يكثر في المجالس أشخاص يعرفون كل شيء. ما أن يطرح موضوع حتى تجدهم يحاضرون في أصوله ويخطئون الحضور وإن كانوا أعلم منهم.
في المقابل هناك علماء لهم أبحاث علمية منشورة وبراءات اختراع يتكلمون بكل هدوء عن كونهم لم يكتشفوا بعد أسرار علمهم بعد أن أفنوا العقود في دراستها.
الثقة اللا محدودة لمن لا يعرف، مقابل شكوك المتعلمين هي ما لخصه الفيلسوف البريطاني بيرتراند راسل عندما قال «المشكلة برمتها مع العالم هي أن الحمقى والمتعصبين هم دائما على يقين من أنفسهم، والأشخاص الأكثر حكمة مليئون بالشكوك.» وهذه المقولة تتوافق مع ما نلاحظه من حولنا، إلا أنها ليست خلاصة علمية.
كنت أعتقد أن ما وصفة راسل وما شاهدته طبع في الشخصيات، حتى تعرفت قبل أيام على ما يسمى «تأثير دونينغ - كروقر» (Dunning-Kruger Effect) وهو ببساطة تحيز معرفي يؤدي إلى فشل الناس في تقييم كفاءتهم من عدمها وبالتالي يعتبرون أنفسهم أكثر كفاءة مما هم عليه. فنتيجة حالة من التفوق الوهمي (illusory superiority) يجهل الناس مدى جهلهم فيفتقدون لقدرة تقييم أنفسهم بشكل نقدي ولذلك يبالغون في الثقة.
والعكس صحيح أيضا عندما يقلل المتعلمون من علمهم كونهم يعلمون حدود العلم ومكانة ما يملكون منه في المحيط الأوسع، ولذلك تجدهم لا يدعون المعرفة بثقة نظرا لإدراكهم بحجم ما لم يدركوه من العلم. التجربة التي قام بها الباحثان ديفيد دونينج وجستن كروقر أخضعت طلبة الجامعة لامتحان يختبر جوانب محددة مثل: المنطق، والفكاهة، وقواعد اللغة. كذلك طلب منهم تقييم أدائهم حسب تقديرهم. تم التركيز في التجربة على الكفاءة في الأداء وليس الذكاء؛ ليتمكنوا من قياس النتائج. نتيجة ذلك أن الطلبة الذين كان أداؤهم الأسوأ قدروا نتائجهم على أنها الأعلى، بينما من كانوا الأعلى فعلا، قدروها بأقل من المستوى الفعلي. في الرسم البياني الذي يوضح العلاقة بين الثقة والخبرة أو العلم نجد أنه مع بداية المعرفة تكون الثقة في أعلى مكانة حتى تتلاشى بشكل سريع مع زيادة التعلم والخبرة ومع استمرار التعلم للوصول لمرحلة الخبير تعود الثقة تدريجيا وإن كانت لا تصل لمستوى الثقة الأولى أثناء مرحلة الجهل. ما ألهم تلك الدراسة قصة فكاهية لرجل حاول سرقة بنك بوضع عصير الليمون على وجهه. فهذا الرجل استند على ما تعلمه كطفل بأن عصير الليمون يمكن استخدامه كحبر سري لا يظهر إلا بعد تعرضه للحرارة، فاستنتج بحدود علمه أن عصير الليمون سوف يخفي ملامحه، ولذا دخل البنك دون أن يخفي وجهه. الأغرب من ذلك هو أنه بعد اعتقاله ومواجهته بفيديو عملية السطو ما زال مستغربا لماذا لم تنجح حيلته كون منطقه سليما حسب تقديره. أينما وجدنا أنفسنا في مقياس الثقة بغض النظر عن العلم الذي قد لا نعرف حدوده، هناك ما يدعو للطمأنينة عندما نعلم أن كل ما علينا فعله هو الاستزادة في العلم ولا ضير من التواضع مهما علمنا.
في المقابل هناك علماء لهم أبحاث علمية منشورة وبراءات اختراع يتكلمون بكل هدوء عن كونهم لم يكتشفوا بعد أسرار علمهم بعد أن أفنوا العقود في دراستها.
الثقة اللا محدودة لمن لا يعرف، مقابل شكوك المتعلمين هي ما لخصه الفيلسوف البريطاني بيرتراند راسل عندما قال «المشكلة برمتها مع العالم هي أن الحمقى والمتعصبين هم دائما على يقين من أنفسهم، والأشخاص الأكثر حكمة مليئون بالشكوك.» وهذه المقولة تتوافق مع ما نلاحظه من حولنا، إلا أنها ليست خلاصة علمية.
كنت أعتقد أن ما وصفة راسل وما شاهدته طبع في الشخصيات، حتى تعرفت قبل أيام على ما يسمى «تأثير دونينغ - كروقر» (Dunning-Kruger Effect) وهو ببساطة تحيز معرفي يؤدي إلى فشل الناس في تقييم كفاءتهم من عدمها وبالتالي يعتبرون أنفسهم أكثر كفاءة مما هم عليه. فنتيجة حالة من التفوق الوهمي (illusory superiority) يجهل الناس مدى جهلهم فيفتقدون لقدرة تقييم أنفسهم بشكل نقدي ولذلك يبالغون في الثقة.
والعكس صحيح أيضا عندما يقلل المتعلمون من علمهم كونهم يعلمون حدود العلم ومكانة ما يملكون منه في المحيط الأوسع، ولذلك تجدهم لا يدعون المعرفة بثقة نظرا لإدراكهم بحجم ما لم يدركوه من العلم. التجربة التي قام بها الباحثان ديفيد دونينج وجستن كروقر أخضعت طلبة الجامعة لامتحان يختبر جوانب محددة مثل: المنطق، والفكاهة، وقواعد اللغة. كذلك طلب منهم تقييم أدائهم حسب تقديرهم. تم التركيز في التجربة على الكفاءة في الأداء وليس الذكاء؛ ليتمكنوا من قياس النتائج. نتيجة ذلك أن الطلبة الذين كان أداؤهم الأسوأ قدروا نتائجهم على أنها الأعلى، بينما من كانوا الأعلى فعلا، قدروها بأقل من المستوى الفعلي. في الرسم البياني الذي يوضح العلاقة بين الثقة والخبرة أو العلم نجد أنه مع بداية المعرفة تكون الثقة في أعلى مكانة حتى تتلاشى بشكل سريع مع زيادة التعلم والخبرة ومع استمرار التعلم للوصول لمرحلة الخبير تعود الثقة تدريجيا وإن كانت لا تصل لمستوى الثقة الأولى أثناء مرحلة الجهل. ما ألهم تلك الدراسة قصة فكاهية لرجل حاول سرقة بنك بوضع عصير الليمون على وجهه. فهذا الرجل استند على ما تعلمه كطفل بأن عصير الليمون يمكن استخدامه كحبر سري لا يظهر إلا بعد تعرضه للحرارة، فاستنتج بحدود علمه أن عصير الليمون سوف يخفي ملامحه، ولذا دخل البنك دون أن يخفي وجهه. الأغرب من ذلك هو أنه بعد اعتقاله ومواجهته بفيديو عملية السطو ما زال مستغربا لماذا لم تنجح حيلته كون منطقه سليما حسب تقديره. أينما وجدنا أنفسنا في مقياس الثقة بغض النظر عن العلم الذي قد لا نعرف حدوده، هناك ما يدعو للطمأنينة عندما نعلم أن كل ما علينا فعله هو الاستزادة في العلم ولا ضير من التواضع مهما علمنا.