سكينة المشيخص

العودة مجددا لقضايا الإسكان تتطلبها ظروف موضوعية تتعلق بتعاظم الحاجة السكنية من جهة، ودور وزارة الإسكان في توفير معروض سكني يناسب تلك الحاجة من جهة أخرى، إذ أنه رغم تلك الجهود إلا أننا لا نزال نبحث عن مزيد من الوفرة السكنية التي تقلص قوائم الباحثين عن مساكن بأي صيغ للتملك، وإن كنا نرى أن تعدد المنتجات والحلول السكنية التي توفرها الوزارة يمضي في اتجاه هذا الأمر إلا أن تنامي الطلب يحتاج بدوره إلى تسريع أكبر سواء في الوقت الحالي أو المستقبل.

هناك مشكلتان تتعلقان بالمسكن وهما: الأرض، وتمويل بنائها. وعليه، من الضروري أن تتركز جهود الوزارة في توفير الحلول في هاتين المشكلتين والاتجاه إلى مزيد من الحلول السكنية المتنوعة والمبتكرة، وقد تكون هناك ملاحظات حول المنتجات الجاهزة بالنسبة إلى المساحات وأسلوب التصميم، وذلك يمكن التغلب عليه بتوفير الأراضي وتمكين المستفيدين من الحصول على التمويل؛ للدخول في نطاق البناء الذاتي الذي يأتي ضمن خيارات المنتجات والحلول.

ومن حيث المبدأ، لا يفترض أن تكون هناك مشكلة في الأراضي؛ لعدة أسباب أولها: المساحات الهائلة المتوافرة وتلك التي يمكن تطويرها وخدمتها حتى تصبح صالحة لبناء مخططات تتوافر بها الخدمات الأساسية من سفلتة وكهرباء ومياه وإنارة واتصالات وغيره، كما أن استيعاب الأراضي البيضاء في المنظومة السكنية بقوة النظام يسهم إلى حد كبير في وجود خيارات إضافية، خاصة بعد فرض رسوم على تلك الأراضي، ودمجها في خطط التطوير.

نجحت الوزارة في هذا المسار خلال عامين من الإنجاز المتواصل من خلال سرعة التطبيق والتنفيذ وتحفيز التطوير، وكان حصاد ذلك حصول برنامج «الأراضي البيضاء» على جائزة «الدقة في تقييم الأراضي باستخدام نظم المعلومات الجغرافية»، وذلك يؤكد فعالية البرنامج في معالجة المشكلة السكنية إذ أن حصوله على هذه الجائزة تتويج لجهود وزارة الإسكان في تحقيق التوازن الأمثل بين العرض والطلب، وتحرير الأراضي غير المستغلة داخل الكتل العمرانية لتوفير المزيد من المساكن، ما ينتهي بنا إلى تمكين جميع الفئات من الحصول على السكن الملائم الذي يتوافق مع قدراتهم ويتلاءم مع رغباتهم.

من خلال هذا البرنامج تم إصدار نحو 68 ألف رخصة بناء خلال ستة أشهر، وفقا لإحصاءات حديثة، وذلك يعني استغلال مساحات مقدرة من الأراضي التي كانت مهملة أو مجمدة ولا يستفاد منها لصالح المجتمع، ما يعني تلقائيا الاستفادة من البرنامج في تحريك المياه الراكدة، وتحويلها إلى أخرى صالحة ومفيدة، وذلك نهج جيد ينبغي أن تواصل الوزارة في تفعيله وصولا لغاية كبرى وأهداف إستراتيجية تتعلق بحاجة المواطنين للسكن وخدمة لمشاريع التنمية.

برنامج الأراضي البيضاء يخدم العديد من الأغراض التي تتعلق بالسكن، ويشمل ذلك وفرة المعروض العقاري، وتحقيق مصلحة الملاك في تطوير الأراضي، وإدخال المطورين العقاريين في حالة من النشاط الاستثماري في هذه الأراضي التي داخل النطاق العمراني لتطويرها وذلك أسهل كثيرا من استصلاح غيرها في مناطق خارج النطاق العمراني، أي أن توظيف تلك الأراضي في المجال السكني يعود بمكاسب على جميع الأطراف العقارية والمستفيد النهائي هو المواطن.

من المهم أن تواصل الوزارة تفعيل برنامج الأراضي البيضاء؛ لأنه ضروري ومهم لصالح المسألة السكنية، ويختصر طريقا طويلا للتملك وخدمة العرض والطلب، ونشاط السوق العقاري وتحقيق توازن في أعماله وأسعاره، بما ينعكس عائدات كبيرة ومقدرة على التنمية والوطن والمواطن لأنه ليس صحيا أن تظل هذه الأراضي بيضاء فيما يمكن كتابة أفضل سير التطور والنماء على صفحاتها.