فهد السلمان

من أكثر القرارات التي أسعدتني كمواطن، قرار التوسع في المحميات، وإنشاء مجالس إدارة لها مع ربطها بأعلى مراكز صناعة القرار، على اعتبار أنها الخطوة العملية الجادة لإعادة تأهيل البيئة. البيئة التي تعرضت لأبشع أنواع التدمير بأيدينا كمواطنين، ابتداءً من سوء الاستخدام والإهمال والتقذير، إلى الاحتطاب الجائر، وبالأخص بعد دخول العمالة الوافدة إليه كسوق تجاري، وبالتالي قطع أرزاق الحطابين المواطنين، ووصولا إلى الغزو الرهيب للبلاستيك غير القابل للتحلل في التربة، والذي نجحتْ دول كثيرة في منع استخدامه حماية للبيئة كراوندا، وحتى بنغلادش نسبة لآثاره المدمرة للبيئة، بينما بقينا نحن فيما أظن، وربما قريبا من حد الجزم على رأس قائمة الدول التي تسرف في استخدامه في شتى المجالات كأكياس وحاويات وأطباق طعام وقناني مياه وعصائر وكل ما يخطر أو لا يخطر لك على بال، حتى أن طغيان حضوره في حياتنا فاق كل الحسابات، مما أدى نتيجة استرخاصه، ومن ثم الابتذال في طرق التخلص منه إلى أن يطغى على تراب الأرض، ما أصاب البيئة في مقتل.

قرار مجالس إدارة المحميات، وزيادة رقعتها والذي صدر قبل أشهر، هو قرار في الاتجاه الصحيح، لا شك، لكني كنت أتمنى، وقد تم ربطه بجهات عليا في الدولة مما يخوله لأن يكون نافذا بقوة، أن يضم كذلك مراقبة المنتزهات البرية، خاصة القريبة من المدن، والتي نالت النصيب الأوفى من التشويه والتدمير والتبشيع، نتيجة رمي المخلفات، وعدم احترام البيئة، في ظل عجز البلديات عن وضع آلية فاعلة لحمايتها، وتخليصها من براثن البلاستيك الذي حوّلها إلى مكبات نفايات، مما يستدعي فعلا الحاجة وبإلحاح لضم مراقبة المنتزهات البرية لمجالس المحميات للإفادة من زخمها، واستحداث آليات مراقبة تقنية تحمّل مرتادي تلك المواقع غرامات قاسية في حال ترك أي مخلفات وراءهم، لأن حماية البيئة كل لا يتجزأ، ثم أننا الآن نشهد عصرا بلاستيكيا بامتياز، أعتقد أن الكيميائي البلجيكي الأمريكي الشهير «ليو بايكلاند»، والذي كان أول من اخترع مادة من اللدائن البلاستيكية الصناعية وحقق ثروته منها، لو علم بما أسهم فيه اختراعه في تدمير البيئة بسوء استخدامنا، لفكر في إنشاء جائزة للتكفير عن الجانب السييء في منتجه على غرار ما فعله نوبل مكتشف الديناميت، خاصة وأن أذى البلاستيك قد لا يقل خطورة عن أذى الديناميت رغم فوائده الجمّة في الصناعات الطبية على وجه التحديد وغيرها.