جعفر الشايب

نبارك للوطن وللمرأة خصوصا في بلدنا هذا التقدم وإثبات الذات والإنجازات المتواصلة التي تحققها، وآخرها المساواة في حصولها على حق قيادة السيارة، بما يشمله من تمكنها من ممارسة دور اجتماعي أوسع وموقعية أشمل. هذه التوجهات المنصفة للمرأة وموقعيتها في مجتمعنا ما كانت لتتأتى إلا من خلال قرارات سياسية واعية من القيادة دفعت بالمجتمع إلى التعايش مع المتحولات والمتغيرات القائمة في بلادنا والعالم.

خطوات تمكين المرأة هذه أسقطت العديد من الأوهام والتصورات الخاطئة عن نظرتنا للمرأة في مجتمعنا وعن المجتمع بشكل عام، فقد أثبتت هذه الخطوات للجميع أن المرأة قادرة ومتمكنة من القيام بدورها الاجتماعي العام وممارسة مهامها وأعمالها بكل كفاءة وقدرة ومسؤولية في مختلف المناصب والمواقع التي تشغلها. وأن الكلام السابق عن ضعف المرأة وعدم أهليتها والخوف منها وعليها، كله كان وهما كبيرا عشناه لعقود طويلة وفرض علينا جميعا الاعتقاد بصحته.

كذلك فإن من الأوهام التي كبلنا بها هي نظرة المجتمع للمرأة وانتقاصه لها، وعدم ثقته بها، وتصوير الرجال في مجتمعنا وكأنهم وحوش ينتظرون الانقضاض على أي امرأة، فقد ثبت أنه في ظل القوانين والأنظمة الحامية وبالمزيد من التوعية والتثقيف، فإن المجتمع قادر على تجاوز جميع هذه الإشكاليات والمخاوف والتصورات الخاطئة.

نعم، بمشاركة المرأة بفعالية في شؤون المجتمع وفي الحياة العامة يمكننا القول إننا هزمنا الأوهام المتعلقة بها وبنا والتي عشعشت في أذهاننا طوال عقود عديدة، وفرضت علينا بجهل ودون وعي وبصورة متعمدة من الفئات التي حاولت ايقاف نمو وتقدم المجتمع.

ما نشهده من تفاعل مجتمعي، ومن مشاركات ايجابية من مختلف الأطراف -وخاصة مسؤولي القطاعات المرورية والأمنية- أمر ينبغي الإشادة به والتأكيد عليه، وكذلك النضج الذي رأيناه لدى أبناء وبنات مجتمعنا وتعاملهم الإيجابي مع هذه التوجهات لدليل على قابلية المجتمع للتكيف معها بصورة بناءة.

لا شك أن هناك بعض العقبات والثغرات التي قد تحصل، وهو أمر طبيعي قابل للتصحيح مع مرور الوقت ومع اكتشاف الخلل وسد الاشكالات التي قد تحدث. وهذا يقودنا إلى الحديث عن ضرورة خوض غمار التجربة في التحولات الاجتماعية وأبعادها المختلفة لاكتشاف أنفسنا ومجتمعنا، لا كما صوره لنا البعض، وإنما من خلال فهم واقعي موضوعي لحالة المجتمع وتطلعات أبنائه والاستجابة لها.

المجتمع يتغير والحياة تتطلب الاستجابة لهذا التغير، والقيادة الحكيمة هي من تتلمس هذه التطلعات وتمهد لحدوثها وتهيئ الفرص أمام المجتمع لبناء ذاته ودفعه بإيجابية نحو المستقبل. سيثبت أبناء وبنات مجتمعنا أنهم على قدر المسؤولية وأنهم متفاعلون إيجابيا مع توجهات القيادة، وأن معظم الأفكار التي حبست المجتمع عن الانطلاق تحت مبررات مختلفة ما هي إلا أوهام بدأت تتساقط أمام مسيرة التطور والتحول.

أبارك لبنات وطننا بإنجازاتهن المتواصلة، وكلنا أمل في أن تتحقق تطلعات الجيل القادم نحو المزيد من التقدم والتطور لوطننا الغالي.