الطرق السريعة ونوم السائقين .. وإهدار الثروة !
ما أعلنه مؤخراً العميد سعد بن محمد المغربي قائد القوات الخاصة لأمن الطرق أمر يستحق الانتباه فقد أشار خلال موسم الحج الأخير إلى أن نقاط التفتيش المنتشرة على الطرقات السريعة، لا يقصد منها التفتيش، وأنها نقاط للتهدئه خاصة مع تزايد الحركة المرورية للحجاج عند عودتهم من المشاعر إلى مدنهم ودولهم، وتجوال المواطنين والمقيمين بين المناطق والمدن في المملكة . ويطرح تصريح قائد القوات الخاصة لأمن الطرق مجموعة من الملاحظات المهمة التي تتصل اتصالاً وثيقاً بالمجال الاقتصادي، على الرغم من أنها قد تبدو للوهلة الأولى غير ذات صلة بهذا المجال الحيوي والمهم الذي يتصل بكافة أمور حياتنا اليومية . فتهدئة حركة السيارات والحافلات والباصات تهدف بالدرجة الأولى إلى مواجهة ظاهرة خطيرة تشكل نوعا من أشكال إهدار المال العام، أو إهدار بعض عناصر الثروة الاقتصادية وضياعها بسبب حوادث الطرق . ذلك أنه لوحظ زيادة ظاهرة نوم بعض السائقين عند قيادتهم ،الأمر الذي يشكل خطورة على أرواح الركاب وحياتهم، كما يشكل خطورة على ركاب السيارات الأخرى وقائديها. ولا شك أن أي انتقاد أو تذمر أو استياء من زيادة عدد نقاط التفتيش يعكس نظرة خاطئة وقاصرة تتجاهل الأسباب والظروف التي تدفع إلى مثل هذه الإجراءات، وتتعامى عن الأخطاء القاتلة التي يتسبب بها نوم السائقين في الطرقات السريعة، الأمر الذي يؤدي إلى أبشع الحوادث التي يروح ضحيتها الأبرياء، حيث تشير الأرقام والإحصاءات التي أعلنتها جهات ومصادر مختلفة ـ إلى أن عدد ضحايا الحوادث على الطرق السريعة بالمملكة نتيجة جنون السرعة والأخطاء التي تنجم عنها من أعلى نسب الحوادث في العالم العربي، الأمر الذي يحتاج إلى وقفة حاسمة، واتخاد كافة التدابير الاحترازية والإجراءات الاحتياطية ، لمواجهة هذه الظاهرة على أكثر من محور والحد من اثارها على أكثر من مستوى، وتقليل هذه الأرقام التي تمثل إهداراً للثروة البشرية من ناحية، وإهدارا لمواردنا المالية من ناحية أخرى. ولا شك أن أحد هذه المجاور والمستويات المهمة لمواجهة هذه الظاهرة هو التصدي لنوم السائقين في الطرق السريعة، من خلال إقامة نقاط للتفتيش متعددة . ويمكن لأي منصف أن يجد في مثل هذه الإجراءات حماية حقيقية للاقتصاد الوطني، الذي يتأثر لاشك بمثل هذه الحوادث التي تتسبب في خسائر مادية تلحقها بالحافلات وسيارات الركوب العامة والسيارات الخاصة والشاحنات التي تتهشم وتستنزف الأموال الطائلة لإصلاحها، وعلاج ما حل بها نتيجة التصادمات، بالإضافة إلى إضاعة وقت الشرطة وأجهزة المرور ووقت أطراف الحادث الذي يعد خصماً من الوقت الأصلي لعملهم في مواقع الإنتاج والخدمات المختلفة، وبالإضافة إلى ذلك تستنزف هذه الحوادث الأموال الطائلة من ميزانية الدولة وذلك لعلاج المصابين بالمستشفيات الحكومية، فضلاً عن استنزاف وقت الأطباء وجهدهم الذي يجب أن يوجه لعلاج حالات المرض التي تستحق كل عنايتهم وجهدهم . لذلك كله، فإنني أطالب بتشديد الإجراءات التي تتخذها القوات الخاصة لأمن الطرق، ونطالبها بالعمل بكل السبل من أجل الحد من ظاهرة نوم السائقين. كما نحيي المسؤولين عن هذه القوات ونوجه لهم كل الشكر والتقدير . حسين القحطاني ـ الجبيل