صحيفة اليوم

أزمة ما بعد التخرج

التقيت بثلاث فتيات في عمر الورد حديثات التخرج يشتكين مما مررن به بعد الدراسة الجامعية من الملل والفراغ تقول احداهن: كنت اهرب من الفراغ الى النوم ومشاهدة البرامج التلفزيونية وبدأت أنام النهار واسهر الليل وظهرت على وجهي وجسمي آثار السهر والتعب والقلق وصار الملل والضيق يحاصراني وكدت اقع في مصيدة الامراض النفسية لولا انني انقذت نفسي بالاشتراك في احد مراكز الحاسب الآلي وبدأت اتعلم مهارة استخدام الحاسب ببرامجه المختلفة. وقالت الثانية: بدأت التفت الى المحيط الذي اعيش فيه, الى اسرتي وامي واخواتي واخوتي وصرت اتفرس من ملامحهم.. وشعرت كانني اراهم لاول مرة وبقيمة وجودنا مع بعضنا وبدأت اقرأ بعض الكتيبات الدينية التي تناقش وظيفة الانسان في الحياة ودوره فيها ولاول مرة أعي حقيقة وجودي لنفسي وللآخرين واهمية الساعة واليوم الذي يمر علي فصرت انظر للحياة نظرة ايجابية وعملية مختلفة. بدأت احفظ القرآن الكريم وتنافست مع اختي في ختمه وحفظه وشجعت امي للعودة الى مقاعد الدراسة في محو الامية, واخذت اعد برامج المسابقات الثقافية والاحاديث الدينية في اللقاءات والاجتماعات الاسرية واصبح لاجتماع اسرتنا الصغيرة لشرب الشاي والقهوة معنى جديد ورائع ادى الى تدعيم مشاعر الالفة والمحبة والترابط بما كنت اقرأه كل يوم من احاديث نبوية او موضوعات ايمانية وفقهية.واما الثالثة فقالت: لأنني كنت مخطوبة وعلى وشك الزواج ارتأيت التعرف على واجباتي كزوجة وام والتدرب على مسئولياتي كربة منزل تمارس دورها في ادارة منزلها من حيث توفير الجو الاسري المناسب واجادة الطبخ واكتساب مهارات الاقتصاد المنزلي اضافة لقراءتي كتب التوافق الزوجي والاسري ووجدت ان هناك الكثير يمكن أن اتعلمه فقد حان وقت العطاء والمشاركة اعجبتني طريقة تفكير هؤلاء الفتيات الرائعات اللاتي لم يسقطن في هوة التفاهات لاضاعة الوقت مقارنة بالعشرات من الفتيات في مثل ظروفهن واعمارهن ولكنهن اخترن طريق الهدم.. اخترن قتل الوقت في المشاهدة المستمرة لبرامج ومسلسلات تلفزيونية هابطة لا يستسيغها الطبع السليم وفي المحادثات الهاتفية المطولة وفي ارتياد الاسواق والمجمعات في غير حاجة واصبح هدفهن متابعة المذيعة والممثلة في تسريحة شعرها او لبسها او طريقة كلامها, حياة كلها ضياع في ضياع قد تؤدي بهن للانحراف وخسارة كبيرة. ان ناتج التعليم الحقيقي هو الذي يساعد الانسان على التفكير بالصعوبات التي يواجهها ويجد حلولا عملية ممكنة وان يعتمد على امكاناته وقدراته وليس على المصادر الخارجية في انقاذه.