د.شلاش الضبعان

«في بعض الدول، الولد عمره سنتان: يعلمونه يفك الساعات ويركبها! وعندنا: حبيبي بأي مكان عينك؟! وإذا أشر عليها: شاطر! ما شاء الله ذكي ولدي الله يحفظه!، المشكلة ليست هنا! المشكلة أمها تصرخ عليهم من بعيد: انتبهوا تسألوه قدام الضيوف لا يعطوه عين!».

لست مقتنعاً أن أولاد الآخرين أفضل من أولادنا، ولكني مقتنع أن أولادنا يحتاجون إلى الكثير من الثقة بالنفس التي تعني الإيمان بالقدرات لا الجرأة الممزوجة ببذاءة والتي نراها عند البعض اليوم، ويحتاجون وقتاً من الوالدين، أكثر من الذي يصرفه الوالد في الاستراحة أو حتى على مشاريعه الخاصة، وأكثر أيضاً من الذي تصرفه الوالدة على الزيارات النسائية التي لا تتوقف، والتنقل بين حالات فلانة وعلانة في الواتس.

ويحتاجون أيضاً إلى تربية على الرجولة للذكور والجدية للإناث، لا على الميوعة، لباساً وقصات شعر ودهانات يُسعى من خلالها لإثبات أن أولادنا هم الأجمل والأنعم والأنظف، مع أنه لا تعارض بين الاعتدال والتربية على الرجولة.

من التربية على الرجولة والجدية نوعية الطرح الذي يُقدم للأبناء، فالابن يظل في عين والديه طفلاً، يجب أن يكون هذا حباً لا أسلوب تربية وتعامل! فتسطيح عقل الطفل واعتباره لا يفهم بصورة مباشرة بالألفاظ والألقاب التي تظل ملاصقة له حتى في كبره، أو غير مباشرة من خلال نوعية الأسئلة والبرامج التي تقدم له، دمارٌ لحاضره ومستقبله، فسيظل طفلاً بهذه الطريقة حتى يموت.

وقد كتبت إديل فابر وإلين مازليش كتاباً بعنوان «كيف تتحدث فيصغي الصغار إليك وتصغي إليهم عندما يتحدثون؟» بينتا فيه الكثير من الطريق الناجعة والنابعة من تجربة ومعاناة.

وقبل ذلك أتى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بشراب، فشرب منه، وعن يمينه غلام، وعن يساره أشياخ، فقال للغلام: أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟ فقال الغلام: لا، والله لا أوثر بنصيبي منك أحدًا، فوضع -صلى الله عليه وآله وسلم- الإناء في يد الغلام.

بقي أن نتحدث ونقرأ لهم ونستمع لما يطرحون، وأن نطوّر مهاراتنا في ذلك، فهؤلاء رأس مالنا الحقيقي، أما موضوع العين لكبار وصغار لا يملكون من المقومات ما يجعل العين تنطلق تجاههم، فهذه حكاية لوحدها!