د. مبارك الخالدي

الأحد، العاشر من شوال من الأيام التي تأخذ البلاد إلى ضفاف التحولات، الأحلام المؤجلة، ويرجعها إلى الوراء في الآن ذاته، إلى ما كان يفعل الناس في الماضي، إذ قد يُعَلِّمون ويَسِمُون الأحداث بعبارة «قبل أو بعد 10 شوال، أو قبل أو بعد سنة قيادة النساء للسيارات»، فالعاشر من شوال 1439 حقًا يقسم تاريخ هذه البلاد إلى تاريخين، وذاكرتها إلى ذاكرتين.

ذات يوم من أيام التوتر والترقب خلال احتلال الكويت والتأهب لتحريرها، سألني أحد الأصدقاء عن أهم التغيرات التي نجمت وستنجم عن ذلك الحدث الموجع والخطير، أجبته ببساطة بأن اللغة، وأعني في الخليج العربي، لم تعد اللغة نفسها، دخلتها مفردات ومفاهيم جديدة، والتغير في اللغة تغير في الوعي والتفكير، ولا يمكن تصور تغير بدون اللغة أو خارجها.

وأعتقد أنه بالإمكان القول إن لغة الناس، أحاديثهم، بعد العاشر من شوال لن تشبه أحاديثهم قبله، والحقيقة أن التغير في اللغة، في أحاديث الناس اليومية، في محادثاتهم عبر وسائط التواصل الاجتماعي قد بدأ يدخلها التغير حتى قبل العاشر من شوال، منذ إعلانه موعدًا لبدء قيادة النساء. لن تكون البلاد بعده كما كانت قبله.

يوم الأحد، العاشر من شوال نقطة تحول عظيمة في تاريخ البلاد، في حياة المؤيدين لقيادة النساء للسيارات أو في حياة الممانعين والمعارضين على السواء، فالمعارضون لا يمكن أن يخرجوا من التاريخ، أو يوقفوا حركته وتقدمه، أو حتى أن يقودوا في شوارع وطرقات لا وجود فيها لنساء يقاسمنهم حق القيادة فيها. هذا هو المستحيل.

سيستمر إطلاق النكات، وستستمر «الطقطقة» التي بدأت بعد صدور قرار السماح للنساء بالقيادة، والفبركات والإشاعات التي تطالهن وقيادتهن وسيكون مصدرها بعض الممانعين قصد التشويش والتشويه، لكن ما سيثار من ضجيج سلبي سيكون مآله الخمود التدريجي، وستصبح قيادة النساء أمرًا عادياً مع مرور الأيام، ومع مرورها أيضًا ستتقلص مساحة الممانعة ربما إلى درجة التلاشي كما حدث للممانعات القديمة.

في العاشر من شوال لن تكون الشوارع هي الشوارع، ولا المواقف هي المواقف، ولا محطات الوقود هي المحطات القديمة، ولا البلاد هي البلاد، وربما لن تقول بعده «الله لا يغير علينا».