صحيفة اليوم

د. عبدالله الطويرقي

نجومية شرودر ووزير خارجيته فيشر منذ انتفاضة القارة العجوز ومجابهتها للقوة الأعظم اقتصاديا وعسكريا في العالم في برنامج حربها على العراق, آخذة في البريق واللمعان في أوساط الرأي العام العالمي.. بكل بساطة رد المستشار الألماني على طلب المشاركة في إعمار العراق من قبل الخارجية الأمريكية بالقول: من يدمر العراق يبنيه.. وهذا الرد في حد ذاته يفهم منه رفع يد دول كألمانيا وفرنسا عن موضوع عراق ما بعد صدام والذي يبدو ان الأمريكيين وحلفاءهم البريطانيين يتقاسمون كعكة بزنس الحرب وما بعدها فيما بين شركاتهم ومجموعاتهم العملاقة ولن يكون لألمانيا او غيرها أي نصيب يستاهل تقديم تنازلات سياسية في الموقف المعارض للحرب. قد لا تكون حسابات برلين وباريس مدروسة وتحمل بعد نظر لمناخ ما بعد صدام والذي قد لا يكون في صالح امريكا وبريطانيا حتى وان استزرعا نظاما سياسيا مواليا لهما.. فالمواقف الشعبية والاجتماعية في العراق وفي الدول العربية في المنطقة في ظل جراح الحرب اليومية القائمة من المرجح انها لن تكون في صالح تحالف الحرب أيا كانت أوضاع ما ذكر انه تحرير للعراق من قبضة صدام والبعث.. ولعل سياسة ألمانيا وفرنسا في مسألة الحرب هذه يراد لها ان تكون (بقرة حلوب) لاقتصاديات أوروبا لسنوات قادمة بحسبة بسيطة تقول ان المشاعر الوطنية والقومية العراقية والعربية مؤكد انها ستضع بلا تردد واشنطن ولندن على الترتيب في قائمة تل أبيب الأكثر كرها في الوجدان العربي.. وهذا ما سيقوض حسابات المصالح لواشنطن حتى ان هي نجحت في جلب مناخ ديمقراطي مؤسسي في العراق, فالذاكرة الشعبية لحرب التليفزيونات ستختزن للعم سام كل صور الأشلاء الآدمية والدماء المتناثرة على أجساد الأطفال والشيوخ والتي كانت بمثابة الجسور للعبور نحو صدام ورفاقه البعثيين. حسابات الكبار مع الصغار ظلت على الدوام استنزافا للثروات واستعبادا للأدمغة واستثمارات شرهة للشعوب دوما ما تتخفى على استحياء تحت شعارات حقوقية وتحررية وانتصار للكرامة الآدمية.. حرب كان يراد لها ان تكون خاطفة في كل شيء لتأخذ نظام صدام على حين غرة, ومن حيث لا يحتسب, وانتهى بها الحال لدخول مدن وتصفية مدنيين محطمين في كل شيء وكأن الطريق لصدام يمر عبر هؤلاء البؤساء.. حسابات جنرالات البنتاغون بنيت على أوهام وأشباه حقائق عن واقع العراق من الداخل وهذا في حد ذاته أولى ملامح الورطة التي قد تُلجىء أمريكا للأمم المتحدة بحثا عن مخرج أممي يحفظ ماء الوجه للعم سام ويبقى جورج دبليو بوش في البيت الأبيض, على الأقل حتى العام 2004م.