محمد محسن الحربي

من الطبيعي أن تمر الدول والشركات وكافة المنشآت بمراحل تذبذب تسترعي انتباه المسؤولين والقادة وتتطلب تحركاً موازياً لمواجهة التحديات أو على اقل تقدير تخفيف حدة الآثار الجانبية التي تتراوح من انخفاض الأرباح إلى الخسائر وصولاً إلى مخاوف الانهيار والإفلاس، وهو ما يعني الفشل في تحقيق الأهداف المرسومة مسبقاً من مجلس الإدارة أو اعلى سلطة في الهرم.

كل ذلك يدفع بالمعنيين إلى اتخاذ خطوة جوهرية تتمثل في إقرار عملية إعادة الهيكلة والتي تهدف إلى العودة للمسار الصحيح، وذلك من خلال انتهاج عدة حلول تختلف من منشأة إلى أخرى حسب الخلل الظاهر لدى الإدارة، والتي من الممكن أن تشمل إيقاف خطوط إنتاج أو وحدات عمل أو إلغاء خدمات بحكم عدم الجدوى الاقتصادية منها. كما تشمل العمل على تحسين أداء القوى العاملة ورفع الكفاءة وقد تصل إلى تقليص في الموظفين غير المنتجين.

وبحكم خبرتي الإدارية في إعادة الهيكلة خلال السنوات العشر الأخيرة أكاد اجزم بأن عناصر نجاح أي هيكلة تتمحور في عناصر خمسة. الأول أن يتم استقطاب كوادر إدارية من خارج المنشأة لإدارة عملية الهيكلة على أن تملك الخبرات الطويلة في الهيكلة وكذلك الخبرات في نفس نشاط المنشأة.

العنصر الثاني يتمثل في الجرأة في اتخاذ القرار مع التحلي بالحكمة. أما الثالث فهو القناعة بأنه ليست هناك قدسية لهذه العملية مما يعني توقع فشل في بعض الجزئيات لان الأمر يتعلق بإعادة ترميم وليس بناء من جديد. أما العنصر الرابع فهو الإيمان بان إعادة الهيكلة هي عملية قاسية ومؤلمة ومعقدة في نفس الوقت ولذلك يجب عدم التسرع في تلمس النتائج.

أما اهم هذه العناصر وآخرها فهو منح صانع القرار الصلاحية المطلقة وحرية الحركة وعدم قياس النتائج برضا المحيطين لان عملية إعادة الهيكلة في الغالب لا تحظى برضا الأكثرية.

إعادة الهيكلة هي فن إداري فريد بحكم قلة المتخصصين وكون العملية عبارة عن إجراءات تتم في ظروف استثنائية وليس عملية إدارية مستديمة لكن أفراده عملة نادرة وباهظة الثمن.