صحيفة اليوم

د.امل الطعيمي

بحث الاستاذ احمد بهجت في احدى مقالاته عن الشيطان على ضوء تعليق احد المفكرين وهو دنيس روجمون الذي كان يناقش حكاية الحكيم اليوناني الذي راح يبحث عن انسان فاضل ذات يوم ساطع الشمس وهو يحمل المصباح!! وخلص روجمون الى ان الانسان يرفض الاعتراف بوجود الشيطان ليتخلص من مسئولية مكافحة شروره داخل نفسه وخارجها ولهذا يفسر البشر كل الشرور والخطايا التي تقع منهم تفسيرا عقليا وعلميا فالعالم الاخلاقي يرى ان الشر مسألة نسبية تختلف وفقا للزمان والمكان، والعالم النفسي يرى ان الخطيئة حالة جنون مؤقت اونتائج عقد مترسبة في اللاوعي، ويؤكد عالم الاجتماع ان الجريمة ابنة المجتمع المادي وعوامل الفساد الاجتماعية. وهناك من يرى ان الشيطان رمز لا وجود له للشر الموجود. ويعلق الكاتب احمد بهجت على ذلك وهو يستند على قول بودلير: (ان امكر حيل الشيطان انه يقنعنا بعدم وجوده) مما يعني ان اول الاعيبه ضدنا هو الاستخفاء. ولهذا نبحث عن الشيطان في الخطيئة او الرذيلة او الجريمة ولا يخطر على بالنا قط ان نبحث عنه في فضائلنا وقد استوقفتني هذه العبارة التي تحث على البحث عن الشيطان في الفضائل قبل الرذائل ثم ما لبثت ان وجدت تفسيرا لذلك في القرآن الكريم. ففي الآيات 43 من الاسراء، و200 من الاعراف، 36 من فصلت، 100 من سورة يوسف حيث ذكر النزغ الشيطاني والحث على الاستعاذة منه لما قد يسببه من رذائل تولد من رحم الفضيلة قال تعالى (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله) ان الامر بالاستعاذة في تلك الآيات يشير الى حقيقتين ثابتتين. حاجتنا الدائمة للجوء الى الله وطلب حمايته، وقرب الشيطان منا واستخفاره في ادق تفاصيل سلوكياتنا التي قد لا يخطر باذهاننا ان يلتبس فيها الحق والباطل. لقد جاء الامر بالاستعاذة في تفاصيل حكاية يوسف واخوته وجاءت مرة اخرى بعد الحث على العفو والامر بالعفو والاعراض عن الجاهلين في سورة الاعراف وهذه سلوكيات تدخل في تفاصيل علاقتنا بالآخرين وهي التفاصيل التي قد تثير وتعالج الكثير من الاضطرابات في العلاقات الانسانية المتشابكة وذكر نزغ الشيطان ايضا في سورة الاسراء مع الحث على اختيار الطف الكلام واحسنه في التعامل مع الآخرين وورد الامر بالاستعاذة مرة اخرى في سورة فصلت.