الموقف المصري من مشاكوس متفرج والمشاركة في الحكم هي المشكلة الاساسية في السودان
ملف السودان ما زال يفرض نفسه على ساحة الاحداث في افريقيا. وما يتضمنه من الاتفاق بين الحكومة السودانية والمتمردين في الجنوب لتحقيق السلام من خلال منظمة شرق افريقيا لمحاربة الجفاف(ايجاد) واتفاق ماشاكوس.. وحول هذا الاتفاق الذي رعته الايجاد تحت مظلة الدول الغربية والضغوط الامريكية اثيرت تساؤلات عديدة منها موقف مصر من الاتفاق.. وموقف الجامعة العربية وتعيينها في وقت متأخر وبعد ان دخل الاتفاذ مراحلة النهائية مندوبة لشئون السودان.. الجدل حول الحدود الجغرافية واقتسام السلطة والثروة وتطبيق الشريعة الاسلامية كل هذه الاسئلة دارت في خلد كل من شارك في المؤتمر الذي عقدته جمعية المراسلين الاجانب بالقاهرة وأجاب عليها السيد صادق المهدي رئيس حزب الامة ورئيس الوزراء السابق المنشق عن المعارضة في الخارج والذي فضل ان يقود المعارضة من الداخل..@ كيف تقيمون الموقف المصري من اتفاق ماشاكوس؟- الموقف المصري من ماشاكوس متفرج حتى الان. لانهم يعتبرون ان ماشاكوس تتداول الرأي في مظلة الايجاد. ومظلة الايجاد تؤيد تقرير المصير للجنوب .ومصر ترفض فكرة تقرير المصير لذلك هناك موقف مصري سالب من ماشاكوس.وهناك سبب اخر وهو ان مصر تصر على ان الدعوة التي وجهت لها غير مناسبة.وان دور مصر ينبغي ان يكون فيه شراكة وليس مجرد مراقبة ومجرد حضور لتلبية الدعوة. ونتيجة لهذين الموقفين ونتيجة لان النظام السوداني قال للاخوة في مصر انه مع ماوافق عليه في الماضي من فكرة قبول المصير.وانهم في المستقبل لن يقبلوا تقرير المصير.لكن بعد ذلك فوجئ الاخوة في مصر بأن النظام السوداني قبل الفكرة تقرير المصير بعد ان وعد بالتخلي عنها فهذه الاسباب جعلت هناك موقف سلبي مصري من ماشاكوس.ومع ذلك فان وجود مصر ضروري لتحقيق التوازن. لان غياب مصر وجيرانها في الشمال الافريقي مثل ليبيا يحدث عدم توازن. لذلك نحرص على دخول مصر ومشاركتها لاننا نريد موقفا متوازنا في حضور جيراننا في القرن الافريقي والشمال الافريقي.@ هل ترون ان المشكلة الاساسية في اتفاق ماشاكوس هي كيفية تقسيم عائدات البترول وخاصة انه يتركز في الجنوب؟- مشكلة الخلاف حول تقسيم البترول ليست هي مشكلة الخلاف الرئيسية في اتفاق ماشاكوس. فهناك عدة اقتراحات بشأن توزيع عائدات البترول تدرسها الحكومة. ونحن كحزب قدمنا ورقة للحكومة نسأل تقسيم عائدات البترول بحيث يذهب جزء منها لعمليات التنمية في السودان. وجزء اخر للاقليم نفسه الذي وجد فيه البترول بحيث يتم توزيعها بطريقة عادلة.. لكن المشكلة الاساسية في السودان هي الخلاف حول المشاركة في الحكم. ونجد ان الحل الوحيد لهذه المشكلة هو تقليل فترة الحكم المشترك إلى اقل فترة ممكنة. بحيث يتم فيها حل مشاكل نزع السلاح وتحقيق الامن والتنمية. وهذه الفترة يجب الا تتعدى السنتين. ويتم تنفيذها وتتزامن مع نهاية فترة حكم الرئيس البشير. وبذلك يتم تقليل العوامل المؤدية إلى وجود خلافات ثم يتم بعد ذلك تحديد من سيتولى السلطة من خلال الانتخابات وصناديق الاقتراع. وهذه هي الطريقة الوحيدة بدلاً من الدخول في نزاع جديد حول من يستحق الحكم ومن الشخص المناسب.. لذلك من الضروري وضع برنامج محدد خلال السنتين "الفترة الانتقالية". يتم فيه حل كل المشاكل والخلاف بين الحكومة والمعارضة ثم يتم تحديد من سيتولى الحكم بموافقة شعبية.