سنة مالية تفوق التوقعات تنتظر الاقتصاد السعودي
ابدى تقرير اقتصادي متخصص تفاؤلا بالوضع الاقتصادي السعودي خلال العام القادم على ضوء مؤشرات أسواق النفط العالمية، ومعطيات التوجه الحكومي نحو زيادة المصروفات على القطاعات ذات العلاقة بوضع المواطن.وقال التقرير الصادر عن البنك السعودي البريطاني: انه اذا ما واصلت اسواق البترول اتجاهاتها الحالية وحافظت المملكة على مستوى الانتاج البالغ حوالي 9.5 مليون برميل يوميا لبقية العام، فانه من الطبيعي توقع زيادة في حدود من 16-18% في الايرادات البترولية مما يرفع تلك الايرادات الى 290-295 بليون ريال وبذلك يكون اجمالي الايرادات الحكومية 335-340 بليون ريال سعودي في عام 2004م.واضاف: ان هذا الوضع سيكون له مضامين كبيرة على وضع الاقتصاد والميزانية اذ سوف يؤدي الى ارتفاع كبير ليس في الايرادات الحكومية فحسب بل في حجم المصروفات الحكومية بمعدل اكبر بكثير مما ورد في الميزانية مع تحقق فائض مالي جيد على خلفية الفائض الذي تحقق في السنة الماضية والذي بلغ 45 بليون ريال سعودي.. وكذلك تحقيق فائض جيد في الحساب الجاري يتجاوز الفائض المتحقق في عام 2003م.كما توقع التقرير انخفاضا في مستوى الاحتياجات الحكومية بسبب تحقق الفائض المالي مما سيكون له مضامين على المديونيات الحكومية للبنوك التجارية، ويتضح ذلك بشكل جلي من آخر الارقام المنشورة من قبل مؤسسة النقد حول مطالبات البنوك على القطاع العام، فبينما كانت هناك زيادة في التسليفات البنكية لشركات القطاع العام منذ شهر يناير 2004م من 25.5 بليون ريال سعودي الى 26.5 بليون ريال سعودي حتى نهاية شهر يوليو 2004م انخفضت ممتلكات البنوك من السندات الحكومية من 153.2 بليون ريال سعودي الى 148.3 بليون ريال سعودي بنهاية شهر يوليو 2004م واذا ما كان النصف الثاني في العام اكثر قوة لسوق البترول فان من شأن ذلك خفض تلك السندات بنسبة اكبر حتى نهاية السنة.وقد اشار احد التصريحات الحكومية الصادرة في اوائل شهر سبتمبر الى ان جزءا من فائض الميزانية سوف يستخدم في سداد الديون الحكومية والتي بلغت طبقا لوزارة المالية 660 بليون ريال سعودي.وخلص التقرير الى القول ان الاوضاع التي تمر بها اسواق البترول في عام 2004 تقودنا الى الحكم بان التطورات هذه السنة كانت استثنائية الا ان علينا الانتباه والحرص عند استخدام كلمة (استثنائية) فالاقتصاد العالمي يزيد من الطلب على البترول مدفوعا بقوة الاقتصاد الصيني، فقد نما الطلب على هذا الجانب من 5.5 مليون برميل يوميا عام 2003 الى 6.5 مليون برميل يوميا (متوقع) في عام 2005 ولذلك فان سوق البترول في النهاية يخضع حاليا لتحكم عامل الطلب حيث ارتفعت توقعات حجم الطلب العالمي على البترول الى 83 مليون برميل يوميا مقارنة لـ79.5 مليون برميل يوميا في عام 2003م.من الجدير ذكره - حسب التقرير - ان نمو الصادرات البترولية لدول خارج منظمة الاوبك لا يتواكب مع هذه الزيادة، ولذلك فسوف يكون هناك المزيد من الضغوط على واردات اوبك والتي تملك امكانية لزيادة اضافية ضئيلة فوق مستويات الانتاج الحالية، وبأخذ هذه المعطيات في الاعتبار فان عام 2004م قد لا يثبت انه استثنائي للغاية، وبما ان ارتفاع الاسعار الى مستويات أعلى قد يحصل وان الزيادة في صادرات اوبك لن تكون فعليا اعلى من المستويات الحالية بكثير، لذا فان من غير المحتمل ان يتعرض السوق لأي انهيار يذكر، ولذلك فاننا نتوقع بقاء الانتاج السعودي البترولي فوق مستوى 8.5 مليون برميل يوميا في عام 2005 وهبوط اسعار البترول العالمية عن مستواها الحالي (اغسطس 2004م) ولكن ذلك الهبوط في هذه المرحلة يؤدي الى هبوط الايرادات الحكومية الاجمالية الى حوالي 310 بلايين ريال سعودي في عام 2005م.ومضى التقرير يقول انه وعلى ضوء اتجاهات الايرادات البترولية اعلاه، فان من المتوقع ان تحقق المملكة سنة مالية اقوى بكثير من التوقعات الاصلية وعلى الرغم من ان الايرادات البترولية قد تنخفض نسبيا في عام 2005 عن مستوياتها العالية حاليا، الا انه من غير المحتمل ان تعيدنا ظروف السوق الى الوضع الذي كان سائدا في عام 2003م على سبيل المثال.