خليل الفزيع

مؤخرا تم افتتاح مهرجان «التمور المصنعة» بالأحساء، في احتفالية تليق بهذا المنتج الذي طالما نادينا بتطويره وتوسيع دائرة الاهتمام به، وفي كل عام يفتتح فيه هذا المهرجان، تتقافز إلى ذهني وربما أذهان الكثيرين من أبناء الأحساء أسئلة حادة، تجرح الفرحة بهذا الاحتفال الجميل، فالمهرجان يغيب عنه عنصر هام وهو الفلاح، وكل ما يمكن مشاهدته هم تجار التمور الذين يبالغون في ديكورات محلاتهم في أرض المعارض، والتي سيدفع ثمنها المستهلك دون شك، فهي تكلفة مضافة سيكون لها حسابها عند تحديد أسعار التمور المعروضة، ولا بأس أن تكون بالشكل الجذاب لكن دون مبالغة، ليس هذا هو المهم.. بل المهم هو غياب الفلاح عن هذا المهرجان، وغياب المؤسسات الرسمية المعنية بالتمور، فلماذا لا يكون الحضور مؤثرا لجامعة الفيصل بأبحاثها العلمية العديدة عن التمور، وكذلك وزارة الزراعة التي هي معنية بشكل مباشر بتقديم أنشطتها في هذا المجال؟ والسؤال: ما هو «السيناريو» المعتاد لهذا المهرجان؟.

لنبدأ الحكاية من أولها، لنعرف أن حصول التجار على التمور من المزارعين وقت «الصرام» تتم في «حراج» يقام بمدينة الملك عبدالله للتمور بشكل غير سليم، لعدة أسباب، الأول: هو أن المزارع لا يُعطى فرصة كافية لبيع منتجه بالسعر المناسب، فالوقت المحدد لكل مزارع قصير ويجبره على البيع حتى وإن لم يكن السعر مجزيا، مع أنه لا يوجد ما يمنع تمديد البيع لكل مزارع حسب هواه، لكسر احتكار بعض التجار لشراء التمور، والأولى أن تكون هناك مسارات أكثر للبيع، وأن يضاعف الوقت المحدد للبيع حتى وإن استغرق البيع عدة شهور، لأن جهد موسم كامل لا يمكن اختصاره في نصف ساعة أو ساعة أو حتى خمس ساعات لكل مزارع، ومدينة الملك عبدالله للتمور تحتاج إلى حراك يستمر طوال العام، وليس لعدة أسابيع تباع فيها التمور بسرعة فائقة لتظل المدينة خاوية على عروشها طوال العام، بينما المفروض أن تعمل طوال العام، وتمديد وقت البيع يتيح للجمهور فرصة التردد على المدينة لشراء احتياجاتهم من التمور «وقت الصرام»، خاصة إذا صاحبت ذلك بعض الفعاليات التسويقية الجاذبة للجمهور، لا أن تحتكر الشراء فئة التجار فقط، والخاسرالأول هو المزارع الذي لا يتاح له الوقت الكافي لبيع منتجه بالسعر الذي يرضيه، أما الخاسر الثاني فهو المستهلك الذي لا تتاح له الفرصة للشراء للسبب ذاته، ولو توفر الوقت وتوفرت الفعاليات المصاحبة والجاذبة في هذا الوقت؛ لتمكن المستهلك من التردد على موقع «الحراج» ليختار ما يكفيه من التمور لبقية العام، وما من بيت في الأحساء إلا ويحتاج للتمر، وما لم تتح له الفرصة وقت «الحراج»؛ سيضطر لدفع قيمة مضاعفة يفرضها التجار بعد ذلك.

المحير في الأمر، أن يقام هذا المعرض على أرض مستأجرة! بينما مدينة الملك عبدالله للتمور تفتح ذراعيها لمنتجي ومسوقي التمور، ولا مجيب!، مما يطرح سؤالا بحجم الكون من المستفيد من ذلك، من المستفيد من المبالغ الطائلة التي يدفعها الداعمون للمهرجان، والتي يمكن أن تسهم في التسريع بإنجاز مرافق المدينة لو احتضنت مثل هذا المهرجان، مع أنها بوضعها الحالي مستعدة لاستضافة هذ المهرجان؛ لأن الأرض المستأجرة لا يميزها عن أرض مدينة التمور أي شيء، فما هي سوى منشآت مؤقته بأرض المعارض، يمكن إنشاؤها في أرض المدينة، إلى جانب المميزات المتوفرة في هذه المدينة: من المواقف التي تستوعب عددا لا يحصى من السيارات، ومكانها الإستراتيجي على الطريق المؤدية لدول الخليج العربية، وبذلك يستفيد من المهرجان العابرون إلى هذه الدول، إضافة إلى سهولة الوصول إليها لأنها بعيدة عن الازدحام والارتباك المروري كما هي الحال الآن، حتى أن المواطن لا يصل إلى مقر المهرجان إلا بشق الأنفس، فلماذا الإصرار على إقامة المهرجان في مكانه الحالي؟ وما هي الدوافع لهذا الإصرار؟. (يتبع).