مشاري العقيلي

فتحت زيارة ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان للولايات المتحدة الأمريكية، آفاقا جديدة لشراكات تترجم علاقات ثنائية ممتدة لأكثر من ثمانين عاما، ما يجعلها أحد أفضل التجارب الدولية بين الشعوب، إذ إنها تتطور وتتقدم في مسار تصاعدي مع الزمن، لذلك يحتفظ البلدان بهذه العلاقات بما يعزز روابطهما ومصالحهما المشتركة على أسس من الاحترام المتبادل، وبذل أقصى الجهود فيما يحقق منفعة الشعبين السعودي والأمريكي.

في هذه الزيارة الاستثنائية التقى سمو ولي العهد بعدد من أكبر رؤساء الشركات والبنوك في حي المال والأعمال وول ستريت، وحضر منتدى الرؤساء التنفيذيين السعودي الأمريكي، وبدأت ثمار الزيارة تتضح مع توقيع المملكة مذكرة تفاهم مع صندوق «رؤية سوفت بنك»، لتنفيذ خطة وصفت بأنها الأكبر في العالم في مجال إنتاج الطاقة الشمسية، وذلك مشروع يأتي في إطار رؤية السعودية 2030 بتكلفة تصل إلى 200 مليار دولار، وهو مبلغ استثماري ضخم، وسيسهم في خلق 100 ألف وظيفة بالسعودية، إلى جانب دوره في زيادة الإنتاج المحلي للمملكة بنحو 12 مليار دولار سنويا.

من المهم توطين التقنيات الأمريكية لدينا، ولذلك كانت الثمرة المهمة أيضا توقيع اتفاقية تأسيس مشروع مشترك، يهدف إلى توطين أكثر من 55% من الصيانة والإصلاح وعمرة الطائرات الحربية ذات الأجنحة الثابتة والطائرات العمودية في المملكة، بالإضافة إلى نقل تقنية دمج الأسلحة على تلك الطائرات وتوطين سلسلة الإمداد لقطع الغيار داخل بلادنا، وهذا كسب ضخم يسهم في صناعة المستقبل بصورة أكثر انفتاحا على التقنية وتأهيل قدرات أبناء وطننا في هذا المجال الحيوي.

مكاسب الزيارة الميمونة تبرز بوضوح أيضا في فعاليات منتدى الرؤساء التنفيذيين السعودي الأمريكي الثاني لعام 2018، والذي شهد توقيع 36 مذكرة تفاهم بين عدة شركات، بقيمة تزيد على 16 مليار دولار، شملت شراكات جديدة في مختلف القطاعات بما في ذلك الرعاية الصحية والتصنيع والترفيه والتعليم وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ووقعت تلك المذكرات أكبر شركاتنا الوطنية، وفي مقدمتها شراكة بين أرامكو وجوجل تركز على الخدمات السحابية الوطنية، إضافة إلى مبادرة مدتها خمس سنوات بين «إثراء» وNational Geographic، وشراكة أخرى بين أرامكو ورايثيون لإنشاء خدمات أمن الإنترنت الوطنية، وشراكة بين شركتي الرشيد الدولية وSOS لتوفير الخدمات الطبية، وذلك يضعنا في أوسع طرق الرؤية والتحول الوطني، ويفتح الباب واسعا لمزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية الأخرى مع تطور تقنيات الإنتاج وإدارة الاستثمارات بمثل هذه الشراكات الذكية الواسعة.