تزايد مشاعر العداء في الدول العربية تجاه الولايات المتحدة
لا يخفي الاردنيون غضبهم الشديد حيال السياسة الامريكية في المنطقة خصوصا في ظل تصعيد واشنطن تهديداتها بشن ضربة باتت شبه أكيدة ضد العراق المجاور، رغم ميل الخطاب الرسمي الاردني الى التهدئة واستمرار تأكيده متانة العلاقات السياسية والاقتصادية مع الولايات المتحدة.وقد اكدت دراسة امريكية أعدها معهد (بيو ريسيرتش سنتر) في واشنطن نشرت في الرابع من كانون الاول/ديسمبر وشملت 44 دولة في العالم ان الاردنيين يحتلون موقع الصدارة بين الشعوب العربية في مشاعر العداء تجاه الولايات المتحدة.ووفق هذه الدراسة فان 75 في المئة من الاردنيين يكنون مشاعر عداء للولايات المتحدة ما يجعلهم يتقدمون على المصريين (69 في المئة) واللبنانيين (50 في المئة).ويقول جميل ابو بكر نائب الامين العام لحزب جبهة العمل الاسلامي، ابرز احزاب المعارضة الاردنية، ان تقدم الاردن على سائر الدول العربية في مشاعر العداء للولايات المتحدة مرده الموقع الجغرافي للاردن الذي يجعله بين الشعبين الفلسطيني والعراقي اللذين يعانيان بشدة من السياسة الامريكية الظالمة في المنطقة.كما يشير الى وجود شعب واحد في فلسطين والاردن وتاريخ طويل من العلاقات بين البلدين. يشار الى ان نحو نصف سكان الاردن البالغ عددهم خمسة ملايين نسمة من اصل فلسطيني.وكان حزب جبهة العمل الاسلامي قد اصدر يومي الاثنين والخميس من هذا الاسبوع بيانين مناهضين بشدة للولايات المتحدة ينتقد فيهما المبادرة الامريكية من اجل تعزيز الديموقراطية في العالم العربي ويدعو الدول العربية والاسلامية الى تحريم مجالها البري والجوي والبحري امام القوات الامريكية قائلا: ان هذه الأخيرة تستعد لشن "حملة صليبية ضد العراق والامة العربية.ويؤكد الحزب في بيانه ان امريكا مخطئة ان هي ظنت انها تستطيع تحسين اتجاهات شعوب العالم المظلومة نحوها، فكراهية هذه الشعوب لكل ما هو امريكي هي نتاج غطرسة الادارة الامريكية واستعلائها ومساندتها كثيرا من قوى الظلم والطغيان في العالم.وقد اعلن الاردن مرارا انه لن يسمح باستخدام اراضيه في شن ضربة ضد العراق. واكد وزير خارجيته مروان المعشر هذا الموقف لكنه شدد في الوقت نفسه على ان عمان لا تنوي اطلاقا الاضرار بعلاقاتها مع الولايات المتحدة.ومن جانبه، يجد رئيس نقابة المحامين في الأردن صالح العرموطي ان ارقام الدراسة الامريكية ليست معبرة بدرجة كافية عن حجم الاستياء لدى الاردنيين تجاه سياسة الولايات المتحدة بل ان النسبة الفعلية لعداء الاردنيين للولايات المتحدة ترتفع الى 90 في المئة.ويرى ان الولايات المتحدة هي المسؤولة عن مشاعر العداء تجاهها اذ تنتهج سياسة استقواء على العرب والمسلمين حتى ان المواطن العربي بات يعيش حالة رعب بسبب هذه السياسة. ويضيف الشارع العربي مشحون ضد سياسة الولايات المتحدة ولو استخدمت واشنطن كل الاساليب الاعلامية للترويج لسياساتها.وبالفعل، تنشط السفارة الامريكية في عمان في تنظيم لقاءات مع شرائح مختلفة من المجتمع الاردني خصوصا الطلاب الجامعيين تقدم خلالها شهادات عن حياة امريكيين مسلمين يعيشون في الولايات المتحدة ويمارسون شعائرهم الدينية دون اي عوائق وفي اجواء من التسامح.وتركز هذه اللقاءات التي تنشر اخبارها الصحف الاردنية على الانسجام بين الاسلام والقيم الامريكية واظهار الولايات المتحدة بصورة الدولة المتسامحة حيال قيم الاسلام بعد ان اتهمت مرارا بالخلط بين الاسلام والارهاب بعد اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر.ويعلق ابو بكر على هذه النشاطات بالقول انها شكلية فقط وتأثيرها محدود جدا لانها لا تمس صلب القضية التي تعتبر مصدر كراهية العرب للولايات المتحدة اي النزاع العربي-الاسرائيلي والضربة المرجحة ضد العراق.في المقابل، ترى اوساط اكاديمية ان حالة الغليان في الشارع الاردني ضد سياسة واشنطن ومواقفها في شأن العراق والنزاع العربي الاسرائيلي لا تعني ان ثمة اجماعا داخل المجتمع الاردني على مناهضة الولايات-المتحدة.ويقول مصطفى حمارنة رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الاردنية صحيح ان الشارع الاردني غاضب حيال السياسة الامريكية ومتحمس لمزيد من التقارب مع العراق غير ان ذلك لا يعني انهم مناهضون للامريكيين. وتشير دراسة اخيرة للمركز الى ان اكثر من 80 في المئة من الاردنيين يدعون الى زيادة حجم المساعدات الى الفلسطينيين ولكن دون قطع العلاقات السياسية مع اسرائيل او الغاء اتفاقية السلام الاردنية الاسرائيلية (1994).ويقول حمارنة ان ثمة تباينا كبيرا بين مجموعات الرأي في الاردن ففي حين تحمل الاوساط النقابية هذا الخطاب المعادي للولايات المتحدة، نرى ان الاوساط الاقتصادية تصرح علنا بتأييدها تعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة.ويقيم الاردن علاقات اقتصادية متميزة مع واشنطن وهو اول بلد عربي وقع اتفاقية للتبادل الحر مع الولايات المتحدة بدأ العمل بها في 17 كانون الاول/ديسمبر 2001.ويحصل الاردن على مساعدات اقتصادية سنوية من واشنطن بقيمة 150 مليون دولار رفعت قيمتها الى 250 مليون دولار للعام 2002، الى جانب حصوله هذا العام على مساعدات عسكرية قيمتها 75 مليون دولار.وقد دعا العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني في الحادي عشر من كانون الاول/ديسمبر رجال الاعمال الامريكيين الى الاستثمار في بلاده معتبرا ان اتفاق التبادل الحر هو اقتراع بالثقة لصالح الاردن.