د. ماهر مقبول شريف
توضح الوثائق التاريخية أن أول إكتشاف للغاز الطبيعي تم في بلاد فارس قبل أكثر من أربعة آلاف سنة. حيث كان يستخدم لإشعال النار التي كانت تُعبد في تلك العصور السحيقة, كانت تقدس من قبل بعض الفئات في ذلك الزمن. وكان الصينيون على دراية بهذا الغاز 900 سنة قبل الميلاد إلا أنهم لم يتمكنوا من إستغلاله تجارياً إلا 211 عاماً قبل الميلاد فقاموا بإستخدامه لمعالجة المواد الخام من الصخور الملحية للحصول على ملح الطعام. كانت أنابيب مصنوعة من خشب البامبو تستخدم لإستخراج الغاز من أعماق تصل إلى 1000 متر تحت سطح الأرض.أما في القارة الأوروبية فلم يكتشف الغاز الطبيعي إلا في عام 1659م, ولم يبدأ استغلاله لاضاءة المنازل والطرقات إلا في عام 1790م. في الولايات المتحدة تم إمداد أول أنابيب للغاز الطبيعي لاستغلاله تجارياً في عام 1821م, حصل ذلك في مدينة فريدونيا بولاية نيويورك فاستغله أهالي هذه المدينة للإضاءة والطهو. بدأ إستخدام الغاز الطبيعي بشكل موسع في القارة الأوروبية في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي تزامن ذلك مع الاكتشاف الذي حققه العالم الشهير روبرت بنسن Robert Bunsen الذي اكتشف في عام 1885م فوهة بنسن النارية Bunsen Burner التي مازالت تستخدم في المعامل الكيميائية وحتى وقتنا الحاضر.هذا الإنجاز أدى إلى إختراع أنابيب غازية تمنع تسرب الغاز منها, تم ذلك في عام 1890م. وبهذا الحدث تمكن مد أنابيب الغاز الطبيعي لمسافات تصل إلى 160كم. في أواخر الثلاثينيات في القرن المنصرم تطورت تقنية نقل الغاز الطبيعي لمسافات أكبر. في الفترة ما بين 1927 و1931 تم بناء أكثر من عشرة خطوط أنابيب ضخمة لنقل الغاز في الولايات الأمريكية ولكنها كانت محدودة كل ولاية على حدة. اكتشاف عدد ضخم من آبار الغاز أدى إلى إنخفاض سعره فأصبح أكثر تداولاً بين الناس لأغراض الطهو والتدفئة. منذ عام 1960م والعالم يعمل دائباً لمد آلاف الكيلومترات من خطوط الأنابيب القادرة على نقل هذا الغاز من مكان إلى آخر. فأصبح ثروة وطنية لا يستهان بها في عدد كبير من دول العالم. مستقبل الغاز الطبيعي يبدو زاهراً لأن إستخدامه في الصناعة, المنازل ووسائل التنقل المختلفة وكذلك محطات التوليد الكهروحرارية لا يؤدي إلى تلويث البيئة كما هو الحال مع المواد البترولية أو الفحم الجيري.