نجيب الزامل

للأسف فإن البعضَ يفضلونه منهجا للبحث عن الحقيقة، التي هي قد تكون أبعد ما تكون عن الحقيقة.

هؤلاء يسقطون المنطق ويفتشون في الضمائر.

هؤلاء لا يهمهم ما تقول وماذا تفعل، ولكن المهم عندهم الغوص الزائف في النية وما تخفيه من أهداف خفية، وهم لا يعلمون عن إن كان المقصود يعرف حتى معنى الأهداف الخفية.

هؤلاء العباقرة يعتبرون من يبني حكمًا على الظاهر ساذجًا، وهم وحدهم يعلمون ما تحت الظواهر، ويرون ما تطويه تحت جناحيك، حتى وإن لم يكن لك جناحان في الأصل.

هؤلاء الأفذاذ يتمتعون بقدرةٍ جبارةٍ على معرفة المجهول وإلقاء القبض على المقاصد والنيات. وكشف ما تخفيه في أعماق أعماق قلبك من نبضات.

ومن هذا المدخل فهم يحررون شهادات الإيمان والكفر والولاء والأصالة والتبعية والتقاعس والتخريب وحتى نشاط التهريب.. إلى آخر تلك الأمور الغيبية، التي نؤمن بأن الله وحده أعلم بها.

ومن الأمانة في كفاءة مفتشي الضمائر أن نعترف لهم بالجودة الإجرائية فتجد شهاداتهم مطبوعةً ومعدّةً سلَفًا.. ما شاء الله، عيني عليهم باردة.

وللدقة وللأمانة، خوفًا من الله، نقول إن إخواننا هؤلاء ليسوا بدعةً في هذا المنهج، ولا هم من اخترعوه. فهو مسلَكٌ قد جُرب من قبل وكان مفعوله مؤكدًا في إشاعة الخوف بين الناس والإرهاب. ورواده الأوائل دخلوا التاريخ ولكن من منافذه الخلفية، عبر تلك الشقوق التي يتسربُ منها الأشرارُ وأعداءُ الإنسانية والإنسان..

وسجلت كتب التاريخ ما فعلوه، ولكن في صفحاتٍ قاتمةٍ وحزينة، ما زالت تهز ضمائر الطيبين وتثير خجلهم.

وإني أدعوكم في العصر الرقمي هذا أن تحافظوا على ما تحتويه قلوبكم بقفل لا يفتح إلا برقم سري بعشر خانات.. لعلكم تسلمون من مفتشي الضمائر.

وسلامتكم.