ميثاق الجامعة العربية أكبر من الواقع العربي
موقف الجامعة العربية تجاه الازمة العراقية الآن هو الوجه الآخر لعجزها عن الوقوف في وجه نفس النظام عام 90/91 عندما قام بغزو الكويت.. وما لم تستوعب الانظمة العربية الدروس ويكون لديها شجاعة الاعتراف بالقصور الشديد في ادائها فستظل الجامعة منظمة بدون فاعلية.هذا ما اكده الدكتور وحيد عبد المجيد مساعد مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالاهرام والمتخصص في النظم السياسية وقضايا الشرق الاوسط حيث التقت معه "اليوم" في ا لحوار الاتي:@ بداية نود التعرف على رؤيتكم فيما يتعلق بحسابات النظام العراقي في تفضيل خيار المواجهة مع قوات التحالف الامريكي البريطاني؟- اعتمد النظام العراقي على عنصر الزمن في رهانه بالاصرار على المواجهة مع قوات التحالف الامريكية البريطانية.. حيث مواصلة الصمود مع زيادة عدد الضحايا من المدنيين الابرياء وبالتالي يتولد ضغط دولي على الادارة الامريكية وادارة توني بلير لوقف العمليات العسكرية والعودة إلى طاولة الدبلوماسية داخل اروقة الشرعية الدولية.@ اذا هل تتوقع تحرك للقوى المناهضة للحرب مثل فرنسا وروسيا والصين لاستصدار قرار من مجلس الامن بوقف الحرب؟- مجلس الامن مقيد بالفيتو.. وكما واجهت الولايات المتحدة الامريكية الفيتو عندما ارادت استصدار قرار عسكري ضد العراق فانها ستتقدم بدورها بفيتو ضد أي قرار تلجأ اليه هذه الدول لوقف الحرب.@ وما هي الاستراتيجية التي يمكن على اساسها تتحرك هذه الدول؟- اعتقد ان الاستراتيجية المناسبة لهذه الدول انها ستتحرك في عدة اتجاهات، واتصور ان الاتجاه الحالي يركز على الاستمرار في التأكيد على عدم شرعية هذه الحرب، وسيكون رهان هذه الدول قائماً على عدم قدرة امريكا وانجلترا على الاستمرار في الحرب مع استمرار صمود بغداد وسقوط كثير من الضحايا سواء كانوا عراقيين او امريكيين او بريطانيين.@ لو افترضنا نجاح قوات التحالف في حربها.. ففي تصوركم ما هو مستقبل العمل الانساني الاوروبي بالنسبة للعراق؟- بافتراض تحقيق هذا النجاح فان مستقبل بناء العراق سياسياً واقتصادياً واعادة اعماره سيكون جزءا من التحرك الاوروبي الذي ستقوده فرنسا والمانيا.@ والى أي مدى سيادتكم متفائلاً باجتماعات وزراء خارجية العرب؟- دائماً كل ما سيصدر عن اجتماعات وزراء الخارجية العرب بيانات انشائية قوية الصياغة ولكنها تحلق بعيداً عن ارض التفعيل والواقعية وبالتالي تفقد قيمتها.@ الولايات المتحدة الامريكية قامت مؤخراً بطرد الدبلوماسيين العراقيين ترى ما هي الاسباب الرئيسية؟- طرد الدبلوماسيين العراقيين يمثل انتهاكاً صارخاً للشرعية الدولية، رغم ادعاء الولايات المتحدة الامريكية بانها تستهدف من وراء ذلك فقط عناصر المخابرات العراقية الذين يمثلون ضغوطاً على ممثلي السفارات العراقية وبالتالي تنجح الولايات المتحدة عن طريق ذلك لتطهير السفارات من العناصر الموالية للنظام العراقي وتهيئة هذه السفارات لتقديم الولاء للنظام العراقي الجديد بمجرد انتهاء الحرب.@ هل تتوقع ان يلجأ النظام العراقي إلى توسيع نطاق الحرب عن طريق توجيه بعض العمليات العسكرية ضد اسرائيل؟- هذا الاحتمال اصبح منعدماً تقريباً بعد ان سيطرت قوات التحالف على منصات الصواريخ العراقية في الجبهة الغربية من الحدود العراقية، حيث اعتماداً على المدى الجغرافي فان اكثر مدى للصواريخ العراقية هو 150 كم.@ في ظل الظروف الراهنة.. كيف ترى موقف القضية الفلسطينية؟