تتوالى هذه الأيام احتفالات التكريم على كافة المستويات وخاصة ذات الصلة بالتعليم بمراحله المختلفة حيث تقام حفلات التكريم للمتقاعدين من المعلمين والمشرفين وقادة المدارس، وتقام حفلات التخرج لطلاب المراحل التعليمية المختلفة وغيرها من المناسبات والجهات والتكريم.. من حيث المبدأ هو أمر محمود لأسباب عديدة أولها إبداء العرفان والتقدير للمتقاعدين على ما بذلوه من جهد طوال عملهم، وللمتميزين من الموظفين على إخلاصهم وجودة أدائهم ومنجزاتهم وما حققوه للجهات التي يعملون فيها من منجزات وما استطاعوا أن يرسموه من صورة ذهنية إيجابية لدى المجتمع عن الجهات التي يعملون فيها، وهو كذلك مناسبة لإدخال مشاعر الفرح على الآباء والأمهات الذين ينتظرون اجتياز أبنائهم المراحل الدراسية واحدة بعد أخرى بفارغ الصبر، خاصة أولئك الذين يتخرجون من المرحلة الثانوية ويستبشر آباؤهم وأمهاتهم لأنهم يضعون أقدامهم على عتبات المرحلة الجامعية وما يتلو ذلك من مستقبل مشرق -بإذن الله-، وكذلك خريجو الجامعات الذين بتخرجهم تتم الفرحة الكبرى للآباء والأمهات. ما يهمني هنا بصراحة هو ما يتعلق بمراحل التعليم العام وخريجيها بشكل خاص وقد يتعدى ذلك إلى المرحلة الجامعية أيضا حيث ينبغي توظيف هذه المناسبة لتحقيق أهداف تربوية، بل وتطبيق هذه الأهداف ميدانيا حيث أسعد كثيرا عندما أجد بعض المدارس تعطي الدور الأكبر للطلاب في التخطيط والإعداد والتنفيذ بمتابعة وعون وإرشاد من قائد المدرسة والمرشد الطلابي ورائد النشاط بحيث يمارس الطلاب من خلالها مهارات التخطيط والتنفيذ والبحث وطرح الأفكار والاقتراحات، ويعملون بروح الفريق، ويعتادون على تحمل المسؤولية وتنظيم الوقت وغير ذلك من المهارات التي يمكن أن يكتسبوها من خلال هذه الممارسات أكثر ألف مرة مما يمكن أن يكتسبوها من خلال المواد النظرية ذات الطبيعة المعرفية البحتة، وأعتقد جازما أن ذلك يمكن أن يبدأ حتى في المرحلة الابتدائية العليا بحيث يتحمل الطلاب مسؤوليات ويقومون بأدوار تتناسب مع قدراتهم، ثم تزداد هذه المهام والمسؤوليات كلما ارتقوا في السلم التعليمي وصولا إلى تحمل كامل أو شبه كامل في المرحلة الجامعية، ولربما في نهاية المرحلة الثانوية هذا إضافة لما يمكن أيضا أن يمارسوه من الهوايات وما يمكن اكتشافه وتنميته من مواهب الكتابة والخطابة والإلقاء والإنشاد والتمثيل وغيرها. ومع كل هذه الإيجابيات فإن هناك ملاحظات لا بد من إبدائها حول هذه الحفلات والمناسبات، وإن كانت ليست عامة إلا أنها موجودة ويمكن تلافيها بقليل من الاهتمام وأولاها المبالغة في النفقات والتكاليف، وخاصة حين تحرص بعض الجهات على إقامتها في صالات الاحتفالات وربما في الفنادق مما يؤدي ليس إلى مضاعفة النفقات فحسب، بل أيضا تشجيع التوجهات التي نحرص على تجنبها من قبل أبنائنا في سلوكهم اليومي وهي الإسراف وتكليف الناس فوق طاقتهم، وكذلك استثناء الطلاب من أي دور في التخطيط والإعداد والتنفيذ وهو ما يفوت الفرصة لتحقيق الأهداف التربوية التي أشرنا إليها آنفا، وكذلك عدم العناية بأن يكون كل ما يقدم من الفقرات باللغة العربية الفصيحة وكثرة الفقرات التي تستخدم العامية في الخطاب أو النشيد، أو حتى قيام أشخاص من غير الطلاب بالأدوار الرئيسة في الفقرات التي يتم تقديمها وهي من المعايير التي يجب أن يؤخذ بها عند التخطيط لإقامة مثل هذه الحفلات، ولا شك أن ما تصدره الوزارة من التعليمات والتعاميم يتضمن الكثير من التوجيهات والإرشادات والاشتراطات التي تضمن تحقيق الأهداف التربوية، وتجنب كل ما يمكن أن يرسخ سلوكيات تقلل أثر ما يتعلمه طلبتنا من مبادئ وآداب تعتني بها مؤسسات التعليم وتحرص على تحقيقها.