صحيفة اليوم

سوسن الشاعر

بغض النظر عن اتفاقي او اختلافي مع الفكرة الا انني احترم و بشدة ذلك الصعيدي الذي ترك بيته وعياله وزوجته ورحل للعراق ووجد الطريقة للوصول الى هناك, وادعو له بالسلامة او اهنئه بالشهادة ان كان ضمن الستمائة متطوع الذين قتلوا بالامس قبل ان تتاح لهم فرصة القتال حين اصابتهم البي 52 في احدى طلعاتها.احترمه لانه شخص منسجم مع نفسه, او كما نقول (قول وفعل) واقدر له صدق مشاعره ونواياه, لم يعقه شيء ولم يتحجج ببعد المسافة او بمنع السلطات او غيرها من الحجج التي تميز بين الحق والباطل لانه كما نقول -مرة اخرى (اللي في قلبه الصلاة ما تفوته) بل شق طريقه ووصل لبغداد اما عن طريق الاردن او عن طريق سوريا فالسفر لهاتين الدولتين متاح وحركة التنقلات مفتوحة, ووزير الاعلام العراقي صرح بأن هناك اكثر من ستة آلاف عربي قد وصلوا الى بغداد... لكنني اكن العكس تماما لكل كاتب او خطيب مسجد او محلل سياسي او غيره من المنظرين ممن يجلس في بيته ويجاهد بلسانه فحسب, حاثا العراقيين العزل وباقي المواطنين الشرفاء البسطاء العرب صادقي الاحساس والمشاعر الطيبة التي لا يشكك احد ابدا فيها ليقاتلوا عن شرف الامة نيابة عنه! في حين انه بعد نهاية كتابة المقال او نهاية الخطبة (دق ذاك المجبوس) و(خمد) متدثرا بلحافه مستمتعا بهواء مكيفه, وهو يسمع صوت عياله يتشاجرون على الريموت كنترول في الصالة! ثم في مظاهرة او مسيرة تغسل وتعطر واخذ سبحته في يده وسار مع السائرين وكفى الله المؤمنين شر القتال. ذاك الصعيدي البسيط لا يملك ان يأمر الناس بالمعروف, بل بادر هو من تلقاء نفسه بالقيام به, تاركا زوجته وعياله يتصرفون في مصيرهم من بعده, وهو مواطن (معتر) على رأي اخواننا اللبنانيين, لم يسمع به احد ولن يحاسبه احد ولن يعايره احد, انما اعجب من هؤلاء القوم المشاهير الذين يملكون الجرأة ويكتبون او يظهرون على شاشات التليفزيون ببدلاتهم وربطاتهم ومناديلهم المتدلية من جيوبهم العليا او شماغاتهم المنشاة او يعتلون المنبر, بل العجب اكثر من هؤلاء الذين يسكنون في بلاد (العلوج) وبعضهم يحمل جنسياتها يتباكون على شرف الامة الذي اهدر وهم باقون في اماكنهم ويصرخون صبرا آل بغداد.حتى الاحترام لم يعد موضع امتحان عندنا, لم نعد نحاسب من يقف و يجاهر بالقول, رغم ان الجهر بالقول اصبح اليوم متاحا في كثير من دول العالم, اما عندنا في اوطاننا فلا يخشى الكذاب والمنافق والدجال ان يعتلي المنبر او يتناول القلم او يظهر على شاشة التليفزيون لانه يعرف اننا لن نسأل ولن نبحث ولن نحاسب.اليوم هناك الف طريقة وطريقة تمتحن فيها المصداقية, فمن رأي ان الاسلوب الامثل للدفاع عن شرف الامة ان يستمر العراقيون في القتال والصمود وبذل الغالي والنفيس غير عابئين بموازين القوى ليكن .. فلن نناقش القناعات, انما لا حجة لمن يتلكأ عن مشاركتهم, فلا حجة بعد اليوم لمن سيكتب او من سيصعد منبرا او من سيظهر على شاشات التليفزيون, فرض العين واجب على كل فرد والطريق سالك لمن اراد, وشيخ الازهر مد ذراعه بالامس وقد نفد صبره نتيجة الالحاح بالسؤال وهو يجيبهم من اراد ان يذهب فليذهب الباب مفتوح, ومن تحجج بسنه او بعجزه او بمرضه, فليتبرع براتبه الشهري من الآن وحتى يتحرر العراق, فلا مسيرات ولا تبرع بالدماء فيه كل مواصفات الدلع يعقبه عصير برتقال بارد (يسرسح) على قلبه, بل لن يقبل منكم اقل مما قبل من الصعيدي المصري! فيا كتابنا وخطباءنا ودعاتنا ومحللينا السياسيين الذين تستضيفهم مجالسنا و ندواتنا وبرامجنا التلفزيونية هذا هو الميدان, وسنحترم ونقدر بشدة كل من امر الناس بالمعروف ولم ينس نفسه.كاتبة بحرينية