صحيفة اليوم

تطلعات

يجب الا يغيب عن البال للحظة ان المملكة تنفق ثروات طائلة لاستقدام العمالة، فقد بلغت التحويلات خلال سنوات الخطة الخمسية السادسة (1995 ـ 1999) قرابة 285.3 مليار ريال، اي ما يعادل نحو 68 بالمائة من الانفاق الفعلي على تنفيذ الخطة الخمسية السادسة برمتها. وبالقطع تلك الأموال لم تذهب هدرا، لكن علينا الاستفادة من كل الموارد المتاحة لتعضيد اقتصادنا الوطني.. فكل دولار يغادر حدودنا يعني استنزافا هائلا لقوتنا، فمصدر هذه الدولارات ثروة ناضبة لابد ان نستغل عوائدها لتعضيد اقتصادنا وتهيئة اسباب الاستقرار والازدهار والمنعة لأجيالنا القادمة، فقد عاش جيل الأباء والأمهات والأجداد والجدات مع الفقر وذاقوا بأسه.وعليه، يمكن ببساطة التبرير اقتصاديا لمنح حوافز لتشجيع المواطنات الراغبات في العمل على شغل الوظائف التي ما مللنا استقدام عمالة نسائية وافدة لملئها، وعلى مدى عقود عدة هذا.. في حين ينتظر عشرات الالاف من السعوديات فرصة للعمل، ومنهن خريجات جامعيات وبتخصصات علمية.. وعلينا ملاحظة انهن راغبات في العمل ويبحثن عنه، وعلينا ملاحظة كذلك ان المجتمع قد أنفق عليهن مليارات.. فهن مخزون بشري مؤهل "مجمد"، حتى لا اقول مهملا، رغم حاجة الاقتصاد الوطني له.ولابد هنا من الوضوح، والوضوح التام: علينا مساندة المرأة القادرة والراغبة كي تعمل تلبية لاحتياجاتها وأسرتها ومجتمعها، ونتوسع في ذلك بالقدر الذي لا يتعارض مع تعاليم الشريعة المطهرة، وتحقيق ذلك بحاجة لسياسات جادة واجراءات ناجزة في سوق العمل، فالأمر يتعلق باستثمار المخزون البشري ويؤدي لحفظ أموال البلاد، ولا يمكن الاستهانة بذلك فهو واقع لابد من التعامل معه تعاملا حصيفا مستقرا، ولنأخذ مثلا القطاع الصحي لنجد ان من بين نحو 2760 طبيبة يعملن في الوزارة فقط 190 منهن سعوديات (اقل من 7 بالمائة)، ومن بين نحو 2870 مساعدة طبيبة، فقط نحو 220 سعودية (أقل من 8 بالمائة) والنسبة اقل للممرضات اذا، القطاع الصحي مشبع بغير المواطنات، وهو مجال نشاط تقليدي لعمل المرأة في منطقتنا!وفي النطاق الاقتصادي فالحفاظ على مستوى المعيشة بل والسعي لتحسينه يتطلب ان ننجز مستويات اعلى من الانتاج، ويتحقق ذلك بالاعتماد على مواردنا إلى الحد الأقصى بما في ذلك الموارد البشرية النسائية، اذ كيف ترتفع الانتاجية الكلية، والاعتماد واضح على اعداد كبيرة من عمالة متواضعة المهارة (14 بالمائة ممن صرف لهم رخصة عمل في العام 1998 اميون، ونحو 20 بالمائة يقرأون ويكتبون و17 بالمائة حاصلون على مؤهل ابتدائي) ومن اليسير فهم اهمية محاربة الأمية وسط المواطنين، لكن ماذا عن جلب العمالة غير المتعلمة وغير المؤهلة؟ واعداد كبيرة منها نسائية.