@ ما رأيكم في تعيين السيدة نادية مكرم عبيد مندوبة للسودان في الجامعة العربية؟- شئ جيد ان يتم تعيين مندوبة بشأن السودان لان هناك قضايا سياسية وانسانية تحتاج مساعدة. لذلك نحن نرحب بتعيين مندوبة في السودان. لكننا نرى انه يجب ان تتوافر صفتان مهمتان في المندوبة هما اولاً ان تكون ملمةً بشأن السودان وان تكون واعيةً بمظالم الجنويين التي وراء الحرب الاهلية.والسيدة نادية مكرم عبيد شخصية مؤهلة ومحبوبة ولديها استقلال في الرأي لكنها غير ملمة بالشأن السوداني ولذلك اقترحنا ان تقوم هي بتعيين مجلس استشاري يعطي لها الخبرة المطلوبة.@ هل تعتقدون ان الجامعة العربية يمكنها ان تلعب دوراً في تحقيق المصالحة السودانية؟- الجامعة العربية يمكنها ان تقوم بدور وساطة كبير ونحن لا ننكر ذلك لكننا نقترح الا يتم ذلك الدور كاستقطاب عربي لكن يجب النظر اليه في اطار المشاركة العربية الافريقية حيث ان جزءا كبيرا من الدول العربية في الجامعة هي دول افريقية لانه اذا وقعت حرب في السودان فستسمم العلاقات العربية الافريقية لكن اذا حدث حل عادل في السودان سينعكس ذلك كله ايجابياً على علاقات السودان بالدول الافريقي.@ أعلن الرئيس السوداني انه لا بد من تطبيق الشريعة الاسلامية مع بقاء العلمانية فهل يساهم ذلك في تعميق الاتصال مع الجنوب وهل يتماشى ذلك مع اتفاق ماشاكوس لاقامة حكم ذاتي يساعد على الانفصال؟- في تقديري ان النظام فيما يتعلق بموضوع الشريعة يتحدث بلغتين لغة تخاطب قواعده ولغة تخاطب الاخرين وفي تقديري ان موضوع الشريعة فيه غموض كثير للمسلم دون ان يدخل عامل السياسة.. تطبيق الشريعة يبدأ بقولك لا اله الا الله محمد رسول الله. فتطبيق الشريعة يبدأ هكذا ويمكن ان يمتد لابعاد اخرى.. وقد اكدنا اننا في السودان ينبغي ان نلتزم بالاسس التالية عند تطبيق الشريعة الاسلامية اولاً ان يراعي حقوق المواطنين الاخرين غير المسلمين كمواطنين عندهم حق مساو لحق المسلم، - ثانياً: تراعى الحرية الدينية لكل الاديان الاخرى،- ثالثاً: يجب الا يعطى ميزة سياسية لاي مجموعة وطنية بسبب انتمائها لدين.. - رابعاً: ان يتم تطبيق الشريعة عن طريق ديمقراطي لا عن طريق فئة من الفئات تتصور مفهوم معين عن تطبيق الشريعة وتفرض بالقوة.. فهذه الضوابط هي التي نعتقد انها ستسود.. لكن ستجد قوة سياسية في السودان تتحدث عن تطبيق الشريعة بلغة حزبية لانها بنت سلطتها السياسية على هذه اللغة وطالما فعلوا ذلك سيستمرون يتحدثون مع قواعدهم الشعبية بهذه اللغة ولكن هذه اللغة لا بد من تجاوزها والا سيكون هناك تناقض بين التطلع الاسلامي والوحدة الوطنية.@ كيف تنظرون إلى اجتماع اسياس افورقي مع رئيس دولة كينيا مع المعارضة في السودان كذلك سمعنا عن وجود تحالف يمني - سوداني - اثيوبي فما رأيكم في ذلك؟