صحيفة اليوم

نزار قباني .. ومختارات من شعره

كان نزار كوكب النشاط الأدبي ، والنجم الأصيل في الحياة الثقافية .. كلما ظهرت له قصيدة في جريدة ، ومقال في مجلة انصرف هواة الشعر والأدب إلى قراءته غير مرة .وبعضهم كان يحفظه غيباً ، ويعيد الترنم بمعانيه وصوره في المجالس والمجتمعات .الشعراء الأعلام ، الذين ظهروا في هذه المرحلة، ظلوا شعراء مبدعين وأعلاماً ..ولكن ما أعطوه وقدموه لم يثر شيئاً من الجدل الذي أثاره إبداع نزار ، ولم تقم حوله جلسات الإعجاب والنقاش والتعليق .. كان نزار الشاعر الأكثر شهرة في الوطن العربي ، وعندما رحل في الثلاثين من ابريل 1998، لم تشيعه دمشق وحدها بالدموع والآهات ، بل شاركت في وداعه ألوف لا حصر لها ، جاءت من مختلف الأقطار العربية ، وجرى له مأتم وجاع ، لم يجر لشاعر قبله ولا بعده .هذا الحب والتقدير لم يكونا عبثاً .. فقد استطاع نزار أن يطور الشعر العربي .. وأن يقول ما لم يقله الأوائل والأواخر . جاءنا بلغة وصور ، وتشابيه ، واستعارات ، ولوحات لم يأت بها غيره ، كل ذواق للشعر الرقيق يتساءل عندما يقرأ شعره :- من أين يأتي نزار بهذه المعاني الحلوة .. ومن أين يقتنص صوره وتشابيهه ولوحاته؟ولا إجابة عن هذا التساؤل سوى أنها العبقرية المميزة التي يملكها نزار .عشرات الكتاب تحدثوا عن نزار .. صفقوا له طويلاً .. هللوا لشعره ، وحاولوا أن يدخلوا عالمه .صدرت عن نزار كتب كثيرة ، وتبارى الكتاب في الحديث عن عبقريته .وشاعرنا يظل عالماً من الفن الرفيع والعبقرية المميزة لعشرات بل مئات السنين ..هل نتحدث عن دواوينه ؟ بعضها طبع عشرات المرات ، ولا يزال طبعها مرشحاً إلى مزيد .أحدث ما صدر من آثار نزار، المجلد الضخم الذي يحمل عنوان : (مختارات من شعر نزار قباني)، والذي قدم له واختار مضمونه العماد أول مصطفى طلاس .. وذوقه المرهف في الشعر والشعراء فوق الشك والتهم .لفت انتباهي في هذه المختارات أن قصيدة نهداك تتصدرها .. هذه القصيدة قالها نزار في أوائل العام 1942 .وفي الغزل نقرأ بعد نهداك الضفائر السوداء ، العيون الخضر ، القبلة الأولى ، سامبا ، حبيبي ، طوق الياسمين ، لوليتا ، أيظن ، ماذا أقول له ، أحبك جداً ، كتاب الحب ، وغيرها كثير . وفي باب القصائد السياسية ، نقرأ القصيدة التي أقامت الدنيا ولم تقعدها (خبز وحشيش وقمر) و(تقرير سري جداً من بلاد قمعستان).