شهد بالحداد - الدمام

تجسد مثالا حيا للمدينة العربية قبل الإسلام وتستعد لدخول «اليونسكو»

قرية الفاو الأثرية تقع في الجنوب الغربي من العاصمة الرياض، في المنطقة التي يتقاطع فيها وادي الدواسر مع جبال طويق عند ثغرة في الجبل تسمى «الفاو»، ليتم تسمية القرية عليها، وهي عاصمة مملكة كندة الأولى، حيث اتخذها الكِنديون عاصمة لملكهم منذ القرن الرابع قبل الميلاد وحتى القرن الرابع للميلاد، فيما تبعد القرية قرابة 300 كم شمال نجران.

وتشرف قرية الفاو على الحافة الشمالية الغربية للربع الخالي، فهي بذلك تقع على الطريق التجاري الذي يربط جنوب الجزيرة العربية وشمالها الشرقي، حيث كانت مركزا تجاريا مهما وملتقى للقوافل، التي تحمل المعادن والحبوب ‏والنسيج، وكانت عامرة بالمساكن والمخازن والحوانيت والفنادق، وبها أكثر من 17 بئرا، ‏واشتغل أهلها بالتجارة والزراعة.

» موقع أثري مهم

وتعتبر قرية الفاو من أهم المواقع الأثرية لما تجسده من مثال حي للمدينة العربية قبل الإسلام بكل مقوماتها، ولما تحمله من معالم أثرية كثيرة، من التلال الأثرية، والقصر والسوق الضخم المكون من ثلاثة طوابق وتحيط به الأسوار العالية والأبراج من جهاته الأربع، وهو بمثابة خان للقوافل التجارية التي كانت تنزل في «الفاو».

وكشفت أعمال التنقيب عن عدد كبير من المعثورات الأثرية التي تبرز مستوى متقدما من المدنية، وتوسع شبكة علاقات سكان «الفاو» التجارية وصلاتهم الحضارية، حيث يحتوي الموقع على مجموعة من المجسمات ‏البرونزية التي أعطت بعدا حضاريا جديدا، والمقابر المتنوعة في أشكالها، ‏والكتابات التي وجدت بالحرف الجنوبي المسند، كما تم العثور على قطع أثرية في ‏الموقع يجري ترميمها حاليا، وقطع أخرى يتم عرضها في معرض ‏روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور.

» تأهيل الموقع

كما يجري العمل حاليا على تسجيل القرية في قائمة التراث العالمي «اليونيسكو» ضمن المواقع الأثرية العشرة بالسعودية، كما جاء الاهتمام بالموقع منذ أربعينيات القرن العشرين من موظفي شركة أرامكو السعودية، حيث بدأت الزيارات والدراسات وعمليات التنقيب.

وفي عام 1434 تم تدشين أعمال مشروع ‏تأهيل موقع الفاو الأثري بهدف إعادة فتحه وتوسعته لتبلغ مساحته أكثر من 16 كيلو مترا مربعا، إضافة إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الثقافية ‏والاجتماعية والاقتصادية، ومنها تأهيل موقع «الفاو» ليكون معلما تاريخيا وشاهدا حضاريا ‏متاحا للزوار، وتنمية السياحة الوطنية في المملكة، إضافة إلى عرض المكتشفات الأثرية للدارسين والباحثين ‏والمهتمين بالتراث الثقافي وزائري المنطقة، ودعم الاقتصاد المحلي وتوفير فرص عمل ‏جديدة.

ويتكون المشروع من (10) عناصر، هي المنشأة الرئيسة فوق المنطقة السكنية، ومنشأة السوق الرئيس، ومركز الزوار والعرض المتحفي، ومسارات الزيارة، وعرض المواد الأثرية المنقولة التي تم الكشف عنها في الموقع، ومركز الأبحاث، والمرافق المساندة، والبنية التحتية الإضافية اللازمة، وترميم المباني والظواهر المعمارية التي كشفت في الموقع.