ويضيف التقرير: ومع الأخذ في الاعتبار استمرار سيناريو سوق البترول المذكور اعلاه لغاية 2004و2005 فان المصروفات الحكومية السعودية ستشهد زيادة فوق المستويات الواردة في الميزانية، فقد بلغت المصروفات الحكومية المستهدفة في الميزانية المالية 230 بليون ريال سعودي في عام 2004م وبعد السيناريو المذكور اعلاه فإن هذا الرقم مرشح للارتفاع قليلا الى 260 بليون ريال سعودي على الاقل مع فائض مالي في حدود 80 بليون ريال سعودي، وعلى الاقل ايضا، وقد عبرت الحكومة عن رغبتها في صرف المزيد من الأموال على مشاريع البنية التحتية، المشاريع الاستثمارية في مجالات الصحة والتعليم والاسكان وايضا برامج خفض الديون خلال فترة السنوات الخمس القادمة بحيث يمكن استخدام هذه الفوائض المالية لما فيه منفعة كافة المواطنين السعوديين.وكان سمو ولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز قد خصص في اوائل شهر سبتمبر مبلغا اضافيا وقدره 41 بليون ريال سعودي لمشاريع التنمية وخص منها قطاعات المياه والصرف الصحي والطرق والعناية الصحية الأولية والمباني المدرسية والتدريب المهني.ومع الاخذ في الاعتبار بعض التراجع في سوق البترول لعام 2005 وانخفاض الايرادات الحكومية بنسبة 10% تقريبا فان توقعاتنا للمصروفات الحكومية لعام 2005 هي ان تبلغ 265 بليون ريال سعودي وهو ما يترك فائضا حاليا جيدا وقدرة 45 بليون ريال.الجدير ذكره - وكما أورد التقرير- فقد بلغ متوسط الانتاج السعودي حتى نهاية شهر يوليو 2004 حوالي 8.9 مليون برميل يوميا بينما بلغ المتوسط خلال الاشهر الثلاثة الاخيرة 9.5 مليون برميل يوميا، وذلك مقابل متوسط انتاج قدره 8.848 مليون برميل يوميا لعام 2003م وتفترض كافة المؤشرات السوقية ان متوسط الانتاج السعودي يتجاوز 8.9 مليون برميل يوميا للفترة المتبقية من عام 2004م.كما بقيت اسعار البترول فوق المستوى 28 دولارا للبرميل الواحد منذ 2 ديسمبر 2003م بينما تجاوز سعر بترول سلة اوبك 39 دولارا للبرميل الواحد في اوائل شهر اغسطس، مقابل متوسط 28.10 دولار للبرميل الواحد لسعر سلة اوبك في عام 2003م و 24.36 دولار للبرميل الواحد في عام 2002م وكما يوضح المخطط البياني رقم 1 فقد حافظت اسعار الصادرات البترولية السعودية على مستوى أعلى من المستويات التي كانت عليها في عام 2003م.وتتوقع منظمة اوبك ان يرتفع اجمالي ايرادات منظمة اوبك البترولية الى اكثر من 285 بليون دولار امريكي في عام 2004م مرتفعة من 240 بليون دولار امريكي كما في عام 2003م بزيادة وقدرها 19% (التوقعات شهر يونيو) وكانت الزيادة المتوقعة في ايرادات صادرات البترول السعودية لهذه المرحلة 13% الا انه من البديهي الافتراض بان الارتفاع الاخير في اسعار البترول والانتاج السعودي سيؤدي حتما الى رفع تلك التوقعات لبقية عام 2004م على الاقل بالنسبة للمملكة العربية السعودية.ويتعين ان تكون نقطة البداية بالنسبة لنا لتعديل توقعاتنا لعام 2004م هي الايرادات الحكومية لعام 2003م فقد قدرت الميزانية الاخيرة لعام 2004م تلك الايرادات بمبلغ 295 بليون ريال سعودي لعام 2003م وعلى هذا الاساس كان يفترض ان تصل الايرادات البترولية الحكومية في عام 2003م الى حوالي 250 بليون ريال سعودي حيث ان الايرادات الحكومية غير البترولية تراوحت في الماضي بين 40-50 بليون ريال سعودي.وقد اشارت توقعات اوبك لايرادات الصادرات البترولية (منتصف عام 2004م) الى ارتفاع بنسبة 13% في قسم الصادرات البترولية السعودية - وهو ما يضع الايرادات البترولية الحكومية في مستوى 282 بليون ريال سعودي، ولكن يجب ألا ننسى ان تلك الايرادات مبنية على اساس حجم الانتاج البالغ 808 ملايين برميل يوميا والذي ارتفع منذ ذلك التاريخ الى 9.7 مليون برميل يوميا (بزيادة قدرها 8%) وبذلك يفترض ان تبلغ الايرادات الحكومية بناء على توقعات شهر يونيو 325 بليون ريال سعودي.