عبدالله بن محمد اللحيدان



إلى كل المؤمنين، المطمئنين، الراجين ما عند الله، المعرضين عن مشهد الزور والقول به، نقول قول حق وصدق: هل من دولة الآن على وجه الأرض جعلت دوائر في المقار التابعة لها في وزارة الداخلية من إمارات وسجون، وفي وزارة العدل من محاكم خاصة وعامة، دوائر ولجانا جل هدفها حث المتخاصمين على الصلح والعفو؟ إن ما تقوم به حكومة المملكة العربية السعودية من جهود لحفظ الأنفس لا يقارن مطلقاً في عالم اليوم، ولذلك تكاثرت دلائل ذلك وأوجهه، ومن ذلك أنها أوجدت في إمارات المناطق لجاناً تحت اسم «لجان إصلاح ذات البين» تعمل بحرفية تامة، وإدراك ووعي لمعنى قول الحق تبارك وتعالى «فَمَنْ‪ ‬عَفَا وَأَصْلَحَ‪ ‬فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ» وقوله سبحانه «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ‪ ‬أَخَوَيْكُمْ‪ ‬» لتستهدف السعي بالصلح أو العفو لدى ذوي المقتول ليعفو عن القاتل، وقد حكم عليه بالقصاص وظهرت عليه بوادر التوبة إلى الله والندم على ما بدر منه وبدا منه صلاح الحال، لتقوم هذه اللجان بإشراف وتوجيه ومشاركة فاعلة من أمراء المناطق، والعلماء، والقضاة، والدعاة، والمحسنين، ومشايخ القبائل، والوجهاء، كل يدلي بجهده وجاهه وعونه وماله لتحقيق هذا الهدف الشرعي السامي من حفظ النفس، كما ثبت عن أنس رضي الله عنه قال: «ما رفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء فيه القصاص إلا أمر فيه بالعفو» فكما حفظت الأنفس بالقصاص المستحق فتحفظ بالعفو والصلح الآتي بخير قال تعالى «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ‪ ‬فِي‪ ‬الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنثَىٰ بِالْأُنثَىٰ فَمَنْ‪ ‬عُفِيَ‪ ‬لَهُ مِنْ‪ ‬أَخِيهِ‪ ‬شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ»، فيا عقلاء العالم الأقربين منكم والأباعد، هل من دولة غير بلاد الحرمين يوجد فيها مثل هذا، بتبني ولاة الأمر فيها ونظام الحكم بما يحفظ الأنفس من أن تزهق، أو تهراق الدماء بغير حق، فتطبق أحكام الشريعة على أتم تطبيق، ثم يلتفت إلى العفو والإصلاح لمن يستحق، فالحمد لله أننا على نهج شريعة غراء، يحكم بها فينا ولاة أمر عدول ثقاة، هم للعفو أقرب منهم للانتقام، ويحكمون بما يرضي الله عدلاً وإنصافا، وإننا بعون الله على سبيل الحق ماضون وبولاة أمرنا واثقون ومساندون ولو كره المعتدون، سائلين المولى السداد والتوفيق والإعانة والحفظ لولاة أمرنا وإمامنا خادم الحرمين الشريفين وولي عهده القوي بالحق الأمين وأن يجعل بهما عزاً ونصراً للدين ويجمع بهما كلمة المسلمين على الهدى وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

* الأمين العام للجنة العليا لإصلاح ذات البين بإمارة المنطقة الشرقية