حكمة البحار!!
** باغتني الموج يوم أمس بلغة أخرى اكثر بلاغة فآثرت الصمت على غير عادتي لأن لسان البحر اطول من لساني ولأنه يقول مالم أقله.. ويعلم مالا أعلمه ويحمل اسرارا لا أعرفها.** ان كل حكماء الدنيا قد علمهم البحر الصمت والصبر والانتظار وكسارة الموج الراكنة هناك تخفي مالا نعلم وتأتي في النهاية بمالا نتوقعه وتحملنا الى اعماق مجهولة ومخيفة..** وبالأمس شاهدت احد البحارة الصابرين والقانعين.. والمنتظرين - النشرة - التي تحمل احداثا جساما.. وأخبارا لايقدمها الا البحر..لقد بقي صامتا طوال النهار وسنارته في الاعماق.. لم يمل ولم ييأس ولم يصب بالقنوط او الاحباط.. ولكن قبل الغروب بقليل اصطاد سمكة كبرى ولكنه لم يفرح.. حمل سمكته على كتفه وادار ظهره ومضى.. وتبعته وثمة اسئلة في رأسي.قلت له: ياعم سليمان لماذا لم تفرح وقد اصطدت اكبر سمكة بعد طول انتظار..؟وتطلع الي بغضب ولم يجب؟!وعدت.. اسأله من جديد: ماذا ستفعل بهذه السمكة ياعم سليمان..؟اجابني بسخرية مريرة قائلا:(سوف أشويها)!! ثم بصق على الأرض وكأنه يلعن سخف اسئلتي..وصمت على مضض.. وقد ادركت حكمة البحار.. والبحر.. ان كليهما.. لايحتمل الاسئلة.. ولا الرغي.. ولكنهما يعرفان فضيلة الصمت لمن يكثر كلامه.. ويقل عقله ويتفاقم خطأه ويزداد بؤسه..وعدت الى الشاطئ.. لأقضي ليلي صامتا.. فالبحر يعلم الناس الأدب والأصغاء.. ولم احاول ان اصطاد سمكا.. ولكني حاولت ان افهم.. لماذا يصمت البحار طول النهار.. انها حكمة الصمت والانتظار.. لما تحمله الاقدار - يا معين - !!