طاش.. 'اذا صرت رايح..'
ترددت كثيرا قبل الكتابة عن المسلسل التليفزيوني الرمضاني (طاش ماطاش) مرد ترددي يعود اولا الى اننا في بلداننا التواقة للتطور والانخراط في العصر والحياة العصرية لدينا حساسية تجاه انتقاد ما يمثل في نظرنا مساهمة ايجابية في عملية تطور مجتمعنا نحو الافضل اما السبب الثاني في ترددي فيعود الى انني لست ناقدا فنيا لكن اهتمامي بالشأن العام يفرض علي ابداء الرأي حول ما اصبح بعد عشرة اعوام جزءا لا يتجزأ من منظومة الاراء المتداولة في الشأن العام اعني مسلسل (طاش ماطاش) خاصة ثنائية البارزين عبدالله السدحان وناصر القصبي. لقد شكل هذا الثنائي الفني خاصة من خلال مسلسلات (طاش ماطاش) التسعة ما يمكن تسميته بشكل نسبي وبدون مبالغة اعمالا فنية ملتزمة.. لابد هنا من ابعاد الالتباس الذي يمكن ان يحيط بمفهوم الالتزام.. فالالتزام المقصود لا يعني المفهوم الضيق والسائد لسوء الحظ في بلداننا والمنحصر في الانتماء لهذا التيار السياسي او ذاك فذاك نوع من الالتزام ما نقصده هو الالتزام العام بقضايا الناس والبلد حيث يلتزم الفنان مثلا بتوعية الناس حول حقوقهم وواجباتهم بأفق مستنير يكشف للناس الخطوات القادمة للسير نحو المستقبل الافضل.. ومن خلال ما يقدمه من اعمال يختار الفنان الملتزم في الغالب الجانب النقدي لما يعرقل الابداع الانساني من قوانين وعادات وتشريعات وآليات كابحة للتطور. يعرف الفنان مسبقا الثمن المادي والمعنوي الذي عليه دفعه ليس فقط عند كشف هذه العراقيل بل وعند محاولة التصدي لها باسلوب شيق يحشد مشاعر الناس.. في هذا الاتجاه يمكن القول ان عبدالله السدحان وناصر القصبي ومن خلال جل ما قدماه من اعمال فنانان ملتزمان.اذا كان الامر كذلك ولا اظن ان السدحان والقصبي لن يسرا بذلك فان من حق الاكثرية من الناس خاصة (ناسهم) والمتابعين لاعمالهم ان يحاسبوهم برفق لقد شكلت حلقات (طاش) والى الحلقة الاخيرة تراجعا نوعيا محزنا على مستويي الالتزام العام والالتزام المهني.. لقد اصبح الاولاد والبنات ولأول مرة منذ عشر سنوات يتركون مشاهدة المسلسل بعد ثلث الحلقة الاول ويذهبون للاسترخاء مبدين امتعاضا لا ينقصه الازدراء.. اما انا فكنت اردد (ياحرام) واتساءل: ايصل الامر بفنانين الى هذا المستوى ومسلسل بهذه السمعة الى هذه النتيجة؟.. تندرج المآخذ على طاش (10) تحت عنوان عريض يقول ان ماعرض من الحلقات يمثل استهانة واضحة بالمشاهد وازدراء فظا لذاكرته وتتجسد هذه الاستهانة والازدراء من خلال:1ـ البحث الفاضح عن تقليل تكلفة العمل على حساب نوعيته واهدافه ويبدو ان القائمين على المسلسل قد استفادوا جيدا من التجارب الرديئة لبعض منتجي المسلسلات العربية.. المسلسل يبدأ وينتهي تصويره في شقة او فيلا مع الاستفادة من البلكونة كمقهى.2ـ المعالجة الرديئة للنصوص والافكار (السلق) واضح ويمكن ملاحظته احيانا على وجوه المتحاورين.3ـ الاسفاف في تكرار المواضيع والتهافت واضح في اللجوء لشخصيات حصلت على ردود فعل عريضة ولم يفعل القائمون على المسلسل سوى تكرارها ببلادة.4ـ اللجوء الى استفزاز بعض مشاعر الناس دون مبرر فني او توظيفي.5ـ ازدياد معدل التهريج تصاعديا مع كل حلقة من حد الضرورة الى الاقتراب من حد السفه.ليس سوى الحب والأمل مبرر لقسوة بهذا القدر لذلك نعزي انفسنا في الامعان في البحث عن اسباب هذا التراجع.. أتكون ردود الفعل (التأطيرية) غير العادلة والتي واجهها المسلسل والثنائي سببا؟ ايكون الملل وبالتالي اغراء العبث؟ (مهما سويت ما يمك احد!)أهي قوانين السوق في محيطها المتخلف؟ واذا كان الامر كذلك فبتكلفة متدنية امكن لمسلسل (صادوه) اصطياد زبائن (طاش ماطاش).