صحيفة اليوم

كل هذا من أجل الآخر

صدر اخيرا لمفكر عربي كتيب دعوي باللغة الفرنسية عبارة عن نتاج حوار متخبط اجراه معه صحفي يهودي (متدين) والكتيب موجه الى القارىء الغربي.. (يعرف) بالاسلام عقيدة وتاريخا وحضارة وواقعا.. بأسلوب (دبلوماسي) مغرق في التمني، وسياسة ارضاء الآخر.!!@ من ملامح التخبط ثناؤه على (الديمقراطية) الغربية التي اشار ـ متباهيا ـ الى انها آخذة في الانتشار في العالم الاسلامي، متجاهلا الديمقراطية في الاسلام التي لا يوجد لها مثيل على هذا الكوكب بصرف النظر عما يطبق منها ولا يطبق.. ثم انتقاده المتحيز التعايش بين الطوائف الدينية المختلفة في العالم العربي متناسيا ان سماحة الاسلام مع غير المسلمين ثابتة في القرآن الكريم، والسنة المطهرة، ويحفل بها التاريخ الاسلامي وماثلة لكل عين.. وتناسى ان نبي الاسلام صلى الله عليه وسلم اول من اعلن في حجة الوداع اول وثيقة لحقوق الانسان سبقت العهد الاكبر الـ (Magna Carta) وجميع الوثائق والمعاهدات والاعلانات والتشريعات الخاصة بحقوق الانسان!@ لكن الشعرة التي قصمت ظهر الحوار طره المشوش والغامض (المرفوض) شرعا وعقلا ونقلا، الذي يفهم منه ان اركان الاسلام الخمسة (الشهادتان واداء الصلاة وايتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع اليه سبيلا لا تكفي لكي يكون الانسان مسلما، فأي إسلام هذا الذي يدعو اليه المفكر العربي.؟!@ يقول المفكر الاسلامي سعيد حوى: (ان الاركان الخمسة هي الاسس العملية والنظرية للاسلام كله، وكل ركن من هذه الاركان يخدم بقية الاركان في تحقيق جوانب الاسلام، وهي كلها ترتبط بالجوانب الكاملة لبناء الاسلام، لذلك لا يستطيع المسلم ان يتصور قيام بناء الاسلام دون قيام اركانه، فالبناء يستمد قوته من قوة اساسه.. فكلما كان الاساس اقوى كان البناء اشد احكاما، واذا كان الاساس منهارا فانه لا بناء اصلا.. لذلك كانت القاعدة في التربية الاسلامية احكام امر الاركان ليبني عليها بناء الاسلام كله بعد ذلك، وانها لظاهرة غير منطقية محاولة احكام امر البناء بلا اركان، او احكام امر الاساس ثم لا يبنى عليه بناؤه الذي كان الاساس اساسا من اجله).@ سقطة اخرى ـ والمجال لا يسمح بغيرها ـ عندما تطرق الى قضية (الصراع العربي ـ الاسرائيلي) وقال عنها: (انها ليست مسألة منتصر او مهزوم)!! وبعد ان طالب كل جانب باحتواء مشاكل الجانب الآخر.. قال: (ان القضية ليست قضية عدل ضد ظلم. انها قضية عدالة ضد عدالة، وما تحتاجه ايجاد توازن يرضي الطرفين)، وهكذا اصبح المحتل الاسرائيلي في مفهومه بكل ممارساته العدوانية ومجازره البشرية وانتهاكاته لحقوق الانسان صاحب قضية عادلة! هل المفكر غائب الذهن عن كل ما جرى ويجري؟ هل هو جاهل في التاريخ الى هذا الحد؟@ ألم يسمع بهذه المذابح:ـ مذبحة قرية دير ياسين في شهر ابريل عام 1948م.ـ مذبحة قرية قبية في شهر اكتوبر عام 1952م.ـ مذبحة قرية كفر قاسم في شهر اكتوبر عام 1956م.ـ مجزرة مخيمي صبرا وشاتيلا في لبنان في سبتمبر عام 1982م.ـ مجازر المسجد الاقصى المبارك الثلاث في اعوام 1990، 1996، 2000م.ـ مجزرة الحرم الابراهيمي في شهر فبراير عام 1994م ومذبح مخيم جنين وحصار كنيسة المهد.@ ان الحرب والتدمير باستخدام مختلف الاسلحة والمحارق (هولوكوست) ايدلوجية تتضح في كتابهم المحرف وعلى وجه الخصوص سفر يشوع الذي يطلق عليه اسم (سفر المجازر) الذي يحث على ابادة الرجال والنساء والاطفال ـ غير اليهود ـ وحرق الاموال والممتلكات وتاريخ اسرائيل منذ مؤتمر بال عام 1897م حتى اعلان قيام دولتهم المسخ عام 1948م.. ومباشرة ما يسمونه (حرب الاستقلال) يؤكد هذه الطبيعة، ويثبت هذا التكوين وهي صفة يتباهى بها (حكماء اسرائيل) والذي يرون (ان التوراة والسيف انزلا من السماء سوية)!! يؤكدها بكل وقاحة وايزمن في كتابه (التجربة والخطأ) بقوله: (ان اللجوء الى العنف والارهاب والاستعداد للتعاون مع الشر قوة لها فوائدها في تحقيق الوطن القومي اليهودي) صفة تباهى بها مناحيم بيجن في كتابه (الثورة) اذ يقول: (انا احارب اذن انا موجود)!@ وبعيدا عن التعامل العقلاني مع التاريخ.. وتجاهل مطبق للمنطق والحق والواقع، اخذ اليهود يتسلطون على الامم والشعوب باستخدام اسلحة الحيلة، الكذب، الغش، الحقد، الخداع، وهي معاييرهم الاخلاقية، ومثلهم الدينية والاجتماعية ومرجعيتهم السياسية، واسلوب تعاملهم مع (الاغيار) ويبدو ان المفكر العربي ممن انطلت عليهم هذه الاكاذيب ووسعتهم الحيل.!!@ ان السلام الذي يتطلع اليه، ويسعى الى تحقيقه شارون وعصابته لا يستند الى اتفاقيات مدريد، واوسلو، ولا على حلول تينيت، وميتشل.. بل على عقيدة استوحوها من كتابهم المحرف، وتلمودهم سيئ الذكر، توارثوها جيلا بعد جيل، عقيدة لا تعرف الا الارهاب، والعنف، والتقتيل، والتشريد.. ترسخت في اعماقهم، وتجذرت في نفوسهم حتى اصبحت جزءا من تكوينهم وثقافتهم. ان قطار (السلام) اليهودي لن يصل الى محطته الاخيرة في مفهومهم الا عبر مذابح ومجازر وهذا ما تثبته الوقائع والاحداث.@ لا اعتراض على ما يدعو للاسلام متى التزم بالثوابت، فالدعوة اصل من اصول ديننا الحنيف، لكن الاعتراض على من يكتب بحروف تنزف بالعجز، وتضج بالانين او يتصدى للدعوة بهذا الشكل الملتوي، ويرسم هوية مصطنعة لنا بدافع التقرب من الغرب والانصهار في بوتقة العولمة.