محمد البكر

لطالما تحدثنا وأشرنا إلى أن خطب الجمعة التي نسمعها لا تتماشى مع مشاكل المجتمع، ولا تتفاعل مع قضاياه، ولا تتحدث في معظمها إلا عن الموت والنار والعذاب، مع أن في حياتنا اليومية عشرات القضايا التي تهم المجتمع والأسرة والبيئة التي نعيش فيها ونتمتع بخيراتها. ولقد أشرت في مقالات سابقة حول هذه الملاحظات التي سمعتها من عشرات الناس كبارا وصغارا، مواطنين ومقيمين. فخطبة الجمعة فرصة للتعليم والتهذيب والإرشاد والنصيحة للأب والأخ والابن والصديق على حد سواء.

وبينما كنت أناقش هذه القضية مع أحد الأصدقاء وصلني تسجيل لخطيب جامع «مليحة» في مدينة عنيزة الشيخ عبدالمحسن القاضي -جزاه الله عنا وعنكم كل خير-. خطبة كانت مختصرة لكنها في صميم ما يحتاجه المجتمع خاصة في هذه الأوقات من السنة. حيث الأمطار والخيرات والكشتات التي من الله علينا بها هذه السنة، وما صاحبها من رغبة ملحة ومغرية للعائلات والشباب للاستمتاع بطلعات البر.

خطبة الشيخ القاضي رسالة واضحة للمتنزهين الشباب، ناصحا إياهم بالمحافظة على البيئة الصحراوية ومحذرا لهم من خطورة الاحتطاب الجائر، ومن ترك نفاياتهم ومخلفاتهم بعد انتهائهم من رحلتهم، وموضحا لهم أن إسلامنا مدرسة وقرآننا منهج وسنتنا تعليم وبيان. كما عكف شيخنا «أبو عمر» على التذكير بأن التعدي على الأشجار بجرها بالسيارات من جذورها يتعارض مع شكر الله على نعمة المال والصحة والفراغ التي منحها الله لذلك الشاب المستهتر.

لقد شدتني تلك الخطبة من خلال ما احتوته من فصاحة اللسان ومضمون ما جاء فيها من بيان وشواهد وحكم وعبر.

ليت كل الخطباء مثل الشيخ عبدالمحسن القاضي، وليت كل الخطب كخطبته. فلقد أوصل رسالته بكل شفافية ووضوح بعيدا عن التهديد والوعيد. ولكم تحياتي.