محمد الحربي

يبدو أن هناك - ولله الحمد - ظهورًا لبوادر التصحيح في الاقتصاد السعودي في الآونة الأخيرة، من خلال معالجة الترهل الذي جاء كنتيجة لسنوات من ضخ المبالغ في قطاعات غير حيوية، وكذلك الضخ غير الممنهج أو المراقب في قطاعات أخرى. وهو النهج الذي فاقم المشاكل السابقة التي تتعلق بالفساد أو دخول منافسين غير مؤهلين ويفتقرون لأساسيات الجودة، وكذلك تزايد سلبيات المتخلفين والتستر والمؤسسات الوهمية.

كنت أتمنى أن يواكب هذا التغيير الإيجابي قرارات أخرى؛ لتخفيف عبء الاستثمار على المستثمر الجديد، إذا اتفقنا أن السعوديين سيدخلون مجالات جديدة مع سعودة الكثير من المهن واقتصارها عليهم. ففي الأسبوع الماضي شهد السوق سخونة التعرفة الجديدة للكهرباء، والتي تأخذ حيزا كبيرا من ميزانية الاستثمار. وهي تكلفة تضاف إلى التركة الباهظة الثمن التي يدفعها المستثمر لوزارة العمل والبلديات والمياه فضلا عن الضرائب التي قلصت عدد المستهلكين وبالتالي انعكست سلبا على جدوى الاستثمار في كثير من النشاطات.

كما أن كثيرا من الإدارات بدأت مؤخرا في التشديد على اشتراطات مبالغ فيها لم تكن مفعّلة في السابق، كما يحدث من قبل إدارات الدفاع المدني أو البلديات أو حتى إدارات الشرطة، التي تصر على وجود تعاقدات مع شركات أمنية لخدمات حراس الأمن، بالرغم من وجود موظفي أمن قائمين لدى كل المنشآت، ومع افتقار الغالبية المطلقة لشركات الأمن لأبجديات هذا النوع من النشاط، مما ضاعف من فاتورة المصروفات غير المبررة للمنشآت.

ونحن في خضم تصحيح صحي للترهل السابق، فإننا في أمس الحاجة لدعم الاقتصاد بشكل عام؛ حتى نضمن استمرار الثقة الحالية في السوق المحلية، ودفع عجلة الاستثمار الخارجي، حيث يجد المستثمر بيئة خصبة يمكن فيها أن يقدم قيمة مضافة للبلد ويحصل هو على استثمار مجد.