عبدالعزيز محمد الذكير

تكاد تكون لعبة البلوت فنا اجتماعيا شائعا فى بلادنا. قل في أجزاء من منطقة الخليج مثل الكويت. وأصل الكلمة كرية تستخدم في الاقتراع السرى أو ورقة اقتراع أو تصويت ودخلت الإنجليزية من الإيطالية pallote.

وفي اللعبة تسقط الألقاب بين اللاعبين فلا رفعة ولا نياشين. وأيضا لا تسمع معالي ولا سعادة ولا دكتور ولا شيخ..

انزل يابو سعد.

عندك يابو ناصر.

ولورق اللعب عند بعض الأشخاص مكانة وافتتان، وعرفتُ رجلا لا تخلو سيارته، وربما جيبه من ورق اللعب، خشية أن تُدركه ساعة حاجة.

وصور الملوك في ورق اللعب هي لملوك حقيقيين في التاريح هم الملك داوود. يوليوس قيصر. شارلمان والإسكندر المقدوني.

وقيل إن اللعبة لم تعد مالكة زمام السيطرة في أحوالنا الحالية بعد سيطرة وسائل الاتصال الاجتماعي، خصوصا في الفئات العمرية الشابة. وقال آخرون بعكس ذلك فمدمنو اللعبة من فئات عمرية أكبر وليس لديهم في مجالسهم ما يُنافس تلك اللعبة.

لا أعرف لماذا تسقط الألقاب وتزول الكلفة في لعبة البلوت. ويصر بعض المحررين في صحافتنا إلا ما ندر على التمسك بـ... «شعر معالي الدكتور فلان. أو: صدر ديوان لسعادة الدكتور. أو: من كلمات معالي.(..).

أدخل إلى موضوع الألقاب والرُتب.

لوكنتُ عريف ندوة أدبية أو فنية لقدمتُ خالد الفيصل باسم الشاعر خالد الفيصل. أو الفنان، وأترك الاسم الوظيفي ليستعمله آخرون عند افتتاح مشروع تنموي أو عمل خيري، أو سؤال يتعلق بوظيفته كموظف عام.

أعتقد أن الشاعر يحب ذلك أيضا بدليل أن خالد سمى نفسه «دايم السيف». وثبت هذا في ذهن القراء.

قال الشاعر بشارة الخوري، الأخطل الصغير مخاطبا المتنبي:

طلبت بالشعر دون الشعر منزلة

فشاء ربك أن لا تُدرك الطلبا

إيهِ أخ الوفرة السوداء كم ملكٍ

أعاضك التاج منها لو بها اعتصبا

أهل الكلمة والفن والعطاء الأدبي يرون في لقب الشاعر وساما لا يُعادله وظيفة ولا مركز عمل فهم في ذاتهم وذهنهم بلغوا المكان المُرجى سمعة وشهرة وذيوعا وانتشارا..

في ندوة علمية مثلا من حق المتحدث أن يتمتع بلقبه الأكاديمي ووظيفته وكل تقدير أو جائزة حصل عليها، ولا بد أن يظهر باسم الدكتور فلان، رئيس قسم العلوم في جامعة كذا (مثلا)).

نعم، من حقه هذا وفوقه أكثر..

لكن أن تأتي شركة إنشاءات معمارية وتضع لافتة دعائية على منزل تحت الإنشاء وتكتب: تشييد فلة سكنية.. لسعادة الدكتور (...)، فهذا هو النشاز بل قلة الذوق.

وأعتقد أن سحر الكلمة وبريقها، خصوصا الشعر المقفى صارت له جاذبية تصل إلى حد الولع.

كلمة الشاعر النابعة عن وطنية وغيرة وإخلاص هي أبلغ وأسمى من الألقاب.