مع تسارع الأيام والأحداث يصعب أحيانا أن نتوقف ونلتقط أنفاسنا ومع ضغوط الحاضر والتوتر الذي يسببه المستقبل قد لا نفكر بالماضي ولا نعطيه حقه. قبل أيام وجدت نفسي لمدة ساعات بين صفحات الماضي وأنا أتصفح ألبومات صور قديمة. بدأت وكأنني مكلفة بمهمة حيث بحثت عن صور معينة ولكن بعد دقائق وجدت نفسي أبحر في الذكريات، منها ما أتذكره فعليًا وإن كانت ذكرى جزئية ومنها ما يتعاون معها الخيال لنسجه.
قد لا تكون ذكريات واقعية أو مكتملة ولكنها ذكريات تحرك المشاعر. لكل صورة قصة وكل شخص فيها موسوعة. قد نجد فيها من فارق الحياة وقد نرى ما لم نعشه. فصورة جدتي التي لم أعرفها وهي طفلة صغيرة أذهلتني. فالتفكير في علاقات الناس وشجرة العائلة وعدد الناس الذين تشكلت ظروفهم بطريقة معينة لتصبح في الوجود شيء مذهل.
قد تجد للبعض صورًا معدودات فقط. عاش عمرًا طويلًا ولا تجد له سوى بضع صور تم التقاطها في أماكن مختلفة. بعضها عفوي والآخر فيه تصنع. تجد الطفل الأول تم تصويره كثيرًا بينما يقل الحماس مع الطفل الثاني. قد تكون لكل سنة من العمر قبل عقود عدد قليل من الصور تؤخذ غالبا في المناسبات والتجمعات العائلية.
عندما كان التصوير بالكاميرا يتطلب تحميض الأفلام وبنتيجة ليست مضمونة كان استهلاك الصور مختلفًا تمامًا عما هو عليه اليوم. فنحن اليوم نلتقط الصور والفيديو لتوثيق الحياة محاولين ألا نفوت منها شيئًا. أصبحنا نهتم بتصوير كل شيء. من اللحظات المهمة واليومية للأطفال مثلًا إلى الوجبات التي أصبحت تصمم خصيصًا لتظهر بشكل ملفت بالتصوير في طقوس متكررة وغيرها الكثير.
المشكلة تكمن في أن كل تصوير واعٍ يدعو للتصنع بهدف التقاط أفضل الصور. فبينما لدى الجيل السابق صور قد تعد اليوم «مخجلة» لا يراها إلا من يمون، قد نجد الأطفال الصغار اليوم يطالبون برؤية الصور التي تم التقاطها ليختاروا منها ما يعجبهم ويطالبوا بمسح البقية. هناك محللون نفسيون يحذرون من كثرة تصوير الأطفال لما يدعوهم ذلك لنقد ذاتهم بقسوة ولما يجعلهم يعتقدون أنهم محور اهتمام العالم.
ما زلت أفضل الصور العفوية القديمة التي لا تسرد قصة كاملة بل تشكل نوافذ نادرة على الماضي. تسمح للخيال بالإبحار في عمر مضى ومحطات مررتها مع العائلة والأصدقاء. النظر للماضي له فوائده، فنحن نعيش في زمن يتم تذكيرنا فيه دوما بقصر العمر ولكن عندما ننظر للماضي ونعي مشوار حياتنا ومحطاتنا قد نرى العمر طويلًا. مهما كانت المحطة التي وصلناها الآن فإن الرحلة التي سبقت تستحق التقدير والتمعن.
إن كانت لديكم صور قديمة في صندوق أو ألبوم فاخرجوها. صوروها وأرسلوها لمن تحبون ممن هم بالصور وانتظروا ردود فعل رائعة وتجديدًا للمشاعر.
ssalsolaiman@gmail.com
قد لا تكون ذكريات واقعية أو مكتملة ولكنها ذكريات تحرك المشاعر. لكل صورة قصة وكل شخص فيها موسوعة. قد نجد فيها من فارق الحياة وقد نرى ما لم نعشه. فصورة جدتي التي لم أعرفها وهي طفلة صغيرة أذهلتني. فالتفكير في علاقات الناس وشجرة العائلة وعدد الناس الذين تشكلت ظروفهم بطريقة معينة لتصبح في الوجود شيء مذهل.
قد تجد للبعض صورًا معدودات فقط. عاش عمرًا طويلًا ولا تجد له سوى بضع صور تم التقاطها في أماكن مختلفة. بعضها عفوي والآخر فيه تصنع. تجد الطفل الأول تم تصويره كثيرًا بينما يقل الحماس مع الطفل الثاني. قد تكون لكل سنة من العمر قبل عقود عدد قليل من الصور تؤخذ غالبا في المناسبات والتجمعات العائلية.
عندما كان التصوير بالكاميرا يتطلب تحميض الأفلام وبنتيجة ليست مضمونة كان استهلاك الصور مختلفًا تمامًا عما هو عليه اليوم. فنحن اليوم نلتقط الصور والفيديو لتوثيق الحياة محاولين ألا نفوت منها شيئًا. أصبحنا نهتم بتصوير كل شيء. من اللحظات المهمة واليومية للأطفال مثلًا إلى الوجبات التي أصبحت تصمم خصيصًا لتظهر بشكل ملفت بالتصوير في طقوس متكررة وغيرها الكثير.
المشكلة تكمن في أن كل تصوير واعٍ يدعو للتصنع بهدف التقاط أفضل الصور. فبينما لدى الجيل السابق صور قد تعد اليوم «مخجلة» لا يراها إلا من يمون، قد نجد الأطفال الصغار اليوم يطالبون برؤية الصور التي تم التقاطها ليختاروا منها ما يعجبهم ويطالبوا بمسح البقية. هناك محللون نفسيون يحذرون من كثرة تصوير الأطفال لما يدعوهم ذلك لنقد ذاتهم بقسوة ولما يجعلهم يعتقدون أنهم محور اهتمام العالم.
ما زلت أفضل الصور العفوية القديمة التي لا تسرد قصة كاملة بل تشكل نوافذ نادرة على الماضي. تسمح للخيال بالإبحار في عمر مضى ومحطات مررتها مع العائلة والأصدقاء. النظر للماضي له فوائده، فنحن نعيش في زمن يتم تذكيرنا فيه دوما بقصر العمر ولكن عندما ننظر للماضي ونعي مشوار حياتنا ومحطاتنا قد نرى العمر طويلًا. مهما كانت المحطة التي وصلناها الآن فإن الرحلة التي سبقت تستحق التقدير والتمعن.
إن كانت لديكم صور قديمة في صندوق أو ألبوم فاخرجوها. صوروها وأرسلوها لمن تحبون ممن هم بالصور وانتظروا ردود فعل رائعة وتجديدًا للمشاعر.
ssalsolaiman@gmail.com