص به.فأين الانصاف اذن وهل هذه الطريقة ملائمة لكي نقول بان وزارة التعليم تقدم للجميع خدماتها بدون ان تفرق بين طالب وآخر؟تعلموا من الدول المجاورةوتحدث حسين مساعيد عن طرق تعليم الحاسب الالي في دول الخليج بالمدارس الحكومية, حيث قال: لماذا لاتنظر وزارة التربية والتعليم بعين الاعتبار الى الدول المتقدمة او الى الدول الخليجية على الاقل, فهي تقوم بتدريس الحاسب الالي في مدارسها وبمختلف المراحل التعليمية دون مقابل مادي, ولجميع فئات المجتمع على مختلف طبقاتها, الا يعلم مسئولو الوزارة باننا نعيش في عصر التقنية الحديثة, التي يجب توفيرها وتدريسها للجميع حتى يرتقي المجتمع ويسهل لافراده مواكبة العصر الحديث والتطورات المتسارعة في جميع المجالات ان الجهات المسئولة عن التعليم لدينا مطالبة باعادة النظر في الاستراتيجية التي وضعتها لتدريس الحاسب الآلي فالطريقة التي تقوم بها حاليا فاشلة وليس لها مردود ايجابي ولا امل في الاستفادة منها بشكل تام حتى ولو كان ذلك على المدى الطويل.خريجو الحاسب الاليام فاطمة تطرقت الى نقطة هامة لم يلتفت اليها اصحاب الآراء السابقة, حيث علقت بقولها: من غير المعقول ان لاتقوم وزارة التربية والتعليم بالاستفادة من خريجي الكليات المتخصصة في التقنية, لانها تقوم بتخريج المئات, وبالامكان استحداث وظائف لهم بشكل سنوي وتحويلهم الى معلمين لمادة الحاسب الالي, سواء أكان ذلك من خلال التعيين المباشر او بتأهيلهم على الوظائف التعليمية, من خلال خطط لتدريبهم حتى يكونوا بالمستوى المطلوب, ولا اعتقد بان هناك عائقا يمنع تحقيق ذلك, فولاة الامر حفظهم الله يحرصون على توفير الدعم اللازم والمخصصات المالية الكافية لكي تقوم ادارات التعليم بواجبها دون عراقيل.ومضت تقول: لا اعلم ماهو السر في تعاقد وزارة التعليم مع مؤسسة خاصة للقيام بتشغيل معامل الحاسب الالي في المدارس التابعة لها وفمن الاولى ان تصرف المبالغ الضخمة المقدمة لهذه المؤسسة في تأسيس بنية قوية لتدريس الحاسب الالي بالاعتماد على قدرات الوزارة وما يتوفر لديها من قدرات وطاقات بشرية.طرح القضية في مجلس الشورىاما نور حسين, وهي طالبة جامعية فاقترحت حلا لمعالجة القضية المثيرة للجدل, حيث اكتفت بقولها: الاحداث تتجدد والتطورات سريعة ورغم ذلك تحرص وزارة التعليم على التباطؤ في استراتيجتها ومنهجها في تدريس الحاسب الالي, ولايمكن قبول تقرير رسوم اجبارية لكل من يريد دراسة الحاسب الالي من الطلاب دون الالتفات الى ايجاد منح واعانات لمن هم ضمن دائرة الفقر من ذوي الدخل المحدود او الذين لا دخل لهم. ومثل هذا التصرف غريب, ولابد من مناقشة هذا الوضع في جلسات مجلس الشورى لما لذلك من اهمية قصوى حتى ينظر ولاة الامر فيه, علهم يحققون ما يكون من شأنه احقاق الحق والوصول الى رفعة المواطن ومنح الفرصة لنيل المعرفة والاستفادة من علوم التقنية واساليب عصرنا الراهن.مصاريف التعليم لاتنتهيوفضلت ام حسام الحديث عن تجربتها الشخصية للادلاء برأيها في هذا الامر, حيث قالت: طلبات المدارس لاتنتهي, فطوال العام الدراسي افاجأ بسيل من الطلبات والالتزامات المادية المدرسية تضيف: لدى 3 اولاد و4 بنات يعجز والدهم عن دفع رسوم الحاسب الالي, التي لا اعلم سبب اقرارها وارغام الطلاب على الدفع للحصول على التعليم وممارسة حقهم في دراسة الحاسب الالي. ظروفنا صعبة وراتب زوجي لايتجاوز 3200 ريال, لاتكفينا لتوفير متطلبات الحياة اليومية, فمن اين نأتي بالمال والسيولة النقدية الكافية لدفع الرسوم وتحقيق رغبات ابنائنا ومنعهم من الشعور بالاحباط وبانهم اقل من الآخرين.الربح المادي هو الاهمولملامسة القضية من جوانب مختلفة كان لابد من التطرق الى عدم جدية بعض المعاهد التي تتعاقد معها المدارس لتدريس الحاسب الالي فقد افاد احمد علي الزهراني وكيل مدرسة جعفر بن ابي طالب بان المدرسة التي يعمل فيها كانت قد تعاقدت قبل عدة اعوام مع احد المعاهد الخاصة (تحتفظ الصحيفة باسمة) لتدريس الحاسب الالي لطلابها, ورغم ان ذلك بموجب رسم محدد يدفعه كل طالب الا ان ادارة المدرسة لاحظت بان ذلك.