أنقرة - اليوم - وكالات الأنباء

اردوجان يرفض تصنيف (العدالة والتنمية) في الأحزاب الاسلامية

عمد رئيس حزب العدالة والتنمية الاسلامي التوجه إلى طمأنة الاتراك والغرب على حد سواء بعد الفوز الساحق للاسلاميين في الانتخابات التركية أمس الاول إلى أنه ليس السياسي المتشدد كما صوره البعض. فقد قال رجب طيب أردوجان للصحفيين في اسطنبول قبل توجهه مباشرة إلى أنقرة "سنحترم حقوق وحريات جميع مواطنينا". وأكد أردوجان أن حزبه "مستعد لتحسين عمل الهيئات الدستورية والتعجيل بدخول تركيا الاتحاد الاوروبي والحسم في تنفيذ البرنامج الاقتصادي الذي سيعزز التكامل الاقتصادي لتركيا مع سائر دول العالم". أغلبية مطلقةواظهرت نتائج الانتخابات التشريعية التركية التي اعلنتها شبكة التلفزيون العامة تي ار تي فجر أمس بعد فرز 98% من الاصوات ان حزب العدالة والتنمية الاسلامي المعتدل حصل على 1ر34% من الاصوات محققا بذلك الاغلبية المطلقة في البرلمان. واوضح التلفزيون ان هذه النتائج تتعلق فقط ب98% من البطاقات الانتخابية التي تم فرزها. يشار الى ان حزب العدالة والتنمية الذي سيحصل على361 مقعدا من اصل550 في البرلمان التركي، يشارك للمرة الاولى في الانتخابات التشريعية في تركيا. واوضح التلفزيون ان حزب الشعب الجمهوري العلماني حصل على 5ر19% من الاصوات على 179 نائبا وسيكون الحزب الوحيد بعد حزب العدالة والتنمية الذي سيتمثل في البرلمان. اما المقاعد العشرة الاخرى فستتوزع على المستقلين. فشل مذهلوفشلت الاحزاب الاخرى بما فيها الاحزاب الثلاثة المؤتلفة في حكومة ائتلاف رئيس الوزراء بولنت أجاويد فشلا ذريعا حتى في تجاوز عقبة العشرة في المئة من أصوات الناخبين واللازمة كشرط أساسي لدخول البرلمان. وتعني هذه النتائج حصول حزب العدالة والتنمية على362 مقعدا في البرلمان الذي يضم 550 مقعدا وهي أغلبية مريحة للحكم ولكنها لا تصل إلى نسبة الثلثين المطلوبة لتغيير الدستور. صفحة جديدةوقال أردوجان للصحفيين في اسطنبول، متحدثا بكياسة عن انتصاره، إن حزبه يؤيد الاتحاد الاوروبي والتكامل الاقتصادي العالمي ويحترم كافة أنماط الحياة. وأضاف أردوجان "بإذن الله، سيتم فتح صفحة بيضاء جديدة في تاريخ تركيا"، في إشارة إلى اسم مختصر لحزبه والذي يعني الابيض أو النظيف باللغة التركية. وعند مقر حزب العدالة في أنقرة تجمع جمهور من المؤيدين للحزب وأخذوا يصيحون "طيب رئيسا للوزراء"، وذلك عند وصوله من اسطنبول. وأوضح اردوجان لمؤيديه في أنقرة باكر أمس "إن عبء المسئولية الذي يقع على عاتقنا ثقيل. لن نضيع وقتنا منتشين بالنصر". الخاسر الأكبروتدل نتائج الانتخابات على تغيير ذي مغزى في السياسة التركية.فالضحية الكبرى هو أجاويد على ما يبدو. وقد شاهد زعيم الحزب اليساري الديمقراطي الطاعن في السن والواهن الصحة انهيار حزبه. وتمثل الانتخابات مؤشرا على حدوث تحول كبير في السياسة التركية. وبدا أن أكبر ضحاياها هو أجاويد. وهكذا شهد هذا الزعيم الطاعن في السن والعليل لحزب اليسار الديمقراطي لحظة انهيار حزبه بعينيه. كان حزب اليسار الديمقراطي قد حصل في انتخابات 1999 على 2ر22 في المئة من أصوات الناخبين لكن يوم الاحد كان الوضع مختلفا تماما، لانه حتى لو حالفه الحظ فإن حصته من أصوات الناخبين لن تزيد في أحسن الاحوال عن 5ر1 في المائة. وقال أجاويد مساء الأحد "لقد انتحرنا بخوض انتخابات مبكرة" ومن الواضح أنه كان يلوم شركاءه في الائتلاف لانهم ضغطوا من أجل إجراء انتخابات قبل موعدها بعامين. وأوضح أنه قلق على تركيا من أداء حزب العدالة. وقال أيضا "إن حزب العدالة لم يقدم أفكارا واضحة عما سيفعله إذا تولى الحكم. آمل فحسب أن يعمل وهو يضع نصب عينيه ضرورات الحكم المدني الديمقراطي". ومن ضمن الشركاء الذين لامهم أجاويد حزب الحركة القومية الذي هبطت الاصوات التي حصل عليها بنسبة عشرة في المئة تقريبا. وقال دولت بهسلي زعيم الحزب أنه أول سياسي يقتل نفسه بسيفه وأعلن مساء أمس الاول أنه لن يرشح نفسه قط لرئاسة الحزب. وشريك آخر في الائتلاف هو حزب الوطن الام برئاسة مسعود يلمظ وقد هبطت شعبيته من نسبة 2ر13 في المئة إلى خمسة في المئة فقط. انتخابات حرةورغم بعض المشاجرات التي حدثت في يوم الانتخابات بل وخلال الحملة الانتخابية، إلا أنها تعد من بين الانتخابات التي سادتها أجواء الحرية في تركيا في الاعوام الاخيرة الماضية. فحزب الشعب الديمقراطي الموالي للاكراد كان قادرا إلى حد بعيد على القيام بحملة انتخابية حرة، على عكس الانتخابات السابقة حيث حظرت عليه السلطات القيام بحملة انتخابية في كثير من المناطق الواقعة جنوب شرق تركيا. ومع ذلك، فإن حزب الشعب الديمقراطي الموالي للاكراد سقط مرة أخرى ضحية لعقبة العشرة في المائة اللازمة للتمثيل في البرلمان. ورغم إقبال الناخبين الهائل على التصويت لصالحه في جنوب شرق البلاد، فإن الحزب لن يدخل البرلمان بعد أن ظهر أن المحصلة النهائية لاصوات الناخبين التي حصدها لم تتعد نسبة 3ر6 في المئة فقط. وحتى أن حملة قطب الاعلام جيم أوزان الانتخابية التي أجريت على غرار حملة بيرلسكوني في إيطاليا فشلت أيضا في جعل الحزب يتجاوز عقبة العشرة في المئة إذ حصل على نسبة 2ر7 في المئة فقط. وقد صبغ أوزان حملته الانتخابية بصبغة قومية ولغة خطابية معادية لصندوق النقد الدولي مما جذب كثيرا من المؤيدين إلى حزبه، وهو حزب الشباب،الذي أسس منذ شهرين فقط. رئيس الوزراء الجديدوالسؤال الذي يطرح نفسه حاليا يتعلق بالشخص الذي يرجح أن يتولى منصب رئيس الوزراء الجديد في تركيا. كان اردوجان قبل بضعة أسابيع فقط من موعد الانتخابات ممنوعا من خوض الانتخابات بسبب إدانته في عام 1998 بتهمة التحريض على الفتنة الدينية ولم يفصح عمن سيوافق هو على ترشيحه لشغل منصب رئيس الوزراء. وواجهت هذه المسألة تعقيدا آخر عندما أكد الرئيس التركي أحمد نجدت سيزر أنه هو الذي سيقرر، وليس اردوجان، من سيطلب منه تشكيل حكومة. ورفض إردوجان مساء الاحد ترشيح الشخص الذي يعتقد أنه يجب أن يكون رئيسا للوزراء. وكان إردوجان قد صرح في وقت سابق بأن "الاجهزة الحزبية" التابعة لحزب العدالة سوف تحسم القضية بنفسها. ورغم جذوره الاسلامية، فإن مسئولي حزب العدالة يكابدون مشقة هائلة للنأي بأنفسهم عن الهوية الاسلامية. وعوضا عن ذلك، عمد إردوجان (48عاما) إلى تصوير حزبه وكأنه حزب موال للغرب والاتحاد الاوروبي وداعم ومؤيد للنظام العلماني في تركيا. إلا أن هذا التصوير فشل في إقناع الكثيرين في المؤسسة التركية التي تخشى أن يكون ذلك مجرد واجهة. وكانت المحاولات في اللحظة الاخيرة من جانب الادعاء التركي لاقصاء إردوجان بصورة قانونية عن رئاسة الحزب قد فشلت. ولكن حزب العدالة لا يزال يواجه محاولة أخيرة وحاسمة في المحكمة الدستورية. ومن المؤكد تقريبا أن حزب الشعب الجمهوري الذي يمثل يسار الوسط سيكون هو الحزب المعارض الوحيد في البرلمان.واعلن حزب العدالة والتنمية انه سيختار مرشحا لمنصب رئيس الوزراء خلال ايام. ويحظر على زعيم حزب العدالة رجب طيب اردوجان ترشيح نفسه لعضوية البرلمان بسبب ادانته بالتحريض على الكراهية لتلاوته شعرا دينيا خلال تجمع حاشد عندما كان رئيسا لبلدية اسطنبول في التسعينات ومن ثم لا يمكنه ان يصبح رئيسا للوزراء.ويقضى الدستور التركي ان يعين رئيس البلاد رئيس الوزراء وهو يعين بشكل تقليدي زعيم اكبر حزب في البرلمان في هذا المنصب.وقال عبد الله غول نائب زعيم حزب العدالة والتنمية لرويترز ان الهيئات الحاكمة لحزبنا ستجتمع في غضون ايام وتحدد مرشحنا لمنصب رئيس الوزراء. الحكومة المقبلةواعلن مصدر مقرب من البرلمان ان الحكومة التركية المقبلة التي حزب العدالة والتنمية (اسلامي معتدل) بعد فوزه لن تشكل قبل عشرة ايام على الاقل. وقد ينتظر المجلس الانتخابي الاعلى حتى اسبوع كي يعلن رسميا نتائج الانتخابات. وحسب النتائج الاولية، فان حزب العدالة والتنمية (اسلامي معتدل) وحزب الشعب الجمهوري (اشتراكي ديمقوراطي) سيكونان الحزبان الوحيدان في البرلمان المقبل.وبموجب الدستور، يدعى البرلمان للانعقاد في اليوم الخامس بعد اعلان نتائج الانتخابات رسميا اي حوالى 15 نوفمبر. وبعد ان يقسم النواب اليمين الدستوري يعين الرئيس احمد نجدت سيزر رئيس الوزراء الذي يجب ان يحصل على ثقة البرلمان. ولن يتمكن رئيس الحزب رجب طيب اردوغان رئيس بلدية اسطنبول السابق الذي اعلن القضاء التركي عدم اهليته للترشح بسبب ادانة سابقة بـ "التحريض على التعصب الديني" من تولي منصب رئيس الوزراء الذي يجب ان يتولاه نائب في البرلمان.وسيعلن الحزب الذي رفض تعيين رئيس آخر له مرشحه لتولي منصب رئيس الوزراء. وستتولى حكومة بولند اجاويد تصريف الاعمال حتى تشكيل حكومة جديدة.التحدي الاقتصاديويعتبر هذا الحزب الذي فشل في تجاوز عقبة نسبة العشرة في المئة لدخول البرلمان في انتخابات 1999 قد نجح أمس الاول في النجاة من غضبة الناخبين الاتراك العارمة على الاحزاب الحاكمة بسبب الركود الاقتصاد الكبير الذي تئن منه تركيا حاليا. وكانت أزمة مصرفية في فبراير من العام الماضي قد شهدت تقلص مدخرات المواطنين الاتراك إلى النصف تقريبا في الوقت الذي انخفضت فيه قيمة العملة التركية وهي الليرة وأصبح فيه أكثر من مليوني تركي بدون عمل. وبينما من المرجح أن تأتي حكومة مشكلة من حزب واحد بالاستقرار الذي طال انتظاره إلى الساحة السياسية التركية، فإن الاسواق ربما تحبذ أن يتولى حكم البلاد حكومة ائتلافية من حزبي العدالة والشعب الجمهوري وذلك بسبب وجود مسئول تركي سابق بالبنك الدولي في عضوية حزب الشعب هو كمال درويش. ومن المستبعد أن يحاول حزب العدالة هز "القارب" أكثر من اللازم كما يقول المثل .. فالجيش، الوصي من جانب واحد على النظام العلماني في تركيا يراقب على الارجح التطورات الجارية عن كثب. وكان الجيش قد نظم في عام 1998 ما وصفه أحد الجنرالات "بانقلاب عصري" تم فيه خلع أول رئيس وزراء ذي توجهات إسلامية في تركيا هو نجم الدين أربكان آنذاك. وكعمدة لاسطنبول، كان إردوجان عضوا في حزب الرفاه الذي كان يتزعمه أربكان قبل أن يتم فرض حظر على نشاط هذا الحزب قبل سنوات مضت. ولذلك فمن المرجح أن إردوجان لا يرغب في أن يصبح مصير حزبه - العدالة والتنمية - هو نفس مصير حزب الرفاة.معارضة الحربواعلن حزب العدالة والتنمية انه يعارض اي عمل عسكري امريكي ضد العراق. وقال عبد الله غول، نائب رئيس الحزب "لا نريد وقوع حرب في العراق" موضحا انه على استعداد لتشكل الحكومة المقبلة. واضاف لشبكة التلفزيون العامة تي ار تي "سنقوم بكل ما يمكننا القيام به لتحاشي نشوب حرب ستجر تركيا اليها". واوضح غول "سوف نتصرف طبقا لمصالح تركيا" مشيرا الى ان بلاده تكبدت خسائر اقتصادية كبيرة قدرت بحوالى 40 مليار دولار بعد حرب الخليج في 1991. يشار الى ان تركيا هي الدولة الاسلامية الوحيدة العضو في الحلف الاطلسي والحليف المفضل للولايات المتحدة في المنطقة.
أردوغان.. قاد حزبه للنصر في الانتخابات التركية لكنه لن يكون رئيسا للوزراء
أبناء الشعب التركي يحتفلون بالفوز الساحق لحزب العدالة والتنمية