محمد البكر

قبل كل شيء، أتمنى أن يتفهم القارئ أن قضية التسول، قضية حاضرة في كل دول العالم، بما فيها الدول الغنية والمتحضرة، كأوروبا وأمريكا، ولو بأساليب مختلفة. بل إنها حاضرة وبقوة في دول امريكا الجنوبية، ومع ذلك، فلا يجب أن نعتبر ذلك مبررا لانتشار ظاهرة التسول، في الأسواق وعند إشارات المرور، وبالقرب من المجمعات التجارية. فالتراخي في معالجة هذه القضية، ساهم في تزايد اعداد المتسولين بشكل كبير.

عصابات كبيرة ومنظمة، تدير عملية التسول، تبدأ بالتفاوض مع أسر الأطفال لتهريبهم عبر الحدود وإدخالهم المملكة، ثم تؤمّن لهم شققا للسكن والأكل، وبعد ذلك توصلهم إلى المواقع التي حددت لهم، وتضع على كل موقع مشرف يراقب ما يحدث من بعيد، ثم يتم جمعهم في نهاية اليوم لتوزيع الحصيلة حسب الاتفاق المسبق.

أذكر أن هناك مشروعا لمكافحة التسول قبل سنتين، ناقشه مجلس الشورى، شددت المادة السابعة فيه على معاقبة من يكرر التسول بالسجن مدة لا تزيد على عامين أو بغرامة مالية لا تزيد على 20 ألف ريال أو بهما معاً، أما المتسول المقبوض عليه لأول مرة فيسلم لدار رعاية المتسولين التي كلف النظام المقترح وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بإنشائها، مطالباً الوزارة بفحص المتسول طبياً ونفسياً ودراسة حالته الاجتماعية. أما غير السعودي فيحال لهيئة التحقيق والادعاء للتحقيق معه واتخاذ الاجراءات النظامية لإبعاده عن المملكة ومنعه من دخولها مدة لا تزيد على خمسة أعوام. ومع تحفظنا على «منعه من دخول المملكة» باعتبار أن المتسول غير السعودي يدخل البلاد بالتهريب، إلا أننا ومع ذلك، لا نعلم أين وصل هذا المقترح حتى الآن.

لدي قناعة بأننا كمواطنين، نساهم في تشجيع هذه الظاهرة، كوننا لا نقاوم عواطفنا، فندفع لهم دون أن نتبين أين ستذهب تلك الأموال. لا اعلم ما الذي يمنع الجهات المختصة من وضع لوحة كبيرة عند كل إشارة، وبأكثر من لغة تحذر الناس فيها من خطورة دفع المال للمتسولين، فلعل في ذلك ما يساعد على تفهم المواطن والمقيم، خطورة تلك العصابات. ولكم تحياتي.

sawalief@