المعهد يركز على الربح المادي بدون ان يكون هناك اي فائدة للطلاب من الدروس التي يقدمها لهم لذلك تم التنسيق بين ادارة التقنيات في الادارة العامة للتربية والتعليم بالمنطقة الشرقية لالغاء العقد المبرم مع المعهد.واوضح الزهراني بان المعهد جمع اكثر من 13 الف ريال من الطلاب, وادارة المدرسة الان بصدد اعادتها لاولياء امورهم.نصابو المعاهد الخاصةوتحدث ابو العلاء العبدالله حول هذا الموضوع بشكل مغاير لماذكر في الاراء السابقة, حيث تناول طريقة تدريس بعض المعاهد الخاصة للحاسب, الالي, التي تكثف اعلاناتها لاقتناص الراغبين بدخول الدورات المختصة بالبرامج المرتبطة بالحاسب الالي, حيث قال: رغم ضيق الحال, الا انني وافقت على احد طلبات ابني والذي رغب في تلقى احدى الدورات (معهد خاص) بالحاسب الالي وبعد انقضاء فترة من الزمن اشتكى من النظام المعمول به بالمعهد واوضح بانه لم يستفد من المحاضرات التي تلقاها فيه.ومضى يقول: لماذا لا تكون هناك رقابة صارمة على هذه المعاهد حتى لاتمارس النصب والاحتيال فوزارة التربية والتعليم لاتقوم بمراقبتها بشكل فعال والخاسر الوحيد من ذلك كل من يتعامل معها. ان كل طفل في هذا البلد يجب ان يكون ملما بالتقنيات الحديثة شأنه شأن اي طفل آخر في هذا العالم, فاولادنا ليسوا اقل قدرة وموهبة من غيرهم, واذا اتيحت لهم الفرصة المناسبة سيكونون خير من يستفيد من علوم التقنية ودراسة الحاسب الالي.من ينصف الفقراء؟وتساءلت ام حنان السلمان: عندما عرضنا عليها المشاركه عن السبب في عدم سعي وزارة التربية والتعليم حصر الطلاب والطالبات ممن يكون اولياء امورهم من الفقراء وذوي الدخل المحدود لمنحهم الفرصة لدراسة الحاسب الالي بلا مقابل مراعاة لوضعهم.واشارت ام حنان الى كونها اما لثلاثة ايتام, وتقطن في شقة يدفع ايجارها من قبل احدى الجميعات الخيرية, حيث لاعائل لهم ووصل بهم الامر لتلقي المساعدات من المدرسة التي يتعلم اولادها بها. وجاء على لسانها قولها: ماذا يفعل من يكون بمثل حالتنا, وما حالي عندما توزع المدرسة الاوراق الخاصة بالاشتراك في دروس الحاسب الالي. وكيف ارضخ للامر واقوم بدفع الرسوم وانا اعجز عن شراء حقيبة مدرسية واقتناء الادوات المدرسية لكل طفل من ابنائي. الم تعلم وزارة التربية والتعليم بان الفقر سمة معظم الاسر. اين خطط الوزارة هل هي حبر على ورق وهل اصبحت مجانية التعليم كالامر الذي لا وجود له في هذا الوقت الذي طغت عليه المادة ولم يعد للمشاعر فيها اي وجود.توتر الاعصابوكأن لاحدى الامهات وتدعي نورية الماجد وجهة نظر مختلفة تعكس حال بعض الآباء والامهات ومعاناتهم النفسية من الرسوم المفروضة على تدريس الحاسب الالي, حيث قالت: حالة زوجي النفسية سيئة, فراتبه الشهري 2000 ريال, ولدينا 5 اولاد, جميعهم طلاب, وعندما نتلقى الاستمارات الخاصة برسوم تدريس الحاسب الالي ينقلب حال زوجي لشعوره بانه عاجز امام اطفاله, مما يجعلني اشعر بان اعصابي متوترة لانني اشترك معه في التفكير في الطريقة التي تساعدنا على الوفاء بهذه الرسوم وتسديدها, حتى ولو كان ذلك بالاقتراض كي لانكون في غاية الاحراج امام اولادنا وحتى لانقول لهم كلمة (لا) والتي قد تجلب لهم عقدة النقص وتشعرهم بالاحباط.انصفينا ياوزارةوكان ختام هذا الاستطلاع مع مبارك, وهو طالب في المرحلة المتوسطة, الذي نقل لنا معاناته الشخصية مع رسوم الحاسب الالي حيث قال: بعد انفصال ابي وامي اصبحت كاليتيم, فلم ار والدي منذ فترة, ولاتوجد بيني وبينه اي وسيلة اتصال ولايوجد لدي من يقوم بتوفير متطلبات دراستي من لوازم مدرسية وغيرها, فوالدتي لاتعمل, لذا اعتمدت على مرتب جدي, الذي لايتجاوز 700 ريال, نعتمد عليها فيما يخص توفير الاكل والمتطلبات الضرورية لحياتنا, وعندما طلب مني تسديد الرسوم الخاصة بالحاسب الالي شعرت باحباط ليس له مثيل, وتبادر الى ذهني احساس غريب بانني اقل من زملائي في المدرسة, ممن لدى اولياء امورهم القدرة على الدفع, وكل املي في ان تعيد وزارة التربية والتعليم النظر في هذه المسألة, لكي تنصف الجميع وتزيل الفوارق بين جميع فئات الطلاب.