المصدر: واشنطن بوست

بعد سبعة عشر عاما من الصراع في أفغانستان، شهدت البلاد هدنة غير عادية استمرت لمدة ثلاثة أيام، جعلت العواطف الجياشة تتدفق عفويا من كل الأطراف، وتركت صورا لا تمحى لمقاتلي طالبان وهم يتناولون الآيس كريم، ويعانقون الجنود الأفغان الذين ترقرقت أعينهم بالدموع، وظهروا وهم يؤدون الصلاة جنبا إلى جنب مع أعدائهم.

والجديد في هذه الهدنة هو أنها حظيت بتأييد هائل من دول إقليمية مؤثرة على رأسها المملكة العربية السعودية وباكستان أقرب حلفاء المملكة، ما جعل الخبراء يقترحون استثمار نجاح الهدنة محليا في خلق ظروف لمحادثات سلام بين الفرقاء الأفغان.

والآن عاد متمردو طالبان للقتال مرة أخرى، وشنوا هجمات في عدة أقاليم، بعد أن رفضوا عرض الرئيس أشرف غني لتمديد الهدنة التي انتهت في السابع عشر من يونيو بشكل قاطع.

وينظر إلى وقف اطلاق النار الذي استمر لفترة قصيرة، توقف فيها سفك الدماء، على أنه نقطة تحول في الحرب الأفغانية، وساهمت هذه الهدنة في ردم الفجوة بين جميع الأطراف، وفتحت الأبواب للمفاوضات بعد أن تم اغلاقها طويلا، وحظيت بدعم جهات خارجية رئيسة، وجعلت الأحلام الغامضة بإنهاء الصراع تبدو أكثر واقعية.

وقالت صحيفة «واشنطن بوست» في تقرير لها: إنه بالنسبة لإدارة ترامب التي تبنت بقوة وقف إطلاق النار، وعرضت لأول مرة مناقشة مخاوف طالبان بشأن الوجود طويل الأمد للقوات الاجنبية في أفغانستان.

وأكدت الهدنة على تمييز المسؤولين الأمريكيين بشكل حاسم بين نزاع طالبان المحلي، والتهديد الإرهابي المدعوم من الخارج الذي يهدد أفغانستان والولايات المتحدة.

فخلال وقف اطلاق النار هاجم انتحاريون من داعش تجمعين احتفاليين بين قادة طالبان وشيوخ قبائل ومسؤولين أفغان مما أسفرعن مقتل 30 شخصا، هذه الرسالة المميتة من قبل هذه الميليشيات المتطرفة المتمركزة بالخارج، والتي تقاتلها قوات العمليات الخاصة الامريكية، وتميزها بشكل واضح عن طالبان المحلية، يأمل المسؤولون الامريكيون أن تصل الأمور معها إلى تسوية سياسية.

وقد رشح الرئيس ترامب قائد العمليات الخاصة المخضرم الجنرال أوستن ميللر ليحل بدلا من الجنرال جون نيكلسون كأفضل قائد عسكري أمريكي في افغانستان.

وفي جلسة الموافقة على تعيينه بالكونغرس قال ميللر: إن السبب الرئيس لبقاء القوات الأمريكية في أفغانستان، لم يكن لمحاربة طالبان، بل لمنع الهجمات الإرهابية ضد الولايات المتحدة.

ورغم أن إدارة ترامب وسعت دور القوات الأمريكية في الحرب مع طالبان، ووفرت غطاء جويا للقوات الافغانية، إلا أنها واصلت الالتزام بسياسة أوباما في السعي للتوصل لحل سياسي في نهاية المطاف بين الاعداء الأفغان، الذين يشتركون في الدين والثقافة والجذور العرقية.

وفي المقابل كثفت جهودها للقضاء على الإرهابيين الأجانب الذين لا يتمتعون بأي دعم محلي ويمثلون تهديدا للسلام العالمي.

ورغم رفض طالبان عرض الرئيس أشرف غني بتمديد الهدنة، وشنت هجمات في المناطق الريفية أسفرت عن قتل 40 من قوات الأمن، إلا أن مراقبين أفغانا وأمريكيين قالوا إن أهمية الهدنة لاتزال واعدة.