صحيفة اليوم

النظرة إلى القائد

لكل قائد اتباع، ويشكل الاتباع المخلصون الوجه المكمل للقائد. اذ من دونهم لا يستطيع القائد تنفيذ مخططاته وتحقيق الاهداف المستقبلية. ويسبق وجود القائد وجود الاتباع في العادة، بل هو يصنعهم. فالقائد هو الذي يشكل الاتباع، وان كان يراعي ظروفهم والقيم والمبادىء التي يحملونها ويرفعهم برفق الى مستواه او مستوى المهمة.يميل الناس الى ربط النجاح والفشل بشخص القائد، لان ذلك اسهل من ربطهم بمجموعة معقدة من الظروف والاحداث. وعلى الذي يرغب في قيادة الناس ان يراعي هذه النظرة ويفهم انطباعاتهم ويتصرف واضعا في حساباته توقعات الناس والاتباع. ومما يدل على وجوب ذلك قصة شكوى اهل الكوفة من سعد بن ابي وقاص. اذ شكا اهل الكوفة سعدا لعمر بن الخطاب رضي الله عنهما. فارسل عمر الى سعد فأتاه. ولم يكتف عمر بالاستماع الى رد سعد، رغم قناعته الشخصية به. انه امام شكوى من الناس وما يلزم هو اقناع الناس. ارسل عمر لجنة لتقصي الحقائق. لم تذهب هذه اللجنة الى مقابلة اعيان البلد واثريائها بل وقفت تراقب وتتقصى الحقائق في المساجد والاسواق. من هنا نستنتج ان القائد الذي لا يراعي انطباعات الناس وطريقة تفكيرهم ستكون قدرته على احداث التغييرات المطلوبة في المنظمة ضعيفة ان لم يفقد قيادته اصلا.يكون لكل انسان تصوره الخاص عن القيادة وشخصية القائد، بل يتخيل حتى شكل القائد وتصرفاته وطريقة حياته. وتشير الدراسات الى ان الناس يعتمدون على هذه التصورات في تحديد مدى نجاح المنظمة او تكوين انطباعهم الاولي حول مدى فرصة نجاح شخص ما في قيادتهم. ولذلك نجد ان الكثيرين يحكمون على اداء قائدهم بناء على تصرفاته وشكله وكلامه وحركاته بدلا من الحكم عليه بناء على قدرته على التخطيط وتحقيقه الاهداف التي يرسمها لاتباعه. وفي هذا التصرف خطأ كبير فقد يحب الناس قائدا لم يحقق لهم شيئا لمجرد انه جميل المنظر حلو اللسان وقد ينفر الناس من قائد فذ حقق الكثير الكثير من الانجازات المثبتة لمجرد انه لم يكن طويلا او حسن المظهر.لماذا يتصرف الناس بهذه الطريقة؟ احد الاسباب هو الاستعجال في الحكم. فالانسان بطبعه غير صبور ونتائج المخططات والاهداف المستقبلية التي يضعها القادة لا تتجسد على ارض الواقع الا بعد مضي وقت طويل. وبالتالي يلجأ الناس الى الانطباعات لتكوين حكم سريع على القائد وفعاليته. فاذا اتفقت حقيقة القائد مع الصورة التي في اذهانهم يعطونه الثقة ويتبعونه راضين. ورغم ما قد نظن من خطأ هذه النظرة الا انها طبيعة بشرية لا نستطيع تغييرها. لذا فالاسلام يراعي مثل هذه النظرة ولذلك كان النبي عليه الصلاة والسلام والخلفاء الراشدون من بعده يختارون السفراء من بين الصحابة اصحاب الشكل الجميل والمظهر الحسن. ومن ذلك ارسال النبي صلى الله عليه وسلم دحية الكلبي الى هرقل. وفي النهاية نقول ان التاريخ اثبت ان اشخاصا ليسوا بهذه المواصفات كانوا من القادة الافذاذ كأبي بكر وعمر بن الخطاب ونابليون وغيرهم.