صحيفة اليوم

خليل الفزيع

يتباهى بعض الناس بما يرتكبون من اخطاء , ويرون في تلك الاخطاء بطولة نادرة , أو صفة مميزة او تفردا لا يتاح لغيرهم , دون ان ينتبهوا إلى ما تعنيه تلك الاخطاء من اساءة لغيرهم ولمجتعهم , والأهم من ذلك الإساءة لدينهم , فهذا الذي يتباهى بالغش , ويرى في ذلك نوعا من الشطارة , وهذا الذي يتباهى بالوشاية ويرى في ذلك نوعا من التقرب الى ذي جاه او غنى , والذي يتباهى بالاساءة الى من أحسنوا اليه ويرى في ذلك نوعا من ( الفهلوة) والذي يتباهى بطعن صاحبه من الخلف ويرى في ذلك نوعا من اقتناص الفرص الحقيقية لتحقيق مكسب شخصية . كل هؤلاء ومن لف لفهم يتجاهلون ان الغش مرفوض (ومن غشنا فليس منا) وان الوشاية مرفوضة والواشي كمن يأكل لحم أخيه ميتا (أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه) وأن الاساءة مرفوضة المسلم على المسلم حرام ماله وعرضه ودمه أو كما قيل وإن طعن الصاحب غدر ليس فيه من الرجولة (شروى نقير) (وأعجل الاشياء عقوبة الغدر) وهو من جانب آخر مكر (ولا يحيق المكر السيء الا بأهله) فهل في الصفات الذميمة ما يدعو الى التباهي بها أمام الآخرين ؟ كلا وألف كلا .. لأنها دليل على سوء النية وخبث الطوية , ومع ذلك فإن هناك من يتباهى بالغش أو الوشاية , أو الاساءة لغيره أو طعن أقرب الناس اليه من وراء ظهورهم , وكان الأحرى به أن يخجل من نفسه وان يستر بلواه , بل أن هناك من يرتكب المعاصي الأكبر من ذلك, ولكنه لا يخجل من ذكرها متفاخرا بارتكابها مع أنه الى الخجل أقرب وبالستر أحرى, فما من أحد يستسيغ ارتكاب الخطيئة , أو الجهر بها او التباهي بفعلها , وما من انسان سوي الا ويتصدى لمثل هذه الممارسات الشاذة بالكثير من الحزم والمجابهة , والشجب , ليعود المخطئ الى رشده ويدرك , أن ما ارتكبه لا يدعو الا الى الخجل.وكيف يفضح الانسان نفسه إذا ستر الله عليه , فقد يخطئ ولا يراه سوى خالقه وإذا به يعلن على من يعرف تفاصيل ذلك الخطأ بدافع النشوة بالإثم , وياله من دافع سيء الوسيلة والغاية وربما بدوافع أخرى لا يعرفها سوى صاحبها دون سواه. ليس من اللائق ارتكاب الخطأ ولا الجهر به , فالآخرون لا يشرفهم معرفة هذا الخطأ وربما أثقل كاهلهم لما ينطوي عليه من سرية يجب أن تصان ومن خصوصية يجب ان تظل في حدودها , وربما من أثم يجب أن يقبر.ان الانسان إذا سولت له نفسه ووسوس له الشيطان ارتكاب الخطأ عليه أن يثوب الى رشده , ويلوي عنان رغبته , ويوجه سلوكه في الاتجاه السليم , أما إذا وقع في المحذور لا قدر الله , فعليه التوبة ولا التباهي والتفاخر , وكأنه قد أتى عملا محمودا ولا عملا مذموما , يأباه الجميع وترفضه النفوس الأبية الكريمة فذلك من عمل الشيطان.(إن الشيطان للانسان عدو مبين)صدق الله العظيم