فهد السلمان

تسلل صل ذات يوم إلى إحدى ابتدائيات البنات التي كانت تستقر في مبنى قديم مستأجر في إحدى البلدات، فاصطخبت الصفوف، وتداعت التلميذات مع معلماتهن إلى ساحة المدرسة، وأصبح الجميع يتحسس مواطئ أقدامه، في جو من الهلع العارم كلما لامس إبهام إحدى الطالبات قدم زميلتها التي تلتصق بها من الذعر. كان الحل الوحيد هو الاتصال بالدفاع المدني الذي أخرج الطالبات، وبدأ في تفقد المدرسة لكنه لم يعثر للثعبان على أي أثر، خاصة وأن المبنى يمتلئ بالشقوق، والجحور، وبعد بحث مضنٍ قرروا أن يعيدوا التلميذات إلى صفوفهن مع التوصية بالحذر، عاد الجميع على مضض، لكن ما هي إلا أجزاء من الساعة حتى ساد الهرج والمرج بعد أن ادعت إحدى الصغيرات أنها شاهدت الصل بالقرب من دورات المياه، ليعود الدفاع المدني مجددا، ويخرج الطالبات، ليعاود البحث إلى نهاية اليوم المدرسي دون جدوى، ما دفعه إلى رش كل المواقع المحتمل اختباء هذا الضيف الثقيل فيها ببعض المواد السامة بعد انصراف الجميع.

في اليوم التالي تكرر ذات الفيلم، لكن هذه المرة كان هنالك بعض أولياء الأمور عند باب المدرسة في حالة ترقب، ما دفع بعضهم لأخذ بناته على قاعدة «ابعد عن الداب وشجرته». لم تنته قصة «الصل» أو «الثعبان»، فقد أقسمت إحدى الطالبات في اليوم الثالث أنها شاهدته بأم عينيها عند مدخل غرفة المعلمات، فساد الصخب مرة أخرى في الوقت الذي جاء الدفاع المدني من جديد ليحفر بعض الشقوق ويسدها بالإسمنت، وعندما غادرت الفرقة مبنى المدرسة صرخت إحدى المعلمات مؤكدة رؤيتها له في فراغ قاعدة دفاية في غرفة المعلمات، في هذه الأثناء كان هنالك شاب يمر بالصدفة جوار المدرسة حيث رأى حشد أولياء الأمور في غير موعد بدء أو انتهاء اليوم الدراسي على غير العادة إلى جانب بعض آليات الدفاع المدني، وبعدما تبين الأمر قال: إن لديه بعض المعرفة في سلوك الثعابين ومعرفة أماكن اختبائها، لم يصدقوه بادئ الأمر، وتوهموا أنه ربما أراد استغلال الموقف للتلصص على النساء، غير أن تكرار حادثة الإبلاغ بمشاهدة الصل جعلهم يرضخون لكل الخيارات بما في ذلك عرض هذا الشاب، الذي دخل وتأمل كافة أرجاء المدرسة، وخلال أقل من ربع ساعة طلب سلما واستل الصل من إحدى زوايا الأسقف الخشبية.

في بعض الولايات الأمريكية هنالك متطوعون متخصصون في التعامل مع الحيوانات المفترسة، وآخرون متخصصون بالزواحف كالتماسيح والثعابين، يسجلون أسماءهم تطوعا لدى قوات الدفاع المدني؛ للاستعانة بهم عند الحاجة. ترى كم لدينا من أمثال هؤلاء ممن لم نستفد منهم لا تطوعا ولا مقابل أجر؟.