رأفت نعيم ـ بيروت

سرقة الطفولة.. بـ'التسول'

يبدو أن معاناة الطفولة في عالمنا لا تنتهي ، بل تحمل في كل يوم فصلاً جديداً ومشهداً يضيف نقطة سوداء على جبين الإنسانية لما يرتكبه البعض بحق الأطفال من دون أدنى مراعاة لحقوقهم، وفي مقدمتها حقهم في عدم استغلالهم. نضال أحمد مصطفى طفل لم يتعد الخامسة من عمره يتسول في شوارع مدينة صيدا، فيستوقف ببراءته المارة، ويقول لهم: (أنا جوعان.. عطيني ألف)، فيرأف معظمهم لحاله ويعطيه سؤله. المشهد استوقف شرطة بلدية صيدا، بعدما اعتقد عناصرها أن هذا الطفل تائه أو انه أضاع أبويه في السوق.. لكن سرعان ما تبين أن سبب وجوده هو ما ابصر النور عليه، وهو التسول ضمن فريق عمل من المتسولين الصغار والكبار توزع نشاطهم في أسواق المدينة وشوارعها، وأنه أصغرهم سناً .. وأكثرهم نشاطاً !!! ، وأن هناك من يقوم بتسييبهم وتشغيلهم في التسول ، ومن يقوم بذلك ليس سوى اقرب الناس إليهم، اي أهاليهم.. (أنا لبناني) قالها نضال للشرطي البلدي بلكنة فلسطينية تشير إلى أنه مجنس .. ويجيب رداً على مزيد من الأسئلة بلهجة من دعكته الحياة وكأن عمره عقود من الزمن : عمري خمس سنين ، بيتي بالبرج (أي البرج الشمالي) ، جيت أنا وخيي بالبوسطة.. إلى أن يسأله الشرطي : شو عم تسوي هون ؟ ! ، فيجيبه دون تردد (عم بشحد).. ونسأله نحن عندك بابا وماما ؟ ، فيرد علينا بالإيجاب (إيه .. بالبيت)، .. و بيعرفوا انك هون ؟ .. فيجيب وهو يعد بضع ورقات نقدية من فئة الألف ليرة : إيه .. أنا جيت أنا وخيي مظهر .. , و مش بالمدرسة أنت ؟ .. يجيب: لأ .. نضال أمضى ساعات في مقر شرطة البلدية ، قبل أن يتم تسليمه إلى مخفر صيدا القديمة حيث أشارت النيابة العامة بإحضار أبويه وتسطير محضر تسييب طفل بحقهما.