خادم الحرمين الشريفين رجل يصنع تاريخا لشعبه
بعض الشعوب يمر عليها الزمن مرور الرياح على رمال هافية في الصحراء فتذروها, وتشتتها في الهواء دون ان تكتب سطرا في سجل التاريخ, تلك الشعوب التي لم تحظ بقائد عظيم ينظم شؤونها ويقودها نحو المجد لذا نقول: ان التاريخ العظيم الذي يسطر أمجاد شعب مكتوب بيد رجل حكيم القيادة واع يعرف كيف يصل برعيته الى بر الأمان, ويحلق بها نحو سماء المجد, يتقن بناء حضارة الإنسان في زمن اهينت فيه الإنسانية وانتهكت حقوق الإنسان بعد ان ضعفت المثل العليا.. وبهتت ملامحها فأضحى الانسان تائها في عتمة درب انطفأ فيها نور الإيمان فضاعت القيم والمبادىء والمثل.في ظل هذه التحديات يجد الشعب نفسه بحاجة الى منقذ يستوعب الحاجات الروحية والحضارية. الحاجة الى الاستقرار النفسي والسلام الروحي والرضا عن الذات, والحاجة الى العلم والمعرفة والصناعة والزراعة والحاجة الى التخطيط للوصول الى موقع مرموق بين الشعوب والأمم بعلاقات راقية محترمة تجعل الشعب يفخر بانتمائه وهويته ويتمسك بملامحه مهما بلغت قوة الغزو الماسحة.وقد مَنَّ الله على الشعب العربي بزعماء صنعوا تاريخا وأمجاد انتصار ولم يبخلوا على الأمة لتحقيق وجودها بين الأمم من مكانة مرموقة لائقة, لكنه كان واحدا في عصره (فهد) الذي جمع بين النهضة الروحية والمادية ليحقق ما يحتاج اليه الإنسان من حضارة مبنية على أسس اخلاقية مستمدة من تعاليم الإسلام.قال جلالته: الإسلام دين يخاطب العقل, ويناهض التخلف في شتى صوره وأشكاله, ويشجع حرية الفكر, ويستوعب منجزات العصر, ويحض على متابعتها كما ان الإسلام وهو يضع قواعد السلوك الانساني فانه ينظم العلاقات الاجتماعية الدولية على أساس من الرحمة, حيث يقول ـ عز وجل ـ في محكم التنزيل (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) (الأنبياء 107).لم يكن جلالته ليتخلى عن القوة الروحية ليستند الى القوى المادية مهما بلغت من الجبروت والشدة, فالقوة هي قوة الله قبل كل شيء يعد بها المؤمنين من عباده وينصرهم على أعدائهم.ان القوة ليست في ان تكون لدى الإنسان طائرات او بوارج حربية ودبابات وخلافها ولكن القوة هي قوة الله قبل كل شيء بدعم من هذه القوة بدأ ببناء حضارة اسلامية أساسها الإنسان المؤمن القوي الذي تمكن في زمن قصير من انجاز مشروعات ضخمة تشهد ان خادم الحرمين الشريفين قد نجح في تحقيق أهدافه وسجل على صفحات التاريخ سيرة شعب عظيم رسمها وخطط لها والده جلالة الملك عبدالعزيز. وقد ذكرت صحيفة صنداي تايمز ان الملك فهد بن عبدالعزيز هو احد المهندسين الرئيسيين لتحديث المملكة العربية السعودية وقد استطاع احتواء مئة عام من التنمية في زهاء عقدين من الزمن.. وفي عهده تمكنت المملكة من تجاوز الكثير من العواصف السياسية العالمية.. صحيفة صنداي تايمز مارس 1989 من جريدة المدينة عدد 8345 1410/8/20هـ.وقد تمكن خادم الحرمين الشريفين من تحقيق هذا الانجاز في فترة توليه الحكم بعد ان تولى مسؤوليات كبيرة عهد بها اليه والده جلالة الملك عبدالعزيز واخوته عندما تولوا أمور البلاد فكان دائما مع سعود وفيصل وخالد الساعد الأيمن وتولى العهد في عهد أخيه الملك خالد بن عبدالعزيز مما سمح له بالالمام بمشكلات البلاد وتكوين تصور واضح عن التحديث والنهضة التي حلم بها لشعبه.وقد امتاز عن أصحاب الجلالة السابقين بقدرته على تنفيذ فكر الملك الأب عبدالعزيز وسياسته وما استنه في وصيته لابنه سعود عندما عينه وليا للعهد والتي قصد بها كل أبنائه الذين سيتولون مهام كبيرة. وقد أراد المغفور له ان يغرس بها ملكة بناء الرجال والأوطان بما تحمله في طياتها من خبرة سنوات طويلة وتجربة غنية انتجت حكمة لا يستغنى عنها ولي أمر. د. فاتن خليل محجازي