هل يعرف الصغار شيئا عن الهم العربي
هل حقا ان معظم الشباب لايعرفون شيئا عن القضية الفلسطينية؟؟ وهل صحيح ان جيل التسعينات والالفية الثالثة الذي لم يعايش الالفية الجديدة اوجدت جيلا غير واع بقضية امته ورجالها, ولذلك فهو ينشد السلام مع اليهود ولايرى بأسا في العيش مع مغتصب؟.. ترى.. ما دور الجمعيات والمدارس لتوعية الشباب بالقضية؟ وما السبيل لاستمرارية الايمان بأهمية الجهاد والكفاح بشتى الاساليب؟ وما هو الدور الذي ستقوم به جمعية معينة لتوعية الشباب والجيل الجديد؟أسئلة واسئلة نجيب عليها في السطور التالية:طرحنا في البداية تساؤلاتنا على الشباب.. فماذا قالوا؟@ محمد العمار:نحن كشباب من مواليد الثمانينات واكثر لم نعايش المعاناة التي عايشها آباؤنا وأمهاتنا اوجيل الخمسينات والستينات, ولكننا ندرك ان هناك صراعا بين العرب واليهود, ويراد له ان يكون صراعا أبديا, ونبحث عن السلام والعيش بأمان مع كل الشعوب من كل الاديان, وهذا الامر قد يكون مرفوضا من الحكومة الصهيونية كما نشاهده في التلفزيون والاخبار.@ سارة النهاريان الوحشية والقتل والتدمير الذي يمارسه الصهاينة ضد الفلسطينين كما نشاهده يوميا لايعد مؤشرا ايجابيا لعملية السلام الذي يردده العرب في الاعلام والصحافة, ونحن كشباب عربي نساند اخواننا في فلسطين ونقف مع قضيتهم ولكننا نبحث عمن يستثمر هذا النشاط والطاقات لدينا بصورة شبابية واسلوب عصري مناسب بعيدا عن الحشد الخطابي والتنظير..@ وتؤكد نسرين ما ذهبت اليه سارة وتقول:لقد مللنا من الاسلوب الانشائي والخطابي الذي يمارسه الكبار في التوعية للقضية الفلسطينية, فنحن فعلا لم نعش القضية الفلسطينية من الالف للياء ولانعرف مايعانيه الفلسطينيون حقا, ماعدا الانتفاضة الاخيرة التي كشفت لنا المعاناة الكبيرة ومقدار القهر الذي يمارسه اليهود في حق كل فلسطيني وتستطرد قائلة:نحن نسعى للعيش مع الجميع بسلام وحرية دون حدود او قيود بشرط الحياة الكريمة البعيدة عن الشحناء والبغضاء.اننا كجيل شبابي عاش عصر العولمة والانترنت ولم يعش في عصر الحرب والصراع لانقبل استمرار القضية مفتوحة الى ما لانهاية, ولكن لابد من حل ولاندري متى سيأتي؟!@ جاسم الحمود:نتهم نحن الشباب باننا غير مهتمين بالقضية الفلسطينية ولا نعي او ندرك حقيقة الصراع مع اليهود, ولكن الواقع غير ذلك, فانظروا الى الانتفاضة من يشكلها؟.. وانظروا الى المسيرات الشعبية في كثير من الدول العربية من يشارك فيها؟ اليس الشباب هم العنصر الاساسي في كل هذه الفعاليات واكثر؟..ان المشكلة تكمن في دور الجمعيات والمدارس في مدى توعية الجيل الجديد بالاسلوب المفهوم المقنع والامثل لاستمرارية القضية بشكل حضاري وعقلاني في نفوس الشباب..ويقترح جاسم ان تطبع على الادوات والملابس والقرطاسية التي يستخدمها الشباب صور القدس والشهداء ومحمد الدرة كي تبقى القضية بشكل عملي ومستمر عند الشباب.الأمهات والتوعيةالمستمرة للابناءوفي وسط تداعيات الاحداث الاخيرة في الاقصى والاراضي المحتلة والتكثيف الاعلامي غير المسبوق لمتابعة الاحداث وعرض تفاصيل ما يحدث بقسوته وآلامه, يسأل كثير من الامهات والآباء في هذه الايام عما اذا كان هناك اي اضرار على نفسية الطفل من رؤية مناظر العنف المعروضة على شاشات التلفاز ليل نهار..؟ وهل نمنعهم من رؤية هذه المشاهد؟ واذا ما منعناهم كيف يمكن اذن ان نبني وعي الجيل الجديد؟ فسألنا مجموعة من المختصين فاختلفت الآراء.نعم.. هذه مناسبة توعية!اجابت هناء الشامي الاخصائية الاجتماعية ـ عن السؤال بقولها:ليس هناك سنة عمرية محددة يمكن ان نقول ان بعدها يمكن رؤية ذلك الذي يعرض على شاشات التلفاز من قتل وجروح, من تدمير للمنازل وحرق للمساجد, فعلى كل أم أن تتعرف على شخصية طفلها.. ومن خلال معرفتها تستطيع هي ان تحدد قدرته على تحمل مثل هذه المناظر, فهناك الطفل المفرط في الحساسية, وهناك في المقابل الطفل ذو الشخصية الجادة او التي عندها نوع من انواع الوعي..وتضيف الاستاذة هناء:بدءا ننصح بتناول القضية بطريقة مبسطة وسطحية للسنين العمرية الاصغر:(3 ـ 4 ـ 5), ثم يتم التناول بطريقة اكثر تفصيلا وعمقا كلما زاد سن الطفل.. فمثلا: تبسط القضية كلها بمثال رجل غريب دخل البيت وسرق لعبتك, ماذا سيكون احساسك؟.. ثم اخذ في التمادي واخذ حاجياتك, وتمادي فنام في الغرفة التي تنام فيها فيفعل فيها ايضا من يشاء ولايسمح لسواه بالدخول اليها, او التصرف فيها الا بالطريقة التي حددها.. ثم تمادى وسرق البيت ثم الحي ثم البلدة.. فالبداية تكون بالمثال المبسط المحسوس..وتضيف موجهة حديثها للام:اجعليه يرتبط بالمسجد الاقصى وجدانيا وروحيا عن طريق الصور واظهار حبك للمسجد, وهناك من الأمهات من يعود اولاده الصغار (2 ـ 4سنوات) على تقبيل مجسم, وصورة المسجد والقرآن قبل النوم, فوجود مجسم المسجد امامة لاشك ان له آثارا ايجابية على الارتباك الروحي بالمسجد.. ثم مع تقدم السن يتم تفسير مكانة المسجد بشرح الآيات الواردة في اول سورة الاسراء, ويشرح حديثا لاتشد الرحال الا الى ثلاثة مساجد ثم يطلب من الصغير التعبير عن شعوره وهو محروم من زيارة هذه الاماكن المقدسة, ويتم بعدها سرد لبطولات اطفال في مثل عمره يدافعون عن المسجد وعن الحرم.ولامانع من شراء صورة وكتب بها شرح الآثار الاسلامية وتاريخ المسجد..وتستطرد الاستاذة هناء في حديثها قائلة:يتم ضرب الامثلة من التاريخ الاسلامي وبصفة خاصة توحيد صلاح الدين الايوبي للامة, مما كان ذلك ايذانا بالنصر في حطين وتحرير المسجد كله, مع ضرورة استكمال هذا الحديث بواجب الطفل نحو الاطفال الآخرين في فلسطين, فهو عليه واجب مهم لايمكن ان يستهين به, لانه واجب مفروض علينا جميعا الاوهو الدعاء, الم يكن سيدنا عمر ـ رضي الله عنه ـ يلتمس دعاء الاطفال لانه مستجاب, ثم يعلم الطفل كيف يدعو لهم بادعية مبسطة: (اللهم هون عليهم, اللهم انصرهم, اللهم اعزهم).. ومن المستحب ان يعتاد الطفل رؤية والده يقنت في الصلاة ويكون الدعاء لنصرة المسلمين بصورة جهرية.. ثم يأتي دور العمل الايجابي الثاني الاوهو الدعم المالي, وذلك عن طريق تشجيع الاطفال على اخراج شيء من مصروفهم في سبيل دعم الانتفاضة, وفي نفس الوقت يذكر الاطفال الصغار بما قام به اطفال الصحابة مثل معاذ ومعوذ رضي الله عنهما في غزوة بدر, واسامة بن زيد ـ رضي الله عنه ـ، في غزوة تبوك, حينما قاد جيشا كان بين جنوده سيدنا ابو بكر وعمر وعثمان ـ رضي الله عنهم جميعا ـ وهنا يأتي دور التشجيع وتعظيم اي جهد يقوم به الصغير, ويتم الكلام بصورة مكثفة عن أطفال الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ وعن دورهم الايجابي في نشر الدعوة.القضية باللعب والرسوم:وتقول الاستاذة هناء انه لامانع ابدا من شرح القضية للطفل عن طريق اللعب سواء في البيت او المدرسة, بان يبني الصغير بالمكعبات مسجدا كمثال مصغر للمسجد الاقصى: ثم تقوم الأم بتمثيل ما يحدث على ارض الواقع بالدمى الصغيرة للطفل, وهنا تشرح له ان التكبير وذكر الله تعالى والصلة به ستلعب دورا في النصر.. ثم في النهاية تشجع الطفل على التعبير عن نفسه بالرسم والكتابة والشعر.. اما الاجابة عن لماذا يحدث كل هذا؟! فتكون بطريقة مبسطة, لان المسلمين ابتعدوا عن دينهم وتفرقوا وتفرقت بهم السبل فكان ما كان!المقاطعة والقضية الفلسطينية@ كيف يمكن لاطفالنا ان يستوعبوا معنى المقاطعة اذا عرضت القضية بأسلوب مبسط؟وهنا ترجع الاستاذة هناء الشامي مرة اخرى الى ضرب الامثلة: بهذا اللص الذي استحل حرمة بيتك واستولى على خصوصياتك دونما مراعاة لمشاعرك يلوح لك الآن بالايس كريم, هو يريد ان يبيع لك المثلجات والمأكولات السريعة المحببة الى نفسك ولكنك تعلم انه يأخذ المال الذي تدفعه له لشراء السلام, ليقوم بقتل الاطفال العزل بها, فهو يأخذ مالك ليقتل اخاك.. اتحب ان يحدث ذلك لك؟..ويجب تذكيره هنا بالقول الجميل: لايؤمن احدكم حتى يحب ليأخيه ما يحب لنفسه..وتقول الاستاذة هنا ان المقاطعة تكون بايجاد البديل المحبب الى نفس الطفل, ولا مانع من تدليل الاطفال قليلا حتى يعتادوا على نمط الحياة الجديدة: عصائر تعد في المنزل وتصب في اكواب ملونة جديدة, والخروج الى المتنزهات والانطلاق في الهواء الطلق بدلا من الذهاب الى المطاعم وفي اثناء كل هذه الخطوات يتم التذكير بالهدف من وراء ذلك, وهو في عالم الطفل لماذا؟! ويتم ربط كل خطوة بالثواب المرجو من ورائها.وتختتم الاستاذة حديثها قائلة:نحن دوما, كأمهات نفكر كيف نربي طفلا مثقفا ومتعلما وراضيا وقويا, ولكن هل فكرنا ولو للحظة ان المقاطعة مناسبة, وتعلمنا كيف نربي انفسنا وابناءنا على ان نكون احرارا من شهواتنا, احرارا من القيود.. علينا ان نربيهم على ان يكونوا ذوي نفوس حرة وليسوا امعات لانماط غربية البناء, ولايتم البناء خلال لحظات, ولكنه يحتاج الى استمرارية, فالجذور عليها ان تمتد الى باطن قلب الطفل, فنحن نريد ان نزرع شجرة راسخة اسمها الوعي.