- القضية الفلسطينية يمكن ان تخسر ويمكن لها ان تكسب من هذه الحرب، ومن مصلحة الولايات المتحدة الامريكية بعد انتهاء الحرب تحقيق نوع من الاستقرار في المنطقة ومن ثم فالمتوقع حدوث دبلوماسية مكثفة في المنطقة فيما يتعلق بمشروع خريطة الطريق واذا مضت هذه الحركة في اتجاهها وفي نفس الوقت تصرف الفلسطينيون بشكل رشيد في التعامل معها وسعوا إلى تصحيح الاختلالات في سلوكهم السياسي فمن الممكن معه الوصول إلى صيغة ما هذا جانب وهناك جانب اخر يمكن ان تخسر فيه القضية الفلسطينية اذا ما تصاعدت التأييدات التي تصاعدت في الايام السابقة برفع المتظاهرين الفلسطينيين لصور صدام حسين بطريقة لم تحدث في أي مظاهرة داخل الشارع العربي مما يعكس مدى دفاعهم عن النظام العراقي.. وهذه التصرفات الفلسطينية التي تتزايد معها حدة الاحتجاج يمكن ان تؤدي إلى مزيد من الغضب الامريكي ضد الشعب الفلسطيني ومن ثم تتجاهل قضيتهم.@ كيف تنظر لمستقبل الامم المتحدة؟- هناك ازمة كبيرة تواجه الامم المتحدة تجاوزت تداعيات الصراع الذي حدث بين روسيا وفرنسا والولايات المتحدة الامريكية وهذا سيتوقف على الطريقة التي تتصرف به هذه الدول بعد انتهاء الحرب، لان المحك الذي سيظهر فيه دور الامم المتحدة هي اعادة اعمار العراق، وخلال هذه الفترة فان روسيا وفرنسا ستتمسكان بضرورة انسحاب القوات الامريكية والبريطانية قبل اعادة الاعمار.@ ولكن ما هي تداعيات اصرار كل من القوات الامريكية والبريطانية على البقاء داخل العراق بعد الحرب، وما بين القوات المناهضة للحرب؟- هذا ربما يقود إلى انهيار الامم المتحدة وهو بدوره وليس في صالح الولايات المتحدة الامريكية التي لن ترتضى باي حال للامم المتحدة ان تموت لان الولايات المتحدة الامريكية ليس بامكانهها الدخول كل يوم في حرب والا وجدت نفسها متورطة في حروب ربما لا طاقة لها بها.. ولكن على عكس هذا الاتجاه فان هناك من الامريكيين من يرى في الامم المتحدة بانها منظمة بالية ولا بد من اعلان وفاتها.. ومن ثم فعلى امريكا ان تضصلع بدورها في التصدي لاي قوة مهما كانت قوتها.@ ترى ما هو الدور المطلوب من الجامعة العربية؟- هذا يتوقف على سلوك الحكومات العربية فترة ما بعد الحرب، بحيث اذا استطاعت هذه الحكومات ان تستوعب الدروس التي قادت المنطقة إلى حرب وكانت لديها شجاعة الاعتراف بالقصور الشديد الذي انتاب اداء الجامعة والعمل العربي الذي يمكن ا ن يكون بداية صلاح الجامعة وايضاً النظام العربي وما لم يحدث ذلك ستظل الجامعة منظمة بلا دور فعلي.@ ولكن يبدو ان هناك كثيراً من الساخطين على موقف الجامعة من الازمة العراقية فما هو رأيكم؟- باختصار فان عجز الجامعة العربية الذي ظهر منها تجاه الازمة العراقية هو الوجه الاخر لعجزها في الوقوف من قبل في ازمة 90/91 حينما انقسم النظام العربي على نفسه ازاء موقف وعدوان صدر من احد اعضاء الجامعة لا خلاف عليه، ورغم كل ذلك فلم يتعرض النظام العراقي لاي عقوبات بعكس ما تعرضت له مصر عام 1979 رغم ان ما قام به السادات لم يكن به مساس لميثاق الجامعة العربية، اما ما قام به صدام كان تمزيقاً لميثاق الجامعة.@ كيف نفعل ميثاق الجامعة العربية؟- هذا التفعيل يحتاج اولاً لاصلاح النظام العربي والرسمي وايضاً اعادة النظر في الانماط التي سادت العلاقات العربية لانك لن تستطيع الوصول إلى علاقات سليمة بين الدول العربية ما لم تكن هناك اسس سليمة لهذه العلاقات.. فميثاق الجامعة العربية لا غبار عليه ولكن المشكلة تكمن في ان ميثاق الجامعة اكبر من واقع العالم العربي ومن ثم فالمطلوب الارتقاء بهذا الواقع العربي ليصل إلى ميثاق الجامعة.@ اخيراً كيف ترى عراق ما بعد صدام؟قد يكون احد عراقيين.. اما ان يكون عراقا فيه نظام سياسي جديد مستقر يحقق التنمية ويكون نموذجاً يحتذى به في المنطقة، بل يصبح مصدراً شعاع ديمقراطي يحتذى به.. او ان يكون عراقا تسوده الفوضى ويصبح مصدراً للقلق والاضطراب في المنطقة. ومن ثم فعراق ما بعد صدام هو احد عراقيين متناقضين لا ثالث بينهما، ومن ثم فالامر يتوقف على القدرة السياسية العسكرية بحيث اذا نجحوا في ذلك سيتمكنون من خلق نموذج للديمقراطية يقوم على التعايش بين الطوائف والاعراف اما اذا اختلفوا في ذلك فقد يصل الامر إلى الانتهاء بحرب اهلية.