عاصمة الثقافة الإسلامية 1/2
مكة المكرمة.. هذه البقعة المباركة التي اختارها الله موقعا لبيته الحرام ومسقط رأس أبينا اسماعيل عليه السلام ومولدا لرسول الهدى محمد صلى الله عليه وسلم ومنزلة للوحي ومبعثا للرسالة.هذه البلدة الطيبة.. التي انبعثت منها انوار الرسالة المحمدية رسالة الهدى والحق والعدل ودرج على اديمها نبي الهدى والحق والعدل في صباه ومبتدأ رجولته الى ان أتاه الوحي وهو قائم يتعبد في غار حراء بعيدا عن كل بقعة تلوثت برجس الاصنام.. وارجاف الكفر. وعتو الطغيان وهب البلدة التي دعا لها ابونا ابراهيم عليه الصلاة والسلام حيث جاء على لسانه في العديد من الآيات الكريمات (وإذ قال ابراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر.. قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم اضطره الى عذاب النار وبئس المصير.. واذ يرفع ابراهيم القواعد من البيت واسماعيل ربنا تقبل منا انك انت السميع العليم.. ربنا واجعلنا مسلمين لك.. ومن ذريتنا امة مسلمة لك وارنا مناسكنا وتب علينا انك أنت التواب الرحيم.. ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم انك انت العزيز الحكيم) سورة البقرة.فبهذه الآيات المنزلة الحكيمة.. وبهذه الدعوات الربانية التي رفعها ابو الانبياء وقائد مسيرة الاسلام ابراهيم عليه السلام وتلك الاستجابة الربانية التي كانت عنوانا للرحمة من الله سبحانه وتعالى لعباده والرأفة بهم في الدنيا والآخرة. بهذا كله كان الترشيح الرباني لأم القرى مكة المكرمة لتكون مقرا للبيت الحرام ومهبطا للوحي ومبعثا للرسالة.. حيث انبلج منها نور الاسلام. وهي وما تحتويه من مؤسسات ثقافية علمية على رأسها الحرم المكي الشريف جامعة عالمية يرتادها ابناء العالم الاسلامي للحج والعمرة والتجارة والتعلم. وكانت مساجدها اقدم المساجد بعد مساجد المدينة المنورة وعلى رأسها المسجد النبوي على ساكنه الصلاة وافضل التسليم. وكانت مكتباتها من اكبر المكتبات في العالم الاسلامي.وكانت ساحة الحرم المكي الشريف ومنذ القدم تعج بحلقات التعليم والتلقي. الى جانب حلقات الذكر التي يؤمها الطائفون والعاكفون والرجع السجود.وقد كان الحرم المكي منذ ايام الفتح الاول بؤرة تنطلق منها انوار العلوم الدينية والدنيوية.. ويقصدها طلاب العلم من شتى بقاع الارض للانتظام في حلقات الدرس التي يحتويها صحن الحرم ويتولى التدريس والوعظ والارشاد فيها كبار علماء الاسلام. اذ كان يكفي الانسان فخرا ان يقول انه خريج الحرم المكي الشريف لان ذلك يعني انه التقى بكثير من علماء الاسلام واخذ عن بعضهم كما التقى بالكثير من الطلبة. الذين يؤمون هذا البيت للطلب والدراسة - من جميع اقطار العالم الاسلامي حيث يتعارفون وتتأصل في نفوسهم تلك المعارف معرفة العلوم الدينية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية ويكون القرآن الكريم هو الضابط لتلك المعارف والعلوم للنهل من اسراره العلوية والتقيد بأوامره ونواهيه الدينية التي تنظم حياة الكون في نظام بديع دقيق لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.وكانت مكة المكرمة سباقة في دنيا الطباعة والصحافة والنشر في جزيرة العرب حيث عرفت الطباعة منذ عام 1300هـ بوجود المطبعة التي اسسها الوالي عثمان نوري باشا. وقد سميت في العهد السعودي بمطابع ام القرى. كما شهدت ميلاد اول جريدة هي (جريدة الحجاز) التي صدرت عام 1326هـ وبعدها صدرت صحيفة شمس الحقيقة عام 1327هـ ثم جريدة القبلة عام 1334هـ وجريدة الفلاح عام 1338هـ ومجلة (جرول الزراعية) اصدرتها مدرسة جرول الزراعية عام 1338هـ.وفي العهد السعودي صدرت جرائد : أم القرى عام 1343هـ ، مجلة الاصلاح 1347هـ ، وجريدة صوت الحجاز 1350هـ ، ومجلة النداء الاسلامي 1356هـ ، جريدة الندوة 1377هـ ، جريدة حراء 1376هـ ومجلة كلمة الحق 1387هـ ، ومجلة الروضة 1379هـ ، ومجلة قريش 1379هـ ومجلة الحج 1366هـ ، اخبار العالم الاسلامي 1386هـ ، ومجلة رابطة العالم الاسلامي 1383هـ ، ومجلة الرياضة 1380هـ.اما المكتبات التي تغذي العقول وغيرها بالعلوم والآداب فان اهمها بمكة المكرمة :مكتبة الحرم المكي التي يرجع عهدها الى القرن الثالث عشر الهجري اذ امر السلطان عبدالمجيد بارسال خزانة كتب نفيسة تحتوي على 3653 كتابا وسميت (كتبخانة) ثم ضمت اليها فيما بعد كتب وقف الشريف عبدالمطلب وكتب الشيخ صالح عطرجي ومكتبة الشيخ عبدالحق الهندب ومكتبة وقف والي الحجاز محمد رشدي باشا وفي عام 1357هـ امر الملك عبدالعزيز رحمه الله بتسميتها مكتبة الحرم المكي وتشكيل لجنة من العلماء لدراسة اوضاعها وتنظيمها وتزويدها بما يطبع من الكتب مستقبلا.والى جانب مكتبة الحرم المكي هناك المكتبة العامة التي اسستها وزارة المعارف عام 1406هـ ، ومكتبة مكة المكرمة التي افتتحت عام 1379هـ تحت مسمى (مكتبة مكة المكرمة) عاصمة الثقافة الاسلامية.