نورة الخاطر
أيان اتجهت في طرقات (الدمام) على مدار الساعات الأربع والعشرين تجد زحاما في كل مكان وعلى كل شيء. التجمعات في ازدياد، الحركة المرورية لا تهدأ، كل الشوارع متراصة بالبشر والمركبات. وتتساءل: لم؟ والى أين؟ هل كل هؤلاء وأولئك يتسابقون الى أداء عمل ما؟ هل كل هؤلاء البشر لهم احتياجات خارج منازلهم؟ ام تعودوا التجوال هروبا منها؟ وتبرق فكرة في خيالي: ماذا لو طرح سؤال عند إشارات المرور: عزيزي السائق الى أين أنت ذاهب الآن؟ وما هدفك من هذا المشوار؟ولكم ان تتخيلوا البؤس حين يصطدم السؤال ببؤس الجواب غير العاقل، وما أكثر ما سنكتشف من المآسي والاحباطات.. المجمعات التجارية مكتظة بالبشر من كل جنس ولون، يتزاحمون في كل مكان وحول كل شيء مهما كان هذا الشيء تافها وحقيرا. فما عاد هنالك فرق بين أنواع السلع، ولا تفنن في طريقة تقديم الخدمات، في زمن لسان حاله يقول: (كل الأشياء تحتمل البيع وكل الأشياء قابلة للمساومة) ما عاد ثمة فرق بين رفيع ووضيع! كل شيء مستهلك وكل شيء له ثمن.. كنا نعاني الزحام في مواسم محددة، تعد على اصابع اليد الواحدة.. اما الآن وقد اطلق الناس لأنفسهم وبقوة عنان الرغبات الذاتية والسعي المتواصل والدؤوب في سبيل ومن أجل تحقيقها، فقد ضاعت وتلاشت دهشة المواسم، حتى في ذوات الأطفال حيث اختفت نظرات الفرحة البراقة في أنفسهم وحلت محلها انطفاءات لا تدري سببها او ربما لو اكتشفنا مهزلة الواقع المعاش، لعلمنا سببها: انه الحصول على كل شيء وبسهولة. حدثتني احدى الصديقات قائلة: احترت في نفسية أبنائي المحبطة، ما عاد شيء يثير اهتمامهم كل شيء بالنسبة لهم يكاد يكون عاديا، لا يحرك مكامن الفرح في دواخلهم، ولا يحرض الابتسامة لتطل من نوافذ عيونهم، اخاف على اطفالي من انتحار الفرح في نفوسهم البريئة. هل ترانا قتلنا الفرح واغتلنا لذة تحقيق الحلم، وجمال الوصول الى الأمنيات البعيدة، في نفوس اطفالنا، عندما سعينا جاهدين الى تعبيد وتمهيد سبل الحصول عليها، هل حرمناهم من قلق المغامرة وأفسدنا عليهم فرحة إدراك الحلم؟ فما عاد هنالك شيء صعب المنال بالنسبة لهم. قلت لها: نعم ياسيدتي أظن الامر كما قلت.. ذهبت وتركتني في حيرة من واقع الأمر.. لماذا التهافت على كل شيء، وفي كل مكان، وكل وقت؟ ولماذا نتسابق الى الشراء والشراء فقط لكل ما هو موجود ومعروض للبيع؟