- في عام 1995 كان هناك موقف اجماعي من جيران السودان في مواجهة النظام السوداني، واتخذت كل من اريتريا واثيوبيا واوغندا ومصر موقفا مؤازرا للمعارضة ونتيجة تغيرات مختلفة تغير الوضع وغير النظام موقفه ودخل في حوار خارجي ادى إلى مصالحات مع دول الجوار منها اريتريا.. لكن ظل هناك خلافات بين النظام السودان والاريتري لم تنقطع العلاقة بين النظام الاريتري والمعارضة السودانية المسلحة المقيمة في اريتريا، وظلت مستمرة ومؤخراً حدث تصعيد عندما صعدت الحكومة الحرب في الجنوب لكي تسترد مدينة توريت وصعدت بالتالي المعارضة السودانية المسلحة موقفها العسكري في الحدود الشرقية الشمالية وتوغلت 212 كيلو متر داخل الاراضي السودانية. واتهمت الحكومة السودانية الحكومة الاريترية بانها هي التي قامت بهذا التحريض والحقيقة ان الذين قاموا بهذا العمل هم مسلحون سودانيون في الغالب ينتمون للجيش الشعبي لتحرير السودان لكن بدعم اريتري. ويوجد الان موقف تصعيد عدائي بين النظام في السودان والنظام في اريتريا. فقد دعا النظام في السودان المعارضة الاريترية بالخرطوم واعطاهم عدة تسهيلات مما يعني وجود تحالف الان بين المعارضة الاريترية والنظام السوداني ضد الحكومة الاريترية كموقف مضاء للتحالف القائم بين النظام الاريتري والمعارضة المسلحة السودانية وكذلك حدث نوع من التحالف المحوري السوداني الاثيوبي اليمني ضد ايتريا وهذه كلها تعد خطوات تمهيدية لتصعيد يمكن ان يؤدي إلى حرب اقليمية.. لذلك لا يمكن فصل ما يحدث في الحدود الشرقية في السودان مع الاستمرار في التفاوض في اتفاق ماشاكوس مع الجيش الشعبي والحركة الشعبية وتحالفهما مع النظام الاريتري في الحدود الشرقية.. لا بد من نظرة شاملة للسلام تحقق السلام الاقليمي فالنظرة الجزئية للامور لا تحقق سلاما وارى الان وجود عداء بين النظامين وكل واحد منهما يحاول ان يستقطب اعداء الطرف الاخر الداخلية والخارجية فهذا الملف يجب ان يدخل جزءاً من ملف السلام في السودان ولا يجب ان يفصل منه ولا بد ان يتم السعي لحل هذا الاشكال لانه اذا لم يحل فانت في الواقع ستفعل في ماشاكوس مثلما يفعل من يرمم غرفة في سفينة غارقة فلا بد ان نجتهد وننقذ السفينة كلها..وحول مدى التفاؤل الذي يحققه اتفاق ماشاكوس.. يقول الصادق المهدي ان الشعب السوداني هو الذي يضغط من اجل تحقيق الاتفاقية ويضغط على كلا الطرفين سواء الحكومة او المعارضة للموافقة على انهاء الحرب بينهما.. كما ان هناك وساطة دولية قوية ورسالة واضحة تهدف لتحقيق السلام.. لكن هذا لا يعني ان رغبة كل من الشماليين والجنوبيين في تحقيق السلام تعني موافقتهم بعد ذلك على حكم مشترك بين الحكومة والمعارضة فهذا غير مقبول اطلاقاً.. فالشماليون والجنوبيون يعتقدون ان اتفاقية السلام يجب ان تؤدي إلى حالة من العدل وتعترف بحقوقهم الانسانية وتؤكدها.. فمن الضروري النظر إلى الاتفاقية ليس فقط على انها تحقق السلام لكن النظر اليها من خلال مستقبل افضل